شعار قسم مدونات

مونديال 2026.. هل يواصل المغاربة الحلم؟

مدونات - ترشيح المغرب لمونديال 2026
تنفس المغاربة الصعداء بمرور الملف المغربي إلى مرحلة التصويت في السباق نحو تنظيم كأس العالم 2026 مع الملف الثلاثي الأمريكي الكندي المكسيكي، بعدما منحت لجنة التقييم "تاسك فورس" الملف المغربي نقطة "2.7" وهي نقطة غير موجبة للإقصاء، في حين منحت الملف المشترك الأمريكي الشمالي نقطة 4 من أصل 5. أيُعد التأهل لمرحلة التصويت إنجازا في حد ذاته للمغرب؟ ألن يكون للنقطة التي مُنحت للملف المغربي مقارنة مع النقطة التي نالها الملف الخصم تأثيرا في مرحلة الحسم؟ وما سبب تفضيل الولايات المتحدة الأمريكية تقديم ملف مشترك رفقة المكسيك وكندا بدل ملف مستقل؟ 

  
جاء قرار لجنة التقييم التابعة للفيفا بمنح الملف المغربي نقطة تسمح له بالمرور للمرحلة الحاسمة ليبدد مخاوف الشعب المغربي والمسؤولين الذين كانوا يخشون إقصاء مرا سيضرب بالمجهودات التي بُذلت لإقناع اللجنة بجدية المغرب عرض الحائط، لاسيما بعد فرض الفيفا يوما واحدا قبل تاريخ التقديم الرسمي للملفات لمعايير محدثة -وصفها البعض بالتعجيزية- وجب على البلدان المرشحة الراغبة في المنافسة احترامها للمرور إلى مرحلة التصويت النهائية.

  

لا يخفى على أي متتبع خطر تجاوزات ترامب الذي لم يستنكف عن تهديد البلدان التي أعلنت عن منح صوتها للمغرب -لاحتضان مونديال 2026- بوقف المساعدات التي تقدمها بلاده لها

صحيح أن المغرب خطى خطوة جبارة في طريقه لاحتضان كأس العالم 2026 بتجاوزه عقبة تاسك فورس، إلا أنه بذلك لم يقطع سوى نصف الطريق ولا يمكنه أن يكتفي بهذا القدر، إذ سبق للمغرب أن قدم ترشيحه لاستضافة المونديال في أربع مناسبات سابقة دون نيل مراده. وحاول المسؤولون المغاربة هذه المرة تجاوز النواقص التي اعترت ملفات المغرب في السابق لإقناع العالم أنه عمل جاهدا على تقديم ملف بضمانات لإنجاح هذا العرس العالمي.

  
ولن تكون طريق المغرب لنيل شرف احتضان مونديال 2026 مفروشة بالورود، ويكمن أول عائق يعترض طريقه في النقطة التي حصل عليها من لجنة التقييم التي وإن مكنته من أن يكون طرفا منافسا يوم التصويت، إلا أنها قد تدفع الاتحادات الكروية التي لم تقرر بعد لمن ستمنح صوتها إلى الشك في قدرة المغرب على تنظيم بطولة من هذا النوع، وتلك التي قررت في وقت سابق دعم الملف المغربي إلى العدول عن هذا القرار.

  
ولا يخفى على أي متتبع خطر تجاوزات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي لم يستنكف عن تهديد البلدان التي أعلنت في وقت سابق عن منح صوتها للمغرب بوقف المساعدات التي تقدمها بلاده لها، وهو ما يتعارض كليا مع قوانين الفيفا التي تمنع منعا باتا تدخل السياسة في الرياضة. ومن المفاجئ أن أكبر جهاز كروي لم يحرك ساكنا تجاه ما يقوم به الرئيس الأمريكي، في حين أنه تدخل في يوم من الأيام لإيقاف الاتحاد الكويتي لكرة القدم بعلة تدخل السياسية في الرياضة، أي الشيء نفسه الذي تصنعه أمريكا حاليا.

   undefined

 

ومن الجلي أن عملية التصويت تدخل فيها اعتبارات لا صلة لها بقدرة هذا البلد أو ذاك على إنجاح هذا التظاهرة العالمية، فمنها ما هو سياسي من قبيل ما ذكرناه من الضغوطات التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية لانتزاع الأصوات، وما هو جغرافي المتمثل أساسا في مساندة دول لملف دون الآخر بحكم الجوار. بالإضافة إلى اعتبارات قائمة على الانتماء، والمقصود هنا الانتماء إلى القارة نفسها والقومية المشتركة، أو على التبعية الاقتصادية وهو ما تجسده مواقف بعض البلدان المنتمية إلى العالم الثالث التي ستجد نفسها مضطرة للتصويت لصالح الملف الأمريكي الشمالي مقابل الاستفادة من المساعدات المالية التي تمنحها إياها أمريكا.

  
ويقودنا النظر إلى الملف الأمريكي المشترك إلى الحديث عن الولايات المتحدة الأمريكية التي تخطف كل الأضواء من شريكتيها كندا والمكسيك، والحال أن أمريكا ستنال، إن تمكن هذا الملف من استضافة مونديال 2026، نصيب الأسد من المباريات، الشيء الذي يدفعنا إلى التساؤل عن سبب تقديم بلاد العم سام ملفا مشتركا، علما أنها فعليا المستضيف الأساسي للبطولة في حالة الفوز. 

  
ومن المحتمل أن يكون ما جعل الولايات المتحدة الأمريكية تلجأ إلى تقديم ملف مشترك هو الخوف من الإخفاق في نيل الأصوات الضرورية للفوز بتنظيم مونديال 2026 في ضوء التوتر الذي يطبع علاقة أمريكا مع عدد من دول العالم منذ مجيء دونالد ترامب. ولهذا يبدو أن الغرض من وراء التسلح بكندا والمكسيك هو الاستفادة من الأصوات التي يمكن لهاذين البلدين جلبها لهذا الملف، تجنبا لأية مفاجأة غير سارة يوم التصويت. 

  
ومن حسن حظ الملف المغربي أن التصويت سيكون علنيا، مما لن يترك مجالا للتلاعب في الأصوات مرجحة كفة طرف عن طرف. وحري بنا الإشادة بهذا الملف الذي يختلف كليا عما سبقه من حيث جدية الوعود التي قطعها أمام العالم والضمانات الفعلية التي قدمها من أجل إنجاح تنظيم نسخة 2026.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.