شعار قسم مدونات

هل تعاني الأونروا من أزمة مالية؟

BLOGS الأونروا

تتجه الأنظار هذه المرة إلى مؤتمر الدول المانحة الذي سيُعقد في 25 الجاري في نيويورك بالولايات المتحدة، والذي ينتظر أن يخرج بتعهدات مالية جديدة لدعم استمرارية عمل وخدمات "وكالة الأونروا" بعد العجز المالي الذي تعاني منه وذلك في إطار سعي المفوضية العامة "للأونروا" لتحشيد المزيد من الدعم الدولي للوكالة بعد قرار الإدارة الأميركية تعليق القسم الأكبر من مساهمتها في تمويل الوكالة وظهور ما تسمى بـ "صفقة القرن" التي أعلنها رئيس الإدارة الأميركية ترامب الذي بات واضحاً من أهدافها هو التخلص من القضايا الأساسية كقضية القدس وقضية اللاجئين.

 

وذلك بالتزامن مع اعتراف الإدارة الأميركية بالقدس عاصمة "للكيان الصهيوني" في 6 / ديسمبر الماضي ونقل سفارة بلادها في 14 / مايو الماضي وقد سبق ذلك تدرّج "وكالة الأونروا" في سياساتها عندما بدأت بسلسلة تقليصات شملت بدل الإيواء وبدل الطعام وبدل اللباس لفلسطينيي سوريا، فلم تكتفي بذلك فهناك تسريبات باتخاذ قرار بشأن إغلاق بعض المدارس، في عملية تشكل خطوة استباقية بمثابة بالون اختبار وجس نبض الأهالي والمجتمع المحلي والقوى السياسية، فإذا نجحت هذه التسريبات ولم يتخذ أي إجراء معاكس لهذا القرار ستطال هذه الخطوة مدارس ومراكز صحية.

المشكلة مع وكالة "الأونروا" ليست مشكلة تقليصات خدماتية وتعليمية وصحية، بل لأنها شاهد أساس على نكبة الشعب الفلسطيني وتمسكنا بها ضروريا

أن هذه الخطوات وغيرها تأتي في إطار التضييق على اللاجئين الفلسطينيين سواء من خلال ما يحصل في لبنان من إغلاق مدارس أو ما يحدث في سوريا وبالضفة الغربية وغزة، في عملية ممنهجة تقودها الإدارة الأمريكية بشكل واضح وصريح نحو الضغط على أهم مقدم خدمات للاجئين الفلسطينيين وهي "الأونروا" التي تقوم بتقديم خدمات من التعليم إلى الإغاثة الصحية، وكما نعلم أن الإدارة الأمريكية هي من أكبر الداعمين "للأونروا" وأن إدارة ترامب إذا توقفت عن دعم "الأونروا" سيصبح لدى الأخيرة عجزاً كبيراً وبالتالي سيتم تقليص هذه الخدمات من أجل الضغط على الفلسطينيين وعلى الدول المجاورة المضيفة للفلسطينيين من أجل القبول بالصفقة المسماة "صفقة القرن" وبالتالي حل قضية الفلسطينية بمعزل عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين وبمعزل عن موضوع القدس وحتى عن تحديد حدود الدولة التي يأمل بها الشعب الفلسطيني.

وعلينا أن نتساءل بشكل أكثر موضوعية هل هذه الإجراءات التي تتبعها وكالة "الأونروا" من تقليصات وغيرها هل بالفعل ناتجة عن أزمة مالية حقا؟ الحديث عن الإجراءات والتقليصات التي قامت بتنفيذها "الأونروا" بشكل تدريجي أصبح حديث الساعة لكل اللاجئين الفلسطينيين وذلك لأهميته، خاصة في ظل هذه الظروف المأساوية التي يعيشها اللاجئ الفلسطيني في لبنان ومعها المناطق التي تشرف عليها "الأونروا" قطاع غزة، الضفة الغربية، سوريا، الأردن. وهل استشعر أصحاب القرار الفلسطيني حينها خطورة هذه الإجراءات أم أنها تركت الأمور تجري إلى ما تجري بها المقادير؟

القضية لم تعد أزمة مالية كما تدعي
القضية لم تعد أزمة مالية كما تدعي "الأونروا"! وإنما القضية باتت تستهدف وجود وكرامة الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية
 

أم أن هناك من هو متورط وعلى علم بالتحركات التي يسعى إليها أعضاء من الكونجرس الأميركي لحل وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين"UNRWA – الأونروا" على أن يتم معالجة قضايا اللاجئين الفلسطينيين بواسطة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين"UNHCR" والاستعاضة عن القرار 194 بقرار دولي يقضي بدفع تعويضات لفلسطينيي الشتات وتوطينهم وتكون بذلك انتهت مشكلة اللاجئين وتم شطب حق العودة؟!

إذا القضية لم تعد أزمة مالية كما تدعي "الأونروا"! وإنما القضية باتت تستهدف وجود وكرامة الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية والمشكلة مع وكالة "الأونروا" ليست مشكلة تقليصات خدماتية وتعليمية وصحية، بل لأنها شاهد أساس على نكبة الشعب الفلسطيني وتمسكنا بها ضروريا.

لذلك يستوجب علينا النهوض والوقوف في وجه هذه المخططات التي تستهدف القضية الفلسطينية، وتسليط الضوء على التحديات التي تواجه اللاجئين والسعي لتحسين الخدمات من خلال البحث عن مصادر تمويل جديدة وأن يكون ذلك متزامناً مع تصاعد و تناد جماهيري ورسمي واسع وتوجه إلى مجلس الامن وهيئة الامم المتحدة وجامعة الدول العربية وتحميلهم مسؤولية ما يحدث للشعب الفلسطيني من كوارث انسانية..

ولن يكون الحل إلا بإلزام وكالة "الأونروا" لتقديم خدماتها كاملة للاجئين الفلسطينيين حتى عودتهم إلى ديارهم والتعويض عن كافة الخسائر التي ألمت بهم نتيجة زرع الكيان الصهيوني الغاصب على أرضه. وإن كانت الظروف الدولية والعربية قد نحت القضية الفلسطينية جانبا فإن الشعب الفلسطيني لن يترك حقوقه وسيفشل كل مؤامرات ومشاريع تصفية قضيته العادلة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.