شعار قسم مدونات

المنتخب المغربي.. مشاركة مشرفة وبعد!

blogs المنتخب المغربي

انتهت مغامرة المنتخب المغربي مبكرا في كأس العالم المقامة حاليا في روسيا، مغادرا إياها من دور ألِف الجمهور المغربي أن يشكل نقطة نهاية لمسار لا يزال في مهده، باستثناء ما حدث في كأس العالم 1986 بالمكسيك حينما نجح المغرب في التأهل إلى الدور الثاني كاسرا بذلك قاعدة الإقصاء من دور المجموعات التي سارت عليها جميع المنتخبات العربية والإفريقية آنذاك.

توسمنا كمغاربة خيرا في هذا المنتخب قبل انطلاق المونديال، لاسيما بعد التطور الكبير الذي شهده مستوى الفريق تحت إشراف، هيرفي رونار، والروح الانتصارية والقتالية التي أصبح يتمتع بهما اللاعبون والتفاؤل الذي طبع تصريحاتهم وتصريحات الطاقم التقني، ناهيك عن الظروف الجيدة جدا التي هُيئت للمنتخب ليُحضِّر كما ينبغي لهذه البطولة العالمية وغير ذلك من الأمور الإيجابية التي كانت تبعث على التَيَمُّن، رغم إدراكنا التام لصعوبة المهمة في مجموعة وصفت بمجموعة الموت بوجود بطلة أوروبا البرتغال وبطلة العالم في النسخة قبل الماضية إسبانيا دون نسيان أحد أقوى المنتخبات الآسيوية منتخب إيران، والنقطة المشتركة بين جميع هذه المنتخبات الثلاثة كونها تتفوق على المغرب في تصنيف الفيفا.

سيطر المغرب خلال مباراته الأولى سيطرة عقيمة أمام منتخب إيرانيٍّ كان سيسعد كثيرا بالخروج بنتيجة التعادل، فإذا به يخطف انتصارا تعدى سقف طموحاته، بالعودة إلى أطوار المباراة، بهدف لم يسجله أحد من لاعبيه بل سجله لاعب مغربي ضد مرماه. ظل المغرب وفيا لأسلوبه الذي يعتمد على اللعب الهجومي والاستحواذ على الكرة خلال المباراة الثانية أمام البرتغال وقدم أداء جيدا لكنه انهزم بهدف سُجل مبكرا وصمد إلى نهاية المباراة. بينما دخل أصدقاء بوصوفة المباراة الأخيرة ضد إسبانيا أملا في حفظ ماء الوجه أمام خصم مرصع بالنجوم، وذلك ما حصل بالضبط بتعادل نتيجته استقرت على هدفين في كل مرمى في مباراة شهدت أخطاء تحكيمية راح ضحيتها المنتخب المغربي.

لا يمكن اعتبار المشاركة المغربية في كأس العالم سلبية بالكامل رغم المغادرة، فالمنتخب المغربي أبان للعالم أنه قادر على مقارعة أكبر المدارس الكروية على غرار البرتغال وإسبانيا
لا يمكن اعتبار المشاركة المغربية في كأس العالم سلبية بالكامل رغم المغادرة، فالمنتخب المغربي أبان للعالم أنه قادر على مقارعة أكبر المدارس الكروية على غرار البرتغال وإسبانيا
 

أجمع كل المحللون الرياضيون على كون المنتخب المغربي تألق بشكل كبير في هذه الكأس خلاف ما قدمته باقي المنتخبات العربية التي تكبدت هزائم ثقيلة في بعض المباريات، غير أن عوامل عدة سنأتي على ذكرها لاحقا في هذه السطور حرمته من المنافسة على إحدى بطاقتي التأهل عن المجموعة الثانية. لكن مع الأسف لن يذكر التاريخ الأداء والمستوى المشرف الذي قدمه هذا المنتخب ولكنه سيحتفظ بمن فاز وتأهل، في حين يظل الإقصاء المذل راسخا في ذاكرة كأس العالم باعتباره وصمة عار على جبين ذاك المنتخب المقصي. فالمغرب قدم أجمل الصور في مونديال فرنسا 1998 وكان على مرمى حجر من التأهل إلى الدور الثاني لكنه أقصي وسط ظروف تبعث على الشك، وتعريف الإقصاء يظل نفسه ولا يتغير بتغير الظروف.

اجتمعت عدة عوامل لتساهم في هذا الإقصاء وإن كان بشرف، ومن أبرزها غياب النجاعة الهجومية خلال المباراتين الأولتين على الرغم من الفرص الكثيرة التي خلقتها الكتيبة المغربية لكنها لم تُترجم إلى أهداف في ظل افتقاد قناص يجيد استغلال أنصاف الفرص، وبعض النواقص التي عانى ويعاني منها المنتخب المغربي في بعض المراكز خصوصا في مركز الظهير الأيسر الذي أصبح صداعا في رأس المدربين الذين توالوا على تدريب المغرب، الشيء الذي دفع الناخب الوطني إلى الاستعانة بأشرف حكيمي الذي هو في الأصل ظهير أيمن، فضلا عن تصنيف الفيفا الذي جعل المغرب يوضع في المستوى الرابع مما يعني اصطدامه مبكرا مع منتخبات كبيرة وعن الأخطاء التحكيمية التي أضرت به خلال مبارتي البرتغال وإسبانيا.

ومع ذلك لا يمكن اعتبار المشاركة المغربية في كأس العالم سلبية بالكامل رغم المغادرة، فالمنتخب المغربي أبان للعالم أنه قادر على مقارعة أكبر المدارس الكروية على غرار البرتغال وإسبانيا واللعب ضدها دون مركب نقص، بحيث تحلى لاعبوه بالروح الوطنية وبل منهم من خاطر بحياته من أجل الوطن والحديث هنا عن، نورالدين أمرابط، الذي نال الإشادة نظير ما قدمه. ومن بين الأشياء الإيجابية التي يجب الوقوف عندها وتثمينها أيضا كون المنتخب المغربي يتوفر حاليا على العديد من اللاعبين الشباب المحظوظين بالمشاركة في هذه التظاهرة العالمية مما سيعود عليهم بالنفع وسيُكسبهم التجربة في القادم من المناسبات.

أصبح مونديال روسيا الآن جزءا من الماضي بالنسبة إلى المنتخب المغربي، إلا أن هذا لا يعني توقف العمل والشروع في تغييرات، عادة ما يُلجأ لها إثر كل فشل، ستعيدنا خطوة إلى الوراء، بل وجب استخلاص الدروس من الأخطاء المقترفة والمحافظة على المكتسبات وتطويرها ليكون المغرب مستعدا للاستحقاقات القادمة. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.