شعار قسم مدونات

القدس.. أحقاً نستحقها؟

blogs الأقصى

سمعت وأنا في طريقي إلى مقصدي قبل بضعة أيام شبان في عمر السادسة عشر أو السابعة عشر لا أعلم يتحدثون بكل جدية وإخلاص في أحقية القدس والمسجد الأقصى للعرب والمسلمين فتعجبت وصعقت حينها وكأنني رأيت التخلف نفسه يتجسد على هيئة إنسان يتكلم! ولكن، ولكن إن سايرنا ذلك الصبي بتفكيره أحادي البعد لنرى الإجابة، ماذا ستكون يا ترى؟ نعم، هي إما أن نستحق وأما أن لا نستحق وها نحن نقف هنا على الناصية لنعلم.

حريتنا سلبت ولم يبق منها إلا فتات للذين ظلموا ومن حولهم، حقوقنا مدسوسة تحت أقدام من رضينا بهم حكاماً وأما إن تكلمنا عن كرامتنا، فأغلبنا مقتلع من أرضه ذاهباً إلى هنا وهناك ليجد لقمة عيشه أولاً فينتهي ليجد ما يلتهي به وكأن حيوانية الإنسان في العرب بارزة دوماً إلا عند ما نجني منه مالنا. فننتقل بعدما نجد لقمة عيشنا ليس للتطور والتعلم، لا بل لمزيد من الجهل والتخلف والمزيد من اللعب واللهو وإضاعة الأوقات التي قسم بها الله في سورة العصر في محكم التنزيل بقوله " والعصر". كل هذا نراه أمام أعيننا في كل دقيقة تمر وفي كل ساعة وما زلنا راضيين وراجيين ببقاء حالنا على هكذا. فبحق من خلق الكون أنستحقها؟ لا والله لا نستحق شبر من أراضيها، فهي لمن استخلفهم الله في الأرض بينما العرب اليوم تخلفوا أشد تخلف على هذه الأرض.

 

إن كان لك حقاً أيها العربي بالرجوع لوطنك فلتقم ومن معك ولتجاهدوا أنفسكم على قتل تخلفكم وأمميتكم ولتحاربوا الجهل الذي يسود بين أولادكم

قد تكون أخي العزيز حقاً تستحقونها لأنكم مسلمون، ولأنكن أمنتم بأن الله هو حده لا شريك له، ولكن إيمانكم بهذه المقولة وهذا الدين هو ليس إلا مجرد ادعاء وبهتان على أنفسكم. لو بحثنا في حقائق الإسلام لوجدنا أنه يدعو إلى عمل الخير ونبذ التعصب وقيم الجاهلية، ولاتعظنا من أول آية نزلت في هذا الكتاب والتي هي اقرأ. ولوجدنا أيضاً أنه يدعو للوحدة بكل معانيها وجوانبها ظاهراً كان أم باطناً وكأنه شيئاً مقدس تتجلى فيه معاني العزة والرفعة، وهو كذلك حقاً شئنا أم أبينا. ولكن إن نظرنا عن كثب لواقعنا الأليم لوجدنا فرق هائل في ما يجب أن يكون وما هو كائن، فالعربي يحاصر العربي في الخليج والشيعي يذبح السني في بلاد الرافدين وأما في الشام فانقسموا لفريقين، فقال الفريق الأول ليس أولئك على شيء والأخر قال ليس الأول على شيء والأصح أنهم الاثنين ليسوا على شيء أصلاً. لكن الأعجب والأعجب من هذا كله هو العنصرية والكره والعداء وأبغض أشكال الحسد والبغضاء بين شعوب تلك الأوطان بين بعضها في البلاد السليمة، فتاريخهم الواحد ورسولهم المتطابق ودينهم الوحيد ولغتهم المتماثلة وعرقهم المتشابه كل ذلك لم يتسبب في أي شيء تجاه وحدتهم سوى مزيد من العنصرية!!
   
أما حال من احتلوا أرضنا فيكفي أنهم يهود من شتى أرجاء الكون من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب لا شيء يوحدهم سوى مبادئهم وقيمهم فقد تكون لكل عائلة منهم لغة ولكل منهم تقاليد وعادات فهذا روسي وذاك أوروبي وثالثهم أمريكي. وما زالت الأيام تأتي ناظرين إليهم وهم على نفس اللغة " العبرية" وعلى نفس الدين وعل نفس المبدئ الأساسي " الصهيونية" يحيون من سبعين عاماً مع بعضهم البعض ولا شيء يفرقهم مع أنهم هم كل الاختلاف! لا والله أمثالنا لا يستحقون تلك الأراضي. 

  
إن كان لك حقاً أيها العربي بالرجوع لوطنك فلتقم ومن معك ولتجاهدوا أنفسكم على قتل تخلفكم وأمميتكم ولتحاربوا الجهل الذي يسود بين أولادكم، وكفوا عن الهراء وإضاعة الأوقات وانهضوا لتعمروا أرضكم فالقوم بعدما أخذوها عمروها وجعلوها جنة على الأرض بأنفسهم وما زال العرب لليوم يحتاجون لمن ينظف ورائهم!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.