شعار قسم مدونات

الأفارقة.. بين الحلم الأوروبي والاستقرار في الجزائر

مدونات - الأفارقة في الجزائر

هل يمكن القول أن وجود الأفارقة في الجزائر اختيار بديل محتم أم مفروض؟ أم هل يمكن العمل بإحصائيات دولية معتمدة من طرف الدولة الأم عن الظروف المؤدية لهذه النسبة الهائلة لنزوح هؤلاء نحو الشمال وبطريقة عشوائية؟ أصبحت قضية المهاجرين الأفارقة في الجزائر قضية شعبوية من الدرجة الأولى إذ تجد نسب متفاوتة بين مؤيدين ومعارضين لوجودهم وذلك راجع لتصرفاتهم وانعكاساتها على المجتمع وأنه ليس عليهم تحمل شيء ليس من صنعهم أو تدبيرهم، والبعض الآخر تكون نظرتهم إليهم من باب الإنسانية.

 

جنسيات مختلفة تصب في الجزائر باعتبارها منطقة ذات حدود شاسعة مع عدة دول أفريقية وما يجعلها أيضا معبر إفريقي لقاصدي الدول الأوروبية لأن أغلبيتهم يتخذونها فقط مسلك نحو أوروبا، لكن صعوبة الوصول إليها تفرض عليهم البقاء والاستقرار فيها لتجد الحكومة الجزائرية نفسها مع مرور الوقت مثقلة بعبء أمني واقتصادي إضافي.

 
كلمة مهاجر غالبا ما يرافقها مصطلح الأمن إذ تصنف أغلبية دول العالم المهاجر ضمن القائمة السوداء الاحتياطية نظرا لتواجده الغير شرعي في المنطقة ما يجعله قيد فكرة أنه قادر على أن يفعل كل ما هو غير قانوني. ورغم كل محاولات الدول الأوروبية المستقبلة في فرض عقوبات واستراتيجيات تحمل في طياتها التزامات دولية خاصة بالمهاجرين مستندة على دول إفريقيا في كبح تنقلاتهم من دولهم كونها منطقة عبور أولية وأيضا من خلال تتمة معاملات الهجرة لدخول البلاد عن طريق أناس من هذه الدول عارفين لطريقة سير الأمور ودارسين لتحركات الجيش كم هي عدد المرات التي نسمع فيها في نشراتنا الإخبارية عن توقيف مجموعة معتبرة من المهاجرين على الحدود الصحراوية لكن مازالت حدود الاتحاد الأوروبية تستقطب هؤلاء بصفة عادية وهذا راجع لعدم فاعلية مراقبة الحدود البحرية. بدون أن ننسى العبور الثاني عن طريق قوارب الموت التي تضع حدا لحياة الكثيرين قبل تحقيق حلم الوصول إلى الجهة المقابلة.

 

قبل عدة سنوات سعت الدولة الجزائرية جاهدة في إيجاد حل لصالح الأفارقة لكن نسبة تواجدهم بكثرة فرضت عليها تهجيرهم مرة أخرى لبلادهم عن طريق دفعات

تختلف ظروف الهجرة لكن الوجهة واحدة.. كلهم أمل في عيش حياة أفضل من حياتهم الحالية المليئة بالحرب الجهل المجاعة وارتفاع نسبة الإجرام خاصة تلك المتعلقة بالقبائل والعشائر يسلكون دروب الصحاري المغطاة بالرمال تكاد لا تعرف شمالك من جنوبك، إضافة إلى المبالغ الطائلة التي يوفرونها لتنقلاتهم إذ أن أغلبتهم يشجعون من طرف أهاليهم على الهجرة وتمويلهم على حساب رغيف الخبز كلهم أمل في توفير مصاريف مستقبلا، لكن إيمانهم بالحياة الأفضل ومضيهم نحوها ينسيهم ألم السفر والمصير المجهول.

 

إصرار الأفارقة في البعد عن الحرب والبحث عن السكينة يوجب عليهم البحث على مكان آمن للاستقرار ومصدر رزق هنا يختلف التفكير بينهم لينقسم رزقهم بين متوسل على حافة الطريق وفي محطات الحافلات وعامل بمبلغ جد متدني في ورش البناء وذلك تحت استغلال بعض المقاولين وأرباب العمل لظروفهم. أما بالنسبة للمأوى فتجدهم يقيمون في مخيمات عشوائية في ضواحي المدن مشكلين بذلك مجتمعا صفائحي خاصا بهم ما يجعله يتحول تدريجيا إلى جمهورية أو إمارة خاصة خاضعة لقوانينهم ما زاد نسبة الأوساخ والأمراض لترتفع بذلك المناوشات بينهم وبين السكان المحليين في الآونة الأخيرة خاصة بعد انتشار الجريمة والسرقة وإثارة الفوضى ما دفع السكان بطلب ترحيلهم إلى بلدانهم بسرعة قبل أن تزداد الأمور سوءا.

 

قبل عدة سنوات سعت الدولة الجزائرية جاهدة في إيجاد حل لصالح الأفارقة لكن نسبة تواجدهم بكثرة فرضت عليها تهجيرهم مرة أخرى لبلادهم عن طريق دفعات وبما أن تكلفة إرجاع كل مهاجر إلى بلده بلغت 200 دولار، يجعلنا نتصور نسبة الخسارة التي تتكبدها الدولة. ففي عام 2007 مثلا صرح وزير الاتصال أن الجزائر أعادت 12 ألف مهاجر غير شرعي إلى بلدانهم وهو رقم يمكن أن يكون معدلا للخمس سنوات من هذه العشرية.

 

ويبقى حلم العيش في دول الاتحاد الأوروبي قيد التفكير في حين أن العمر يمر بين أنقاض الدولة الأم والمصير المتعايش في الدول الحالية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.