شعار قسم مدونات

هولوكوست اليهود ومظلومية الشيعة.. أوجه الشبه والاختلاف

blogs الهولوكوست

منذ خلق الله الأرض ومن عليها الصراع قائم بين البشرية من أجل الجاه أو المال أو السلطة أو النفوذ تحدّث القران الكريم عن قصّة قابيل وهابيل ابني أدم وحواء الّتي كانت أوّل قصّة قتلٍ تحدث في تاريخ البشريّة وكان السبب نفسه الذي أخرج أبويهما من الجنة.

لم يتطور البشر كثيرا من الناحية الإنسانية رغم التطور الحاصل على مدى ألاف السنين من نشوء البشرية فمبدأ العنف والقتل والدم والتلذذ بالآلام الأخرين وحب السيطرة والاستحواذ والظهور بمظهر البطولة هي الأمر الوحيد الذي تطور وتفنن البشر فيه وأتقنه حتى مع وجود الأديان المختلفة التي بررت القتل وشرعته وقننته ليصبح السمة الأبرز والأكثر انتشارا في كل شعوب الأرض.

في العشرين من نيسان عام 1889 ولد الزعيم الألماني النازي ادولف هتلر في النمسا تبنى النازيين افكار الطبيب الالماني فريد بلوينز التي تقضي بتعجيل القتل الرحيم وقد نشرها في كتابه الرخصة للقضاء على الأشخاص الذين لا يستحقون الحياة كان الهدف الرئيسي هو القضاء على اليهود بين عام 1941 و1945 قتل النازيين ستة ملايين من اليهود بطرق وحشية وبشعة في معسكرات الاعتقال التي كانت تضم مع اليهود الغجر والمعارضين السياسيين وأصحاب الأيديولوجيات المختلفة كانت هذه المحرقة الدافع الرئيسي الذي حفز اليهود على إنشاء وطن لهم يجتمعوا فيه من مختلف دول العالم وتبلورت الفكرة التي طمحوا لتحقيقها منذ قرون بالوعد البريطاني.

الفترة التي تولى فيها حزب البعث الحكم في العراق كان منطق القوة والعنف والتعنيف وإعدام الخصوم السياسيين والمعارضين من مختلف القوميات والمذاهب والأحزاب هو المنطق السائد

عام 1979 وقعت في إيران ثورة ضد نظام الشاه أطاحت بحكمه وغيرت النظام في هذه الدولة إلى إسلامي شيعي يقوده روح الله الخميني الذي رفع شعار تصدير الثورة واستورده في العراق محمد باقر الصدر من خلال إعلان البيعة والتأييد للثورة ومحاولة استنساخ هذه التجربة في العراق على حساب النظام القائم بقيادة حزب البعث وبالتأكيد فأن هذا لم يرق للنظام حينها الذي أصدر قراره بإعدام الصدر وكل المروجين لأفكار الثورة الخمينية حفزت هذه الاعتقالات والإعدامات أتباع ولاية الفقيه إلى مغادرة العراق وتأسيس معسكر الصدر على الأراضي الإيرانية نفذ الجنود المتدربين فيه عشرات العمليات الانتحارية والتفجيرات داخل العراق وخارجه خلال حقبة ثمانينيات القرن الماضي وكانت هذه العمليات السبب الرئيسي في التضييق على الكثير من الشيعة في العراق وخلق حالة من الفوضى وقع الكثير من الضحايا مقابل تعسف النظام القائم في استخدام السلطة.

عام 1991 عاد الجيش العراقي مهزوما من حرب الخليج الثانية تحت ضربات التحالف الدولي بين التحريض الخارجي والغضب الشعبي داخل العراق اندلعت شرارة الثورة ضد نظام البعث في المحافظات ذات الأغلبية الشيعية قابلها قمع وتعسف أخر من قبل النظام لم يميز بين مذنب وبريء كبير وصغير كانت العقوبة أشد جسامة من الفعل الجرمي غالبا.

الفترة التي تولى فيها حزب البعث الحكم في العراق كان منطق القوة والعنف والتعنيف وإعدام الخصوم السياسيين والمعارضين من مختلف القوميات والمذاهب والأحزاب هو المنطق السائد إلا أن أغلب ضحاياه كانوا من الشيعة استغل هذه الأحداث المعارضين لنظام البعث لاستماله مشاعر الغرب الذي تعاطف معهم وسعى إلى تغيير هذا النظام عام 2003 ونجح في ذلك. تمكن الطرفين اليهود الشيعة من استغلال ما تعرضوا له من أحداث لست بصدد الدفاع عن جهة ما سلبا أو إيجابا لغرض تحقيق ما سعوا إليه واستماله مشاعر الغرب للتعاطف مع قضاياهم وهذا هو وجه الشبه.

دمرت مظلومية الشيعة بلدا ذا حضارة عمرها ألاف السنين وباعت أراضيه وشتت أبناءه وحتى من هم في الداخل انعدمت لديهم مقومات الحياة البشرية
دمرت مظلومية الشيعة بلدا ذا حضارة عمرها ألاف السنين وباعت أراضيه وشتت أبناءه وحتى من هم في الداخل انعدمت لديهم مقومات الحياة البشرية
 

خلال سبعة عقود اسس اليهود دولة قوية من النواحي العسكرية والاقتصادية والثقافية والسياسة الداخلية والخارجية وقضاء محايد بنى اليهود دولة من لا دولة حيث لم يكن هنالك أي وجود واقعي لدولة اسمها إسرائيل على خارطة العالم لابل أنها أصبحت تتحكم بسياسات دول عظمى وضمنت وقوفها الدائم لجانبها ولم تسمح لجهة ما بالتدخل في شؤونها الداخلية.

أوصل شعار مظلومية الشيعة إلى السلطة من طمح إليها منذ العام 1979 عام 2003 كان عام الأمل لضحايا ومعارضي نظام حزب البعث في العراق رغم قساوة الاحتلال حينها بدأ من آلت إليهم مقاليد الحكم الانتقام ممن يضنون أنهم جلاديهم بالأمس القريب سلسلة التصفيات الجسدية والاعتقالات العشوائية والحرب الطائفية الضروس التي تشير الأدلة على تورط دول الجوار فيها لاستمرار الفوضى في العراق ومبررات بقائها أبعدت هذا البلد عن محيطه العربي والدولي وشغلته بحرب داخلية دمرت اقتصاده وبنيته التحتية وصراعات المناصب والمحاصصة الحزبية والطائفية أدت إلى التخلف في كل مؤسسات الدولة وكل مناحي الحياة الاقتصادية الثقافية الصحة التعليم القضاء الخدمات وإدراج العراق في ذيل كل قوائم التنافس على ما يميز دول العالم.

وبدل أن يتحكم أو تصبح له كلمة على العالم أصبح موطنا لأجهزة مخابرات دول العالم تعبث في أمنه كيفما تشاء وتشكل حكومته في سفارات الدولة الأجنبية التي يستضيفها على أراضيه. لا مجال للمقارنة بين الهولوكوست ومظلومية الشيعة فأوجه الاختلاف كثيرة حققت الأولى لليهود وطنا يتمتع بمزايا الدولة الحديثة وجمعتهم من مختلف دول العالم ليعيشوا بسلام على أرضها وبعمرها القصير بينما دمرت مظلومية الشيعة بلدا ذا حضارة عمرها ألاف السنين وباعت أراضيه وشتت أبناءه وحتى من هم في الداخل انعدمت لديهم مقومات الحياة البشرية وجعلت من العراق مسرحا لعصابات الجريمة المنظمة المدعومة من دول الجوار بحجة تمهيد الطريق للقدس وهم يقتلون أبناء جلدتهم تحت عباءة الطائفية فلا حقوق ولا حريات ولا وطن.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.