شعار قسم مدونات

المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج.. انطلاقة جديدة

المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج.

على مدار يومين عقدت الهيئة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج اجتماعها الثاني بعد تأجيل شابه بعض اللغط الذي لم تكن أصابع السلطة الفلسطينية ومخابراتها ومجساتها الأمنية بعيدة عنه؟! لا أتفق مع الذين يزعمون ويروجون دائماً لمقولة: أن مجرد الانعقاد لأي فعالية أو إطار هو بحد ذاته نجاح لأننا لا نتكلم هنا عن حدث أو منشط عابر ولا عن إطار عادي سواء من حيث التوقيت أو المضمون أم لجهة طبيعة التحديات وحجم الخطر الذي يتهدد القضية الفلسطينية برمتها وليست صفقة القرن عنا ببعيدة.

لكني حقيقة لا أخفي شعوري خاصة بعد التأجيل للاجتماع بأن هناك ثمة خطر يواجه المؤتمر ربما قد يطيح بالفكرة والمشروع تماماً لاسيما أن التهديد والوعيد الذي أُثير مع إرهاصات انطلاق الفكرة وحيثيات المؤتمر التأسيسي الأولى انتقل من حيز التخوفات والهواجس إلى الفعل والترجمة على أرض الواقع فالضغوطات عملياً أدت إلى التأجيل.

لمست جهداً كبيراً في صياغة النظام الأساسي والخطة الاستراتيجية لكني أعتقد جازماً أن الفارق لن يحدث إلا في مربع الخدمة وبما يلامس هموم ومعاناة شعبنا واحتياجاته

أمّا وقد جرى الانعقاد الثاني للهيئة العامة وهي الجسم الأهم والأبرز والوسيط بين المؤتمر العام والأمانة العامة بوصفها الجهة التي تشرّع وتراقب وتعمل على التقييم والتقويم لجميع خطوات المؤتمر التنفيذية فأعتقد أن حجم القلق قد انخفض إلا أنه لايزال قائماً وهذه المرة أقول بفعل المؤثرات الخارجية والتفاعلات الداخلية وهذه الأخيرة هي التي سألج إليها وهي التي يجب أن تكون موضوع ومحل النقاش لأنها عمود وعماد نجاح واستمرار المشروع دون التقليل من حجم التأثير الخارجي.

جدول أعمال الاجتماع كان حافلا ً وغنياً والنقاشات لم تتوقف سواء في الجلسات أو داخل الأروقة وبين ثنايا مكان الانعقاد وفي جميع جنباته.. فهنا مجموعة تتفق وهناك مجموعة تختلف وثالثة تؤيد وأخرى تعارض وبين هذه وتلك ثمة آراء ووجهات نظر معتبرة ودونهما مواقف وتصورات ومبادرات تقدّر ولم تغب حتى الطرفة عن كل ما سبق.

كغيري من أعضاء الهيئة العامة لمؤتمر فلسطينيي الخارج وكذا لأعضاء الأمانة العامة كان لدي ملاحظات وتحفظات البعض قالها وعبّر عنها بوضوح والبعض الآخر أسرّها في نفسه وثالث أفصح عنها لزميل أو لمجموعة من الزملاء وآخر قاتل لتصل ودافع عنها بضراوة ليثبّتها.. توترت الأجواء أحياناً حتى بين أصحاب الفكر والتوجه الواحد وساد الهدوء في أحايين أخرى ولم يخل المكان من كل أشكال التعبير لكن الحرص على المشروع كان طاغياً دوماً بغض النظر عن هفوة هنا وهنّة هناك. في التفاصيل يمكن للمرء أن يقول الكثير لا بل إن بعض المواقف تحتاج وحدها لمقالات ومدونات وتقديري أن كل ذلك منطقي وطبيعي في ظل تجربة جديدة وإطار جبهوي متنوع المشارب.

قدر هذا المشروع أن يأتي في هذا التوقيت الحرج جداً مع الإقرار بتأخره عقود فما كان ينبغي أن يتم الانتظار كل هذه الفترة التي جرت فيها مياه كثيرة في وادي القضية الفلسطينية وربما ذلك يشكل ضغطاً متزايداً على هذا المشروع سواء بفعل الواقع أو بتسارع الأحداث المحلية والعربية والدولية التي باتت تتعب أقدر وأمهر المحللين ومراكز الأبحاث والدراسات نظراً للتغيرات الدراماتيكية واختلاف السيناريوهات وصعوبة تقدير المواقف بدقة.

undefined

إلا أن ذلك لا يعفي الكل المعني بالمشروع من المسؤولية كل من زاويته ومكانه وموقعه وبما يمتلك من أدوات ومع التقدير والاحترام للجميع.. ثمة حاجة لتقييم وتقويم حقيقي ودائم ومستمر للمشروع برمته.. هذا ما يقتضيه حجمه واستحقاقاته وآمال وتطلعات شعبنا له خاصة في هذا التوقيت الحرج.. الجهود المبذولة منذ إطلاق الفكرة مروراً بالتنفيذ وصولاً إلى هذه المحطة موضع فخر واعتزاز.. لكن المطلوب أكبر بكثير مما تحقق حتى الآن وقد مرر ويمرر البعض ولفترة محدودة تواضع الإنجاز لكن ذلك لن يطول فشعبنا تحديداً يتابع ويتأمل المزيد. شخصياً لمست جهداً كبيراً في صياغة النظام الأساسي والخطة الاستراتيجية لكني أعتقد جازماً أن الفارق لن يحدث إلا في مربع الخدمة وبما يلامس هموم ومعاناة شعبنا واحتياجاته وهذا لم يحدث ولم يرى شعبنا أثره بعد؟!

هامش الحوار كان واسعاً ومن دون شك تسللت الديكتاتورية إلا أن الغالبية كانوا لها دائماً بالمرصاد وبدعم وإسناد واضح من الجميع وكان محظوراً القمع ومستنكراً ولو بنكهة خفيفة. لوجستياً نحتاج أن نتعلم أكثر من تجربة أشقائنا الأتراك فلهم باع كبير وثري ونجاحات متميزة في ذلك لاسيما أنهم فتحوا قلوبهم قبل أن يفتحوا بيوتهم وديارهم لنا وهي خطوة تقدر وتشكر وتحسب لهم .بقي القول هي انطلاقة جديدة في طريق طويل و شاق لكنه يستحق منا بذل الغالي والنفيس.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.