شعار قسم مدونات

زالاتكو داليتش.. مدرب الطوارئ الذي صنع الإعجاز!

مدونات - زالاتكو داليتش.

أطلق حكم لقاء المشهد الختامي لمسابقة كأس العالم بروسيا 2018 العنان لصافرته، معلنا تتويج فرنسا بلقبها الثاني في البطولة وتسيدها للعالم مرة أخرى بعد 20 سنة، تخللتها عديد الانجازات تارة والسقطات تارة أخرى، تتويج فرنسا لم يكن سهلا رغم النتيجة العريضة المسجلة في المقابلة الختامية، ورغم أنها أيضا لم تحتج فيها لأوقات إضافية أو ركلات الحظ الترجيحية، فرنسا كانت مرشحة فوق العادة للتتويج على عكس نهائي 1998 ضد البرازيل وعلى عكس نهائي 2006 ضد إيطاليا بالرغم من الخسارة التي كانت نفسية بدرجة كبيرة بعد خروج ملهمها وقائدها زين الدين زيدان في حادثته الشهيرة ضد ماتيرازي.

  

حديثنا عن تتويج فرنسا بالنهائي يجرنا جرا للحديث عن المنافس والذي ومن الأكيد لن يكون منافسا أقل شأنا منها، فالوصول إلى النهائي ليس بالأمر اليسير ولا يعرف طريقه إلا المنتخبات الدائمة الحضور والتألق أو لإحداهن تحقق الإعجاز والذي يصنعه الأبطال لا غير ذلك، لو سألت أحدهم واضعا الاثنين والثلاثين منتخبا التي شاركت في كأس العالم، من سيكون منافسا لفرنسا في النهائي؟ ستكون إجاباته ربما بين البرازيل، الأرجنتين، ألمانيا، إسبانيا وربما إنجلترا، الاورغواي وغيرها منتخبات دائمة الحضور بدرجة كبيرة ولها أمل صنع الإعجاز بدرجة أقل من ذلك، في حين لن يكون هناك أمل لمنتخب مثل كرواتيا مثلا حفيدة يوغسلافيا التي صنعت إنجازا وحيدا كان الوصول إلى نصف نهائي نسخة فرنسا 1998.

  

رغم أن مشوار زلاتكو كلاعب لم تكن مع أندية قوية في منافسات أوروبية مميزة إلا أنها كانت بقدر الإمكانيات المتاحة حيث انطلقت مسيرته التدريبية من النادي الذي لعب له طويلا نادي فاراجدين

وتحقيق المركز الثالث بقيادة هدافها ونجمها دافور سوكر الذي توج أيضا هدافا للبطولة حينها، والذي يشغل حاليا منصب رئيس الاتحاد الكرواتي لكرة القدم، وهنا مربط الفرس يقال إن إحساس اللاعب الجيد يضل ملازما له طيلة حياته، وغالبا ما تجده يختار القرارات السليمة في الوقت المناسب، حتى لو كان بعدها مدربا أو إداريا أو رئيسا لأعلى هيئة كروية في بلاده. وهو ما جسده حقا دافور سوكر، بإقالته للمدرب السابق أنتي شاشيتش الذي ترك المنتخب الكرواتي يتخبط بعد سلسلة نتائج سلبية للغاية أولا وثانيا إعلان تعاقده مع مدرب الطوارئ زالاتكو داليتش بعد الجولة الخامسة للتصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم بروسيا 2018، زالاتكو داليتش لم يقبل فقط أن يكون رجل إطفاء لحريق شب في جسد المنتخب فقط بل ضحى بعرض قياسي قادم من شرق آسيا بعد أن رفض عرضاً يقدر بأربعة ملايين دولار، لتدريب المنتخب التايلاندي، وفقاً لما ذكره موقع espn العالمي، وأعلن قبوله تدريب منتخب بلاده مقابل 550 ألف يورو فقط، وهو ما جعل منه رمزاً كبيراً في بلاده وزاد فخرهم به بعد مساهمته في تأهيل المنتخب لكأس العالم رغم أنه جاء ثانيا في مجموعته خلف ايسلندا التي حققت المفاجأة ليمر الي الملحق الذي فاز فيه على اليونان بأربعة أهداف لهدف في مجموع المبارتين ويمر لكأس العالم.

 

مشوار زلاتكو اللاعب والمدرب!

ولد زالاتكو داليتش الذي يحمل الجنسية الكرواتية في 26 أكتوبر 1966، بمدينة ليفنو بالبوسنة والهرسك حيث يعتبر ذو أصول بوسنية، لعب لعدة أندية خلال مسيرته كلاعب والتي كان يشغل بها غالبا مركز لاعب الوسط، كان أول هاته الأندية نادي هايدوك سبيليت، في الفترة الممتدة من1983 إلى 1986، ثم لعب موسما بعدها في نادي سيباليا، ثم انتقل سنة 1988 للعب في نادي فيليز موستار حتى عام 1991. واختتم مسيرته متنقلا بين ناديي هايدوك سبليت، ونادي فاراجدين حتى سنة 2000.

   undefined

  

مشوار زلاتكو كلاعب لم يكلل بعديد الإنجازات كمشواره كمدرب والذي كانت مسيرته فيه متوجه ببعض الإنجازات، ورغم أنها لم تكن مع أندية قوية في منافسات أوروبية مميزة إلا أنها كانت بقدر الإمكانيات المتاحة حيث انطلقت مسيرته التدريبية من النادي الذي لعب له طويلا نادي فاراجدين في الفترة بين 2005 و2007، ثم انتقل بعدها ليكون مساعدا لمدرب المنتخب لأقل من 21 سنة لأربع سنوات بعدها تخللتها فترة تدريبية لعدة أندية كنادي رييكا ودينامو بيلوبو بكرواتيا وسلافن تيرانا بألبانيا. قبل أن يقرر الرحيل إلى الخليج ويقبل عرض نادي الفيصلي السعودي الذي ينشط ضمن أندية الدرجة الأولى المحترفة السعودية، حيث يعتبر من أندية الصف الثاني بالمملكة ليدربه لعامين بين 2010 و2012 لينتقل بعدها لتدريب أولمبي نادي الهلال الذي يعتبر سيد الاندية في السعودية وفي أسيا، ليمسك زمام الامور في النادي الأول بعدها بسنة، ويتوج بكأس ولي العهد سنة 2013. تألقه في السعودية جعله مطلوبا في أقوى نادي بالامارات واحد أقوى أندية آسيا نادي العين، حيث ظل هناك لثلاث سنوات بسط سيطرته خلالها على الكرة المحلية ليفوز بالدوري، الكأس وكأس الاتحاد والسوبر ويصل مع النادي لنهائي رابطة أبطال آسيا سنة 2016 ويمر جانبا بعيدا عن اللقب وعن التتويج، لتتم إقالته بعدها مباشرة من مجلس إدارة النادي.
    

مشوار زالاتكو مع المنتخب في كأس العالم!

بعد تأهل المنتخب الكرواتي لكأس العالم بروسيا 2018 أوقعته القرعة مع منتخبات الارجنتين،، نيجيريا وأيسلندا، حيث كان مرشحا رفقة نيجيريا لخطف البطاقة المؤهلة الثانية، للدور الثمن النهائي، بما أن الأولى كانت محسومة حسب كل الترشيحات لرفقاء القائد ميسي رفقة المنتخب الأرجنتيني، لكن أشبال المدرب زالاتكو داليتش حققوا المفاجأة وقدموا دور مجموعات مميز جدا وأنهوه بالعلامة الكاملة حيث افتتحوا مشوارهم في المحفل العالمي بفوز مذهل بهدفين نظيفين على نيجيريا والذي شهد فيه طرد المدرب زالاتكو للمهاجم كالينيتش يسبب رفضه الدخول بديلا ليؤكد صرامته منذ البداية، ثم حقق الكروات فوزا بثلاثية نظيفة على الأرجنتين في مفاجأة مدوية نظرا لقيمة المنافس وللنتيجة النهائية الكبيرة جدا مع الرأفة وبأداء خرافي لرفقاء مودريتش، ثم تحقيق فوز آخر على أيسلندا بنتيجة 2-1 لينهوا بذلك دور المجموعات متصدرين للمجموعة ويواجهوا الدنمارك ويفوزوا بركلات الترجيح بعد التعادل بنتيجة 1-1 مع تألق الحارس سوباسيتش، تلاه فوز على البلد المضيف روسيا بركلات الترجيح أيضا بعد التعادل بنتيجة 2-2، ثم فوز على إنجلترا بنتيجة 2-1 يعد المرور للوقت الإضافي وليختتم المنتخب الكرواتي المشاركة المشرفة جدا بخسارة قاسية في النهائي، لا تعكس ما قدمه طيلة مقابلات المنافسة.

  
أثبت زالاتكو داليتش علو كعبه في هذه الدورة بتشكيلة مثالية طيلة أطوار المنافسة وتسيير حسنن للمقابلات وتغييرات غالبا ما تكون في محلها، في حين كان له الأثر الإيجابي في قوة المنتخب البدنية نظرا لتدريسه للمجال ولأبحاثه المتعددة في تطويره حيث اتسم بها على حساب غيره في المونديال وهو الذي لعب الأشواط الإضافية في ثلاث مقابلات ممتالية من ثمن النهائي إلى نصف النهائي دون تأثر كبير واضح بل العكس من ذلك كان أقوى بمرور الوقت خلال المباريات.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.