شعار قسم مدونات

أوراق عائد من أفغانستان (2).. رحلة مع اللاجئين المبعدين

BLOGS لاجئيين أفغان

كانت بوابة الطائرة التركية المتجهة إلى إسطنبول على أطراف المطار تستغرق منك رحلة مشي تقارب ربع ساعة لتصل إليها.. تأملت في وجوه الركاب وعاينت أن أغلبهم غربيون وملامح بعضهم أفغانية وأسيوية. وقبيل الركوب انتظرنا طويلا في الحافلات أمام الطائرة ولاحظت أن هناك تعزيزات أمنية استثنائية في محيط الطائرة سرعان ما عرفت سببها.

 

فإلى جانب الحافلة التي كانت تنقلنا إلى الطائرة كانت هناك حافلتان مملوءتان بالمهاجرين الأفغان المبعدين من البلد. وبدون مبالغة يصل عددهم المائة تزاحموا على سلم الطائرة للصعود قبلنا ولما انتهت الإجراءات الأمنية وتأكد رجال الأمن من صعود الجميع فتحوا لنا الأبواب لنلتحق بالطائرة.

 

كان أغلب المرحلين شبابا في مقتبل العمر لم تتح لي فرصة الحديث إلى أحدهم لكنني اكتشفت في وقت لاحق أن موجات الإبعاد تطال الأفغان من كل البلدان. ضاقت بهم الحال في بلدهم الممزق جراء النزاعات والحروب وضاقت بهم ذرعا بلدان اللجوء التي وصلوا إليها.. فإيران تطرد يوميا حوالي ألف طالب لجوء أفغاني وباكستان تحذو حذوها وحتى أوروبا التي يصلها المهاجرون الأفغان بعد رحلة طويلة محفوفة بالمخاطر عبر إيران وتركيا واليونان ثم أوروبا الشرقية وصولا إلى ألمانيا وفرنسا وحتى إنكلترا ثم تصطدم طلبات لجوئهم بجدار الرفض بدعوى هجرتهم لأسباب اقتصادية. والغريب أنه يتم اعتبار المناطق التي ينحدرون منها آمنة رغم الوضع المتفجر في البلاد.

 

تم تجميع اللاجئين المبعدين من تركيا بمجموعات وتوزيع أوراق تحمل صورهم وأسماءهم بالتنسيق مع السلطات الأفغانية

وقد وقعت السلطات الأفغانية اتفاقيات ثنائية مع عشرة بلدان أوروبية تلقت مقابلها مبالغ مالية لاستيعاب المبعدين وإدماجهم اقتصاديا ومن بين هذه الدول ألمانيا التي أصبحت بموجب هذه الاتفاقية ترفض أعدادا أكبر من طلبات اللجوء وترفض الكثير من الطلبات بعد أن ضاقت مراكز اللجوء بمرتاديها من السوريين والأفارقة.

انبلج الصبح في الطائرة على مشاهد أراض قاحلة تحجبها السحب وحينما اقتربنا من كابل تراءت لنا جبال شاهقة تغطيها ثلوج على شكل خيوط أشبه بالتجاعيد على جبين مشيب. أول ما يستوقف المسافر حين هبوط الطائرة هو العدد المحدود للطائرات المدنية والانتشار الكبير للحوامات العسكرية وطائرات الإمداد وهو مظهر ينقلك مباشرة إلى أجواء الخوف والحرب.

 

فور نزولنا من الطائرة تم تجميع اللاجئين المبعدين من تركيا في مجموعات وتوزيع أوراق تحمل صورهم وأسماءهم مما يؤكد أن عملية الترحيل تمت بالتنسيق مع السلطات الأفغانية مسبقا. وفي باحة الوصول تراكمت أمتعة المسافرين مع دلاء مياه زمزم بشكل يجعل الحركة صعبة داخل المطار الصغير المتواضع الذي كان سقفه من الصفيح الرمادي وشهد وصول طائرة معتمرين من البقاع المقدسة. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.