شعار قسم مدونات

لأنني أحبها.. أحب أندريا بوتشيلي

blogs أندريا بوتشيلي

الملاك الأعمى كما يلقبه الجميع نظراً لمعاناته بفقدان البصر عن عمر صغير، هذا الملاك بصوته العذب عندما نستمع إليه يأخذنا إلى عالم مختلف وبعيد عن هذا العالم الذي نتواجد فيه هذا الإيطالي الجميل والأيقونة الموسيقية الذي أهرب لسماعه عندما أحتاج لمساحة لنسيان هموم الحياة وضغوطاتها التي تؤرقنا.

يأخذني لأطير لبعض الوقت فوق الغيوم حاملاً معي وجه من أحب حاملاً معي رائحة من أحب ولمساتها الدافئة. ذلك الصوت الذي يمتزج بين العبقرية والشغف والإحساس يمنحنا ذلك الأمان العظيم من قلبه رغم أنه لا يرى دموعنا أو ضحكاتنا عندما نستمع إليه.. لأنه فاقد للبصر ولكنه يملك بصيرة وإحساس عظيم. في عام ١٩٩٦ قام بأداء أغنية "معك سأحيا" برفقة السوبرانو "ساره بريتمان" ومن ثم أصبح اسمها الجديد "وقت الوداع" وعندما أستمع لتلك الجدارية الموسيقية الكبيرة والتي حطمت كل الأرقام مبيعاً في وقتها أشعر بنشوة الحب الذي أحاول دائماً في نصوصي أن أصل إليها.

في هذه الحياة القصيرة والتي علينا أن نعطي فيها كل الحب الذي يملأ صدورنا لمن نحب لا يسعنا التوقف أبداً عن القول بصوت مرتفع نحبكم يا أجمل من عرفنا

تلك النشوة التي تجعلني أغادر بيتي في ليل الشتاء لرؤية من أحب فقط لرؤيتها، تلك النشوة التي تجعلني أبحث في معاجم اللغة ومقطوعات الموسيقى في هذا العالم لأجد ما أوصفه لها من حب يخترق كل الجدران والعادات والتقاليد والأديان، كنت أفكر وأنا أكتب هذه الكلمات أن أكون جريئاً لأكتب هذا المقال باسمها وليعلم الجميع من هي ولكن عندما نمتلك تلك الأدوات الجميلة في وصف المحبوبة ووصف جمالها وعبقها أستسلم لصوت "أندريا" لأقول لها ما أشعر به في غيابها وتلك الحالة التي أهرب فيها كل يوم إلى زوايا الذكريات في هذه المدينة الصامتة لأستمع لِ "أندريا" وأتذكرها وأشعر بقربها مني رغم المسافات والبعد.

من كلمات جداريته العظيمة "وقت الوداع" يقول:

عندما تكونِ بعيداً
أحلم في الافق
و تعجز الكلمات
و نعم انى أعلم
انكِ معي
أنتِ يا قمري معي هنا
يا شمسي أنتِ هنا معي
معي معي معي


في هذه الحياة القصيرة والتي علينا أن نعطي فيها كل الحب الذي يملأ صدورنا لمن نحب لا يسعنا التوقف أبداً عن القول بصوت مرتفع نحبكم يا أجمل من عرفنا ونحبكم يا أعمق من وجدنا ونحبكم يا أصدق من تحدثنا إليهم. وفِي نفس الوقت علينا أن نغني بصوتٍ مرتفع للذين جعلوا من هذه الحياة قوس قزح يلّون حياتنا بالألوان الجميلة فقط لأنهم هنا عندما نستمع إلى صوتٍ عذب نجدهم بين المقطوعة والأخرى كأنهم نوتة على سلم الموسيقى ندغدغ مشاعرنا بهم.

نلجأ للهروب إلى الأصوات التي تجعلنا نتقوقع مع ذاتنا في ذهول وشغف وحب وحنين وذكريات لا تنتهي
نلجأ للهروب إلى الأصوات التي تجعلنا نتقوقع مع ذاتنا في ذهول وشغف وحب وحنين وذكريات لا تنتهي
 

هؤلاء إن وجدوا في هذه الحياة فعليك التشبث بهم إلى ما لا نهاية لا تنظر ورائك وأنت تقدم لهم ما تحب ولا تنتظر منهم المقابل عندما تقوم بإسعادهم فقط .اجعلهم الأسعد في هذه الحياة حتى وإن فرقتكم الحياة عّن بعضكم بعضا. دائماً استمع لكل الأغاني التي سمعتموها سوياً ودائماً اقرأ كل ما يحبونه. هنا سوف تشعر بأنهم غير مفارقين الروح والقلب لديك وبأنهم يتربعون في نواة روحك وقلبك وعقلك وَلَن يخرجوا من هذا المكان إلا عندما تصعد روحك للأعلى.

هنا علينا أن نتذكر ونحن نستمع لهذه الموسيقى والصوت الروحاني المقطوعة العالمية التي كان اسمها "عندما يعزف الشيطان" للوهلة الأولى ستجد من يكفرك حينما تنطلق روحك مع هذه المقطوعة العالمية ولكن ننسى بأننا قمنا بدندنة هذه المقطوعة دون أن نعرف اسمها ونحن صغار لذلك عندما يكون الإحساس هو المسيطر على أفعالنا ومشاعرنا نقوم بالتمرد على الواقع الذي لا يرحمنا أبداً ولهذا نلجأ للهروب إلى الأصوات التي تجعلنا نتقوقع مع ذاتنا في ذهول وشغف وحب وحنين وذكريات لا تنتهي. فلذلك عندما أستمع إلى أندريا ذلك الملاك الأعمى الذي لا يملك سوى صوته وإحساسه المرهف الجميل أشعر بأن كل البعيدين عنا هم حولنا ويسكنون في جرف عميق داخل الروح.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.