شعار قسم مدونات

شبح الحب عند العرب!

blog_ الحب عند العرب

لقد كتب العرب مند مئات السنين، آلاف الدواوين والقصائد الشعرية عن الحب، واستمرت هذه الكتابات إلى عصرنا الحديث فلم تبقى أشعار وقصائد فقط بل تحولت إلى خواطر وروايات ومنشورات فيسبوكيه، إلا أن مع كل زمان وكل قصيدة شعرية وكل حديث عن الحب، سجل معها التاريخ مجازر وحروب فضيعة في العالم الإسلامي، وكلما سجل التاريخ الأدبي قصائد وأبيات شعرية عن الحب، سجل في نفس التاريخ دول وحضارات سقطت بسبب الحروب كانت تحت يد المسلمين، هنا علينا طرح إشكالية لما نكتب عن الحب ولا نلتزم به؟

 

لما يعتبرنا الغرب بطريقة غير مباشرة أننا ظاهرة كونية في العنف والقتل والذبح، مع أن ديننا الحنيف هو مركز الحب بذاته، ارتوينا من الحروف المصممة للحب، وأعلنا عن جفاف شعورنا وفقدان أملنا الوحيد في نشر الحب الواقعي وليس الوهمي بدل الحرب، لأن الحب ومند زمن كان مجرد كلمة مكتوبة وليست واقعية على أرض المسلمين، إذا كان الحب صفة شعورية حميدة فهي ليست مطلوبة في العالم العربي، كون أن الحب لا يفتح بيوت ولا يشبع بطون ولا يجلب مهن، يعني الحب عند العرب لا يجلب الرزق، بل هناك صفات غير محمودة وهي الطمع والرشوة والقتل والذبح والأعمال الجريئة، لأنه على حسب من يعتقدون أنفسهم واقعيين هي مفيدة، كون أن الحياة أصبحت صراع على البقاء، والحب أصبح عند العرب يعجل في جعل الفرد فريسة للمجتمع الذي لا يرحم.

 

لماذا دائمًا نحن المستضعفين أمام الغرب وأقوياء فيما بيننا، لماذا نذبح أنفسنا من جهة؟ ومن جهة أخرى نلقي محاضرة باسم الحب برعاية قصيدة تتكلم عن الأنثى من بدايتها إلى أخرتها

لنعترف أن قراءة الروايات الرومانسية ومشاهدة الأفلام العاطفية وسماع أغاني الحب و الحزن ما هو إلا مجرد تسلية ذاتية وهمية تجعلنا نقنع عقولنا بأننا شعب محب ونحب من يحب، لكن حينما يظهر صراع فردي أو جماعي أو سياسي أو ديني أو تقاليدي، نحول في ثانية كل هذا الحب الرومانسي إلى حرب دموية كبيرة، إذا كنا نشجع المؤتمرات والندوات والأيام الدراسية والشعرية، ونحن نسمع يوميًا عدد هائل من الوفيات بسبب الحروب، فلا يعقل أن نتكلم عن الحب ولا نعرف تطبيقه من أجل وقف الحرب، إما نحن نتكلم بدون وعي ثقافي تام أو سياسي محكم، أو طبيعة الحرب والدم أصبحت وراثة عندنا، لدرجة أن الغرب قاموا بتسمية المناطق العربية كمناطق للموت المحتوم.

 

لهذا من غير الطبيعي أن نجيد لغة الحب مع لغة الحرب، إما نحن على درب النفاق، أو على درب الجنون، ملايين الكتب الشعرية، وملايين الروايات الرومانسية، وملايين الأموات عبر سنين، كل هذا يعطينا فكرة واضحة لنختار اختيار واضح، إما الخلل فينا وفي طبيعتنا الذهنية كبشر، أو الخلل في حديثنا ومؤلفاتنا عن الحب، أو الحب القديم كان جسد وروح، وعند العرب أصبح ميت وعبارة عن شبح، أحدهم يريد أن يشرح لي أن الحب صفة فردية متعلقة بذات الإنسان واحده، وهذا خطأ لأن الحب مصدره القلب، وكل إنسان فوق وجه الأرض يحمل قلب، فما هو الفرق بين الإنسان الغربي والشرقي، لما نرى يوميا المسلمين يتقاتلون مع بعضهم البعض، وهدوء وصفاء موجود في المناطق الغربية الأوربية، برغم أن الحضارة الإسلامية العربية أضخم من الحضارة الأوربية تاريخيًا بقرون.

  

وبرغم أن لغة الحب والشعر والرواية الرومانسية لها جذور عربية قديمة، وديننا يحمل الرحمة والخير وتسامح والحب، ومعدل ذكر كلمة سيف في القرآن هو صفر، فلماذا دائمًا نحن المستضعفين أمام الغرب وأقوياء فيما بيننا، لماذا نذبح أنفسنا من جهة؟ ومن جهة أخرى نلقي محاضرة باسم الحب برعاية قصيدة تتكلم عن الأنثى من بدايتها إلى أخرتها، أو قصيدة أخرى تتكلم عن الخير والحب والمحبة والتسامح، إن الشعراء لا يغفرون لبعضهم البعض لو يعيد أحدهم قصيدة الأخر، فكيف سيعلموننا ويعلمون الشعوب أن قصائدهم مدرسة لتعليم الناس، كل كلامنا نستخلص منها استنتاج واحد يوحي لنا بقدر المستطاع أن الحب عند العرب شبح، هو يأتي لناس في أحلامهم، والشعراء عند كتاباتهم، وعند النساء في زواجهم، وعند الرجال في الإقبال على أزواجهم، يعني الحب عند العرب هو صفة حميدة تستغل لظروف معينة من أجل تلبية حاجات جسدية و واقعية في الحياة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.