شعار قسم مدونات

فايز وجود.. قصة حب أشعلت السعادة بداخلي!

blogs الحب

يقول دوستفسكي: إن السعادة لا يصنعها الطعام وحده، ولا الثياب الثمينة، ولا الزهو والحسد، وإنما يصنعها حب لا نهاية له. هذه المقولة لهذا العبقري العظيم قادتني في ليلة صيف جميلة أن أتذكرها بعد أن جمعتني الصدفة بطيور الحب فهكذا أحببت أن أطلق عليهم. حيث الصدفة أجمل من الانتظار لأن الانتظار وجه من وجوه العبودية هذه الحياة تمنحنا الكثير من الأمل والسعادة في اللحظة التي نفتقد فيها ذلك الجمال والسعادة تمنحنا الكثير من الحب في اللحظة التي نفتقد فيها الكثير من الحب.. ويكون هذا الأمل في حب الحياة على هيئة بشر نلتقي بهم تكون قلوبهم ناصعة البياض.

 

في يومٍ من أيام هذا الصيف وجدت طيور من طيور الحب يملأوا المكان سعادة لا تنضب تلك الطيور كانت عبارة عن إنسان اسمه فايز وملاك اسمها جود هؤلاء أحبو بعضهم بعض بمحض الصدفة ولا شيء غير ذلك.. أحبو بعضهم بعضاً لأنهم شعروا بأن هذه الحياة بكل ما فيها تستحق أن يكملوا هذا الطريق سوياً هؤلاء منحوني الحب لأكتب عنهم وأقول فيهم الشيء الكثير ليس لأنهم الأجمل بل لأنهم الأصدق. عيونهم كانت عبارة عن معجم مليء بكل ما هو جميل من مصطلحات الحب والغرام والعشق لقد كانوا طيور الحب التي تنبض بكل ما هو جميل بهذه الحياة، تحدثت إليهم وكانوا يملؤون المكان فرحاً وسعادة ليس لأنهم الأجمل يا الله ولكن لأنهم الأعمق.

 

عندما سألت الجود لماذا تحبين هذا الإنسان فقالت لي لأنني أحسست به بأنه هو ذلك الشخص الذي لا يمكن أن أهرب منه. وعند حديثي معها تذكرت نص عظيم للدكتور أحمد خالد توفيق كتبه ذات يوم: شدتني البساطة التي تكلمت بها مع غريب مثلي، كأنها تعرفني منذ زمن، وبرغم هذا لا تبدو وقحة أو متحررة، كأنها تناقش زوجها أو أخاها، بلا أي غرض سوى المناقشة في حد ذاتها. إن هذا الأسلوب يُحيّر الرجل الشرقي الذي لا يتوقع من الفتاة إلا أن تكون شديدة الحياء أو شديدة المجون، ولا يفهم أي أسلوب آخر في التعامل.

يومي جميل برغم كل الخيبات في هذه الحياة يومي جميل بوجود هؤلاء الطيور الذين يعشقون بعضهم بعضاً فأنا أحببتهم منذ أول لحظة التقيت بعيونهم الصادقة

وعندما سألت فارسها ذلك الفائز لماذا تحب هذه الإنسانة فكان جوابه لأنها الإحساس الجميل والحياة التي لا تنضب بالحب.. هؤلاء منحوا قلبي سعادة لا تنضب لأنني أحببت حبهم لبعضهم البعض وقد جعلوني أكتب فيهم ما أكتب من جمالٍ وعشقٍ هو أجمل مما كتبه قيس إلى ليلى وأعمق مما كتبه عنترة إلى عبلة. هم الرائعون الذين لا يبخلون بحبهم عّن بعضهم البعض ولا يجعلون من حواجز هذه الحياة عثرات تقف في طريقهم وحواجز تمنعهم من أن يكونوا لبعضهم البعض.

 

يومي جميل برغم كل الخيبات في هذه الحياة يومي جميل بوجود هؤلاء الطيور الذين يعشقون بعضهم بعضاً فأنا أحببتهم منذ أول لحظة التقيت بعيونهم الصادقة، حيث في هذا المجتمع المزيف لا بد أن تجد من هم اصدق الأصدقاء الذين لا يكذبون ولا يسحقون مشاعرنا تحت أقدامهم.. هؤلاء كانوا طوَّق النجاة الذي أنقذ روحي في تلك الليلة من الغرق في ظلامٍ دامس وأغرق سفينتي في بحرٍ تضربه الأمواج في كل مكان.

 

كمية السعادة التي يمنحنا إياها الغرباء الرائعين هي شيء عظيم ولا يُقدر بثمن حيث أنهم يجعلوننا نشعر بقيمة هذه الحياة عندما نحب الحب بذاته من خلالهم ومن عيونهم ومن أرواحهم التي تنعكس صورتها من خلال عيونهم التي تملأ هذا الكون سعادة لا تنضب.. لذلك أقول ما قاله الكاتب الأرجنتيني "خورخي لويس بورخيس"، أودّ أن أقدّم شكري إلى الحب الذي يتيح لنا أن نرى الآخرين كما يراهم الله". وأنا رأيت هؤلاء الطيور كما يراهم الله، رأيتهم بنقاء وسماء صافية وقطرات من الندى التي نشعر بجمالها في صباح يومٍ ماطر.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.