شعار قسم مدونات

الحرب على الليرة التركية توحدنا!

blogs الليرة التركية

في ظاهرة اقتصادية مفتعلة فقدت الليرة التركية 20 بالمائة من قيمتها الاقتصادية، في حرب وصفت الأشرس على الاقتصاد التركي، وسرعان ما تبين أن للحرب أبعاد سياسية، وتقودها الولايات المتحدة الأمريكية، وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي تصريحات لمسؤولين أمريكيين، يشترطون إطلاق سراح قص مقابل إنهاء الأزمة التركية، وذكرت بعض المواقع شروط إضافية منها عدم مساندة تركيا إلى إيران والمشاركة في فرض العقوبات على إيران، وتراجع تركيا عن شراء منظومة إس400 الروسية.

 

ويقال أن أمريكا تريد ضمان الحياد تركيا في قضايا الحل النهائي وصفقة القرن المزمع تنفيذها لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والأصح الصراع "الإسلامي الصهيوني"، تمديد العمل في اتفاقية لوزان أو التمسك في بند ينص على منع تركيا من التنقيب عن النفط والغاز على الأراضي التركية والاكتفاء باستيرادها، إعطاء أمريكا حق تنقيب عن المعادن والنفط والغاز في الأراضي التركية واستخراجه وتصديره، وذكرت مواقع أخرى أن شرط وقف التحقيق وملاحقة المشاركين في الانقلاب العسكري الفاشل قبل سنتين في تركيا وعلى رأسهم المطلوبين فتح الله غولن.

هكذا بدأت الأزمة، وهكذا وضعت الحلول حسب تصور البعض، ولكن لتركيا ورئيس تركيا وشعب تركيا رأي آخر، هذه ليست شروط تفرض على دولة مستقلة ذات سيادة، تركيا اليوم تحت حكم الشعب حر، دولة صناعية، اقتصادها ضمن أكبر عشر دول اقتصادية في العالم، تركيا اليوم ليست دولة على هامش التاريخ تعاني من نقص الماء الصالح للشرب، تركيا اليوم دولة بلا ديون بل تقرض بعض دول العالم والبنك المركزي.

 

كما استجاب الشعب التركي للرئيس أردوغان عام 2016 وتحرك، كررها ثانية ونزل إلى شارع عام 2018 دفاعا عن أرضه وسيادته، وبدء بتغير كل ما يملك من أموال

لم يكن غريب على رئيس تركيا أردوغان رفض الشروط الأمريكية، ولم يكن غريب على أردوغان تحدي الإرادة الأمريكية، فهذا رجل عرف عنه تحدي وعدم الرضوخ إلى الإملاءات من أي طرف كان، كما أن موقف الشعب التركي وسرعة الاستجابة لمطالب أردوغان بتحويل ما لديهم من دولار أمريكي إلى الليرة التركية، لم يكن غريب فهذا الشعب شرب التحدي وعرف معنى الحرية، واستجاب إلى رئيسه عندما طلب منهم النزول إلى الشوارع واسترداد السلطة من قوة الانقلابية في الجيش، فواجه الشعب التركي الطائرة والدبابة بصدور عارية، واسقطوا الانقلاب العسكري في ساعات.

وكما استجاب الشعب التركي للرئيس أردوغان عام 2016 وتحرك، كررها ثانية ونزل إلى شارع عام 2018 دفاعا عن أرضه وسيادته، وبدء بتغير كل ما يملك من أموال، ولكن هذه الحرب أكبر من تركيا وتشارك بها العديد من دول وتتهم بعض دول الأكثر رفاهية واكتناز للأموال مثل السعودية والإمارات بالاشتراك بهذه الحرب ضد تركيا، وعلى قدر التحدي والمواجهة جاء النصر وخرجت الشعوب العربية الحرة في مساندة الدولة التركية والعملة التركية، فكانت الاستجابة السريعة من المواطنين في كل من قطر والكويت والعراق وسلطنة عمان تونس والجزائر والمغرب العربي بل حتى وصلت الى دول شرق مثل ماليزيا والباكستان، والعديد من المواطنين السوريين والفلسطينيين والأردنيين وحتى المصريين.

 

لم تكن استجابة عابرة فالمغامرة وتحدي أمريكا ليس بهين، وتخلي عن الدولار أو أي عملة قوية وشراء الليرة التركية وهي تنهار تحدي ومغامرة لها توابع كبيرة، ولكن هو الشعور بالحرب على الإسلام الحرب على الصوت الحر في الأمة العربية والإسلامية، شعور بأن الحرب ليست على تركيا بال الحرب من أجل البقاء ضمن التبعية للغرب، ومحاولة إبقاء الدولة العربية والإسلامية ضمن كنف ورعاية وتحت وصاية الغرب.

ولذلك تجد مواطن قطري مثلا يقف ليحول نصف مليون ريال قطري إلى ليرة تركية وهو يقول: "الله يأمرنا نكون عوانة ومن الله نصر الليرة التركية، واللي وقف معنا ورد هدنا يبشر بالوقفة الرسمية، على الوفا دايم نحف خطانا، وقفت شرف وأهدافنا دينية"، في حين انتشرت العشرات للمواطنين العرب والمسلمين وهم يحولون الأموال إلى الليرة التركية، ويؤكدون على رفضهم إلى التبعية للغرب، بل وصل المطاف بهم إلى حرق الدولار الأمريكي، كلمات تلقفها الرئيس التركي، ونجح في توجيه إلى الشارع الداخلي ويحولها إلى مزيد من الحافز من أجل الإنتاج وتصدير وتخلي عن تبعية، وتعهد في بناء الشركات والمؤسسات لإنتاج كل ما يلزم محليين وتوقف عن استيراد.

 

سيقف البعض ويقول هذه حرب اقتصادية لا سيف بها، مخطئ من ظن ذلك هذه حرب أقوى من الرصاص وأشد بطش من سيف، هذه حرب ستصنع نظام علمي اقتصادي جديد، بتوحد أحرار العالم
سيقف البعض ويقول هذه حرب اقتصادية لا سيف بها، مخطئ من ظن ذلك هذه حرب أقوى من الرصاص وأشد بطش من سيف، هذه حرب ستصنع نظام علمي اقتصادي جديد، بتوحد أحرار العالم
 

كلمات عززت موقف الزعيم التركي، وأعطت حافز لمن وقف مع تركيا بأن رجل يسمعهم، ويتحدى النظام القائم، ويصنع نظام اقتصادي جديد، مقترح على بعض دول التي تعاني من تبعية لدولار وتقف تحت رحمة هيمنة الدولار مثل روسيا والصين وإيران بوقف التعامل الخارجي بدالولار الأمريكي، وبدء التبادل التجاري بين هذه الدول بالعملات المحلية، في خطوة لقيت ترحيب من روسيا وإيران والصين، وأكدت روسيا استعدادها التبادل التجاري بالعملات المحلية مع أي دولة في العالم تقبل التعامل بالعملة المحلية وتتخلى عن الدولار في تبادلتها التجارية.

خطوة أربكت الدولة الأمريكية وقد تنهي على الدولار وتعيده من عمله عالمية إلى عملة محلية الاستخدام وربما يفقد نصف قيمته وربما أكثر من ذلك، في ضربة عكسية لن يتحملها الدولار الأمريكي ولا الاقتصاد الأمريكي، ما قامت به أمريكا تحت حكم ترامب من توحيد أحرار العرب والمسلمين والالتفاف خلف أردوغان واعتباره قائد المرحلة، في وجه الجشع الغربي، وتنمية روح الوطنية الدينية، ورفع وروح القتال، والبحث عن الحرية، وإنهاء عصر من التبعية امتد أكثر من مائة عام.

 

لا أعرف كيف نشكر ترامب على هذه الحرب، لا اعرف كيف فعلها ترامب ووحدنا على كلمة وتحت راية واحدة في حرب هي الأولى التي نحارب بها موحدين منذ سقوط الخلافة العثمانية، سيقف البعض ويقول هذه حرب اقتصادية لا سيف بها، مخطئ من ظن ذلك هذه حرب أقوى من الرصاص وأشد بطش من سيف، هذه حرب ستصنع نظام علمي اقتصادي جديد، بتوحد أحرار العالم وبدعم وصمود المواطنين لن تستمر الهيمنة الأمريكية، ستكون الحرب الأولى التي يخوضها المسلمون تحت راية واحدة، وستكون الحرب الأولى التي يحقق فيها المسلمون نصر ينهي عصر التبعية العربية للغرب إلا من أبى.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.