شعار قسم مدونات

لماذا تحتل الروايات قائمة الكتب الأكثر مبيعا؟

مدونات - رجل يقرأ

إذا ما سألت قارئاً عن حصيلة الكتب التي قرأها طيلة حياته حتى لحظة سؤالك، ستجد أن الروايات تحتل الحيز الأكبر من قائمة كتبه، في حين أن باقي أنواع الكتب تكون قليلة مقارنة بها وغالبا تكون تنمية بشرية. قد تكون المشكلة في الكتب، وقد تكون في القارئ أيضا. أكثر الكتب مبيعاً في العالم هي الروايات، فما هو سبب لجوء أغلب القراء العرب خاصةً للروايات؟

من بين الأسباب هي كون الكتب أكثر تعقيداً من الروايات، تحتوي كماً هائلا من المعلومات التي يربطها موضوع واحد لكن لكل معلومة فكرة جديدة على القارئ، تجعل استيعابه لهذا القدر من الأفكار صعب، كالكتب العلمية والكتب السياسية والكتب ذات الطابع الديني، ورغم أن لغتها مباشرة غالباً، فإن هذا لا يشفع لها. مشكلة أخرى في الكتب، قد تكون سبباً في عزوف القراء عنها، هي عناوينها المباشرة والمتشابهة. هكذا القراءة عند العرب: رواية أم كتاب؟ مواضيعها المتشابهة والمعروفة والتي تتناول ذات المواضيع مهما اختلف أسلوب الطرح، مما قد يجعلها مبتذلة لا تثير فضول القارئ. لهذا أغلب القراء يفضلون الروايات، فكون لغتها بسيطة وأسلوبها سهل وأحداثها متسلسلة وطريقة سرد الكاتب لها، كلها عناصر شد وتشويق للقارئ. كما أن عناوينها المختلفة والمثيرة للانتباه وقصصها الجديدة تجذب القارئ أكثر مما تجذبه الكتب الأخرى.

اتجاه القارئ للروايات دون غيرها يوقع بعض الاحتمالات السلبية عليه، مثلاً أن تكون المتعة فقط هي غرضه من القراءة.

ورقة رابحة أخرى تضاف للروايات، هي أن أغلب الروايات تخاطب مشاعر القارئ والحس الوجداني له، وتثير عاطفته تجاه قضية ما، فيجد نفسه مأخوذاً بهذه الرواية ويشاركها انفعالاته وآراءه وأفكاره. المشكلة التي تكم هنا، هي كون الكتب تخاطب العقل والفكر أكثر مما تخاطب المشاعر والأحاسيس، والمزج بين العاطفة والفكر نادر الوجود، إلا في بعض كتب التنمية البشرية التي تحتل المركز الثاني في قائمة أكثر الكتب قراءة بعد الروايات وبعض الكتب ذات البعد الديني. غير أن هذا النوع من العاطفة لا يستميل القارئ بالشكل المطلوب. هذا لأن القارئ يميل إلى شيء قريب إليه يجعله عنصراً مشاركاً فيما يقرأ، ويثير انفعالاته وآراءه بشكل يجعل التوقف عن قراءة هذا الكتاب صعب.

لكن ماذا لو كانت المشكلة في القارئ لا في نوع الكتاب؟  حينها سيكون لزاماً علينا أن نفكر في الأمر بشكل مغاير. يتجه القارئ لقراءة روايات أغلب قصصها من وحي الخيال، وأغلب أهدافها هي التأثير على عاطفة القارئ تجاه موضوع معين، ورغم أن بعضها يحتوي على كمية لا بأس بها من المعلومات، إلا أنها تبقى قليلة مقارنة بالمعلومات التي تحتويها الكتب. اتجاه القارئ للروايات دون غيرها يوقع بعض الاحتمالات السلبية عليه، مثلا أن تكون المتعة فقط هي غرضه من القراءة، أو إشباعاً لعاطفته بقصص مماثلة لقصة عاشها أو يعايشها، وربما يكتفي بقدر من المعلومات مقابل استمتاعه بالمضمون. والأكيد أن شهرة الروايات لا يعد اجباراً له لقراءتها إلا إذا كان خياره هو مجاراة التيار الذي يسير عليه أغلب القراء.

فهل باتت المعلومات التي توجد في أغلب الكتب لا تستهوي القراء ولا تجاري ميولهم؟ أم هم من أصبحوا يبحثون عن نوع سهل الاستهلاك fast reading ونال منهم الكسل لدرجة أنهم أصبحوا لا يطيقون البحث ودراسة المعلومات في كل صفحة، وليس لديهم وقت كاف لإعادة القراءة والمراجعة والتدوين؟ الحقيقة أنه إذا كانت الروايات غذاءً للروح فإن باقي أنواع الكتب غذاءً للفكر والعقل أيضاً، ولا يجب الاستغناء عنها. والآن هناك سؤالين اطرحهما على نفسك:

– لماذا عدد الروايات التي قرأتها أكبر من عدد الكتب؟

– ماهي الكتب التي علي أن أقرأها و اهتم بها الآن؟ 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.