شعار قسم مدونات

تركي آل الشيخ.. جمهور الكرة ليس للبيع

BLOGS تركي ال الشيخ

ولدت روابط الألتراس في مصر عام ٢٠٠٧ وكانت حلم للشباب العاشق لكرة القدم، فاستطاعوا من خلال تلك الروابط التعبير عن رأيهم وحبهم لناديهم، وكانت قوات الأمن تمنعهم من ممارسة أشياء كثيرة لكنهم كانوا مصرين على استكمال الفكرة وحبهم لها، شاركوا في ثورة يناير ٢٠١١ وكان لهم دور مميز بها، وشاركوا في كل الأحداث من بعد الثورة ولم يهدأ لهم بال أبداً، وهتفوا ضد المجلس العسكري وهتفوا ضد حسني مبارك وحبيب العدلي في المدرجات مرات عديدة.

 

وأعلنوا رفضهم لكل المجازر التي تحدث ودبر لهم المجلس العسكري مجزرة بورسعيد التي راح ضحيتها ٧٢ شهيد من الجمهور واستمروا بعدها في طريقهم، حتى بدء التضيق عليهم من بعد ٣ يوليو ٣٠١٣ من قبل المجلس العسكري كما حدث مع كل الجماعات والحركات الثورية، لأن المجلس العسكري يعلم أنهم "صداع كبير في الرأس ولم يهدأ بأي مسكنات"، ومنعوهم من دخول المدرجات مرات عديدة وضغطوا عليهم بكل أنواع الطرق واعتقلوا منهم الكثير وأجبروهم في الآونة الأخيرة بحل الرابطة.

حل مجموعة ألتراس أهلاوي:

نعم أجبروهم على حل المجموعة لكن لم يستطيعوا إسكاتهم، وفي مباراة النادي الأهلي وحوريا الغيني يوم السبت ٢٢ سبتمبر ٢٠١٨ ، تعود الجماهير إلى الملاعب والجميع كان يتوقع بعد تلك العقوبات والاعتقالات واقتحام البيوت أن هذا الشباب سيهدأ، ليعلنوا بأنفسهم أنهم مازالوا يعشقون الحرية التي طالبوا بها مراراً ويؤمنون بها ولن يتنازلوا عنها ابداً، وهتفوا بـ"الحرية" لزملائهم المعتقلين وهتفوا بأن "الكرة للجماهير" وهتفوا ضد السعودي "تركي آلِ الشيخ" التي ظهر فجأة على ساحة الرياضة المصرية بمالة يبيع ويشتري في الأندية واللاعبين والمدربين والإعلاميين، ليعلنوا أن الجمهور الحر العاشق للكرة لن يباع أبداً بسهولة، وليعلنوا أن المجموعة نعم أوقفت نشاطها لكن الفكرة مازالت حيه في القلوب وستعود في يوماً ما.

رد فعل تركي آل الشيخ بعد هتافات الجماهير ضده:
شيوخ السعودية علماء تحت عباءة الدين وتحت الطلب وأئمة السلطان وأحبابه، ولقد صنعوا ديناً جديداً لأنفسهم كله مصالح، وقاعدته الأساسية مع "المصلحة" أينما كانت حتى لو كانوا مجرمين

بعدما هتف الجمهور ضد السعودي تركي آل الشيخ، لم يهدأ "تركي" ليعلن بعدها فوراً نيته الانسحاب من الاستثمار الرياضي في مصر، وإغلاق نادي وقناة "بيراميذر" الذي يملكهما. لن أتحدث كثيراً عن رد فعل بعض الرياضيين والإعلاميين والسياسيين المصريين الذين دافعوا عنه بعدما أعلن نيته الانسحاب، لأن المعروف عنهم أنهم "عبيد" للذي يدفع أكثر، وترك كان يدفع كثيراً لهم ولذلك هم ليس متضامنين مع ترك من أجل الذي حدث معه، هم فقط خائفين على "السبوبة" الذي يدفعها ترك لهم أن تضيع لأن لن يجدوا مثلها في أي مكان آخر، لذلك من مصلحتهم أن يستمر معالي المستشار حتى إذا أشترى البلد كلها، فهم خدميين "السبوبة" كما حال النظام المصري الحالي بأكمله.

رد فعل شيوخ السعودية:

لكن سوف أتحدث عن الأمر الأكثر ضحكاً وكوميدية، وهو رد فعل شيوخ السعودية أمثال "محمد العريفي وعائض القرني" الذين لم يتحدثوا عن سفك الدماء التي تحدث كل يوم في سوريا وفلسطين واليمن وغيرهم من بلاد المسلمين، ولم يتضامنوا مع زملائهم المعتقلين في السعودية أمثال "الشيخ سلمان العودة وعلي العمري ومحمد موسى الشريف" ومن معهم، ليغردوا ويعلنوا تضامنهم مع تركي آلِ الشيخ وأن ما فعله جمهور الأهلي هو قذف للمسلمين والمسلمات وأن التعرض لأعراضهم من كبائر الذنوب، ويا ويل من تعرض لعرض لأخيه المسلم كما قال العريفي!

لم تتحدثوا عما يحدث لبلاد المسلمين من قتل وتعذين وانتهاك لحرمات الله، وكم هتاف من جمهور الكرة أصبح هو الجريمة الكبرى، وحرام شرعاً؟! وهل الحلال والحرام يظهر فقط عند الهجوم على السعودية او على أحد رموزها وفقط؟! أي دين أنتم تتحدثون باسمه وتعلمون الناس به؟!

أنتم علماء تحت عباءة الدين وتحت الطلب وأئمة السلطان وأحبابه، ولقد صنعتم ديناً جديداً لأنفسكم كله مصالح، وقاعدته الأساسية مع "المصلحة" أينما كانت حتى لو كانوا مجرمين، وأخرجتم الآيات القرآنية من سياقها والآحاديث النبوية من مضمونها، وتجتزؤون منها ما تشاؤون لتبرير مواقف أسيادكم، ومتجاهلين قول رسول الله صلى الله عليه وآلة وسلم "خير الجهاد هو كلمة حق عند سلطان جائر".

سيذكر التاريخ أن مجموعة شباب من جماهير الكرة الأهلاوية في استاد السلام بالقاهرة، استطاعوا أن يهتفوا ضد هذا الكائن السعودي في وسط كل قوات الأمن المتواجدة والتي تعتقلهم دائماً
سيذكر التاريخ أن مجموعة شباب من جماهير الكرة الأهلاوية في استاد السلام بالقاهرة، استطاعوا أن يهتفوا ضد هذا الكائن السعودي في وسط كل قوات الأمن المتواجدة والتي تعتقلهم دائماً

رد فعل الإعلام والسياسيين السعوديين:

والعجيب أيضا هو رد فعل كل السياسيين والإعلاميين والمسؤولين السعوديين والبيانات والتصريحات التي تصدر من الجهات والمؤسسات، والتدوينات والهاشتاجات والفيديوهات على تويتر وكل وسائل التواصل الاجتماعي، التي في الغالب والمعروف عنها أنها تصدر من جهة واحده ويتم توزيعها على الجميع، يعلنوا فيها تضامنهم مع "تركي آل الشيخ" وما حدث معه ويطالبون النظام المصري باعتقال وتهديد هؤلاء الشباب ورد كرامة سيادة المستشار، وأكن ما حدث هي حرب على السعودية.

موقف الجماهير:

نعم من الممكن أن يتم عقوبات على الجماهير وأن تزداد الاعتقالات في صفوفهم، لكن سيذكر التاريخ أن "تركي آل الشيخ" أستطاع أن يشتري أندية ولاعبين وإعلاميين وبعض الكومبارسات ليقوموا بتشجيع النادي، لكن لم يستطيع شراء هذا الجمهور العظيم، الذي عندما سمح لهم بالدخول مرة أخرى إلى الملاعب قلبوا المشهد السياسي المصري والسعودي رأساً على عقب.

وفي النهاية سيذكر التاريخ أن مجموعة شباب من جماهير الكرة الأهلاوية في استاد السلام بالقاهرة، استطاعوا أن يهتفوا ضد هذا الكائن السعودي في وسط كل قوات الأمن المتواجدة والتي تعتقلهم دائماً، وأن هذه الهتافات البسيطة جعلته مثل الأطفال يظهر على الشاشات يبكي ويعلن انسحابه، وتهز كيان دولة كاملة مثل السعودية لأن "تركي" أحد أهم رموز هذه الدولة الحالية.

أخيرا.. يمكن لك شراء مسؤول رخيص بمال كثير لكن لا يمكن لك الاستخفاف بكرامة الشعوب الحرة العاشقة للحرية والتي لديها مبادئ من الصعب التنازل عنها. الألتراس لم يموت، وإذا كانوا استطاعوا أن يجبروهم على حل المجموعة، فلن يستطيعوا إسكاتهم أبداً ولم يستطيعوا شرائهم أبداً، وسيعودون في يوماً كما كانوا وأفضل، والكرة ستظل دائماً وأبداً للجماهير المحبة لها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.