شعار قسم مدونات

الإسلام لا يعترف بالليرة التركية!

blogs الليرة التركية

اتفق الكون كله أن المسلمين عاطفيين جدا لدرجة التخلي على أنفسهم، لكن حتى لو اعترفت الروحانيات بتعاطفهم، لن تنحي لهم العلوم الحديثة، لأن التضامن ينبغي أن يكون في مكانه الصحيح، ولا يجب أن يستغل المسلمين بإقحام دينهم من أجل إثارة عاطفة تضامنية مع مصالح شخصية تجارية قذرة، الإسلام محيط واسع لكن استغلاله بطريقة بشاعة، تعني أن تركيبة التعليمية له هي في أيادي غير حريصة وغير مؤمنة، وممكن استغلالية وتقحم ورقة الإسلام والطائفية دائما من أجل تنفيذ أجندة مصالحها المجهولة، مثل ما يحدث هذه الأيام.

 

حشد كبير من الإعلاميين والدعاة المحسوبين على تيار الإخواني، يحاولوا أن يقنعوا الناس أن التضامن مع الليرة التركية هو واجب ديني إسلامي، مثل الذي هدد المجتمع الإسلامي أنه في حالة سقوط الليرة التركية ستغتصب زوجتك أمامك، والباقية التي تحاول بقدر المستطاع أن تجلب الدعم الإسلامي لليرة التركية بسلاح الدين والتضامن وأن مساعدة تركيا واجب ديني، مع أن الخلافة الإسلامية سقطت على يد الأتراك، مع أن الأتراك هم سبب تحويل المسلمين إلى 22 دولة، مع أن تركيا لها علاقات دبلوماسية مع من قتل وشرد الأطفال وذبحهم في فلسطين، أنتم لا تريدون دعم الليرة التركية بل تحاولون دعم حزب العدالة والتنمية في تركيا.

طالما تحاولون إقحام الدين لأجل مصلحة شخصية، فماذا يقول الدين عن من يستغلونه لإثارة الفتنة بين المسلمين، يكفينا قول الله سبحانه تعالى في القرآن الكريم "أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ"، الليرة عملة نقدية فرعية من علم يطلق عليه الاقتصاد النقدي، يحتاج هذا العلم إلى خبرة كافية وتوسع علمي معرفي طويل، لكنه في نفس الوقت لا يحتاج إلى مخاطرة اقتصادية ممكن تدخل الدولة بأكملها في انحراف كلي لعملتها النقدية، مما يعني بداية العد التنازلي لاختفاء التجارة المحلية الذاتية من سوق العالمية، لأن الاقتصاد النقدي هو فرع من فروع الاقتصاد الهامة، ولها ارتباط كلي كونها أنه وسيلة التعامل والتبادل.

 

من العار أن تنظموا حملات إسلامية لمساندة حيثيات غير أخلاقية وليست دينية، الليرة التركية لا علاقة لها بشريعة ولا بتضامن الديني، كفاكم استغلال للإسلام من أجل مصالحكم

فما حدث في تركيا هي مخاطرة قامت بها الحكومة التركية محاولة منها إلى رفع وتيرة التجارة إلى مستويات عالية، لكنها فشلت وأن متأكد أن خبراء علم الاقتصاد حذروا منها مرارا وتكرارا، إلا أن الساسة كونهم دخلاء على علم الاقتصاد فهم دائما يقدمون وجهت نظرهم من زاوية التي تخصهم، فهل يتحمل الإسلام فشل الساسة، وأتمنى من دعاة دعم الليرة التركية أن يتوقفوا عن جو المؤامرات الذي صنعوه ، وقدموا تركيا فيه على أنها ضحية مبادراتها اتجاه العالم الإسلامي، هناك فشل اقتصادي ضرب حكومة رجب طيب أوردغان، وهذا الفشل للأسف يبرره الإخوان المسلمين بفشل أخر.

طالما الإسلام هو موضوعكم الشامل في الدفاع عن الليرة التركية، فمن واجبنا طرح سؤال واحد، هل الاقتصاد التركي يمشي على خطوات إسلامية أخلاقية، مثل قوله تعالى: "وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا"، جميعنا يعرف مهنية البنوك التركية وتعاملها الحديث على حسب رأي الإعلام التركي وبعض الساسة المدافعون عنها، هل يعتمد الاقتصاد التركي على الشريعة الإسلامية كليا؟ أم أنها ظاهريا دينية وباطنيا أوروبية حديثة، ألا يوجد أمكان لبيع الخمور في تركيا، ألا توجد دعارة في تركيا بموافقة الحكومة.

 

الاقتصاد التركي متورط بجرائم غير أخلاقية مثله مثل كل الأنظمة الاقتصادية العربية والأوربية، لا يوجد بلد عربي مسلم يمارس الدين والأخلاق في اقتصاده، إذا أردتم الدفاع على الليرة دافعوا عنها بمنظور علمي لا ديني، لأنها لا تعترف بالإسلام ولا الإسلام يعترف بها، من العار أن تنظموا حملات إسلامية لمساندة حيثيات غير أخلاقية وليست دينية، الليرة التركية لا علاقة لها بشريعة ولا بتضامن الديني، كفاكم استغلال للإسلام من أجل مصالحكم، لأن التعامل الدنيوي في البنوك العربية والإسلامية وحتى العالمية ملحد بالأخلاق الدينية سواء كانت إسلام أو مسيحية أو يهودية، فكيف ندافع بمنطلق ديني عن عملة نقدية ملحدة بتعاليم الدين، يجب أن نعالج مشاكل الاقتصاد بالاقتصاد لا نفرض على الناس شيء، ولا يوجد مشكل ليس له حل، فطالما مشكل تركيا مشكل اقتصادي سيظل اقتصادي وما دخول الدين بين أطراف مشاكله ما هو إلا رفع وتيرة الفشل إلى أعلى مستويات، لأن جرائم تركيا الاقتصادية ضد الإسلام واضحة وضوح الشمس.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.