استفتاء تركيا يحيي الآمال بتحسن العلاقات مع الأكراد

لافتة ضخمة في مدينة اسطنبول تدعو للتصويت بنعم في استفتاء التعديلات الدستورية
لافتة بمدينة إسطنبول تدعو للتصويت بنعم في استفتاء التعديلات الدستورية (الجزيرة)

خليل مبروك-إسطنبول

أنعشت نتائج الاستفتاء على تعديل الدستور في تركيا الآمال بتحسين العلاقات مع الأكراد بعد قرابة العامين من إعلان "حزب العمال الكردستاني" عن تجميد العملية السياسية مع الحكومة وتنفيذه سلسلة عمليات عسكرية في يونيو/حزيران 2015.

فقد منحت أغلبية المصوتين بالولايات الجنوبية والشرقية -ذات الأغلبية الكردية- أصواتها للخيار "نعم" فرجحت كفة استفتاء 16أبريل/نيسان لصالح تعديل الدستور، لتعوض بذلك تقدم أنصار الخيار "لا" بالولايات الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير.

والتقط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السلوك الانتخابي الكردي بكثير من الاهتمام، وعلق عليه بأول خطاب له بعد ظهور النتائج بالقول إنه "إشارة جيدة بالنسبة للاستحقاقات الانتخابية القادمة عام 2019".

ورأى مسؤولون من حزب العدالة التنمية الحاكم وناشطون أكراد أن لهذه التطورات تأثيرا إيجابيا على مستقبل القضية الكردية، كما اعتبروها تعبيرا من الأكراد عن نفورهم من القيادات السياسية الكردية المعارضة التي وقفت في معسكر "لا لتعديل الدستور".

‪أقطاي: الحكومة لم تقطع علاقاتها أساسا بالأكراد‬ أقطاي: الحكومة لم تقطع علاقاتها أساسا بالأكراد (الجزيرة)
‪أقطاي: الحكومة لم تقطع علاقاتها أساسا بالأكراد‬ أقطاي: الحكومة لم تقطع علاقاتها أساسا بالأكراد (الجزيرة)

تطوير العلاقات
وأكد ياسين أقطاي نائب رئيس حزب العدالة والتنمية أن الحكومة لم تقطع علاقاتها أساسا بالأكراد، وأن الحزب سيحافظ على علاقاته بهم ويعمل على تطويرها بالمستقبل.

وأرجع في حديثه لـ الجزيرة نت ارتفاع نسبة تأييد تعديل الدستور في أوساط الأكراد إلى ثلاثة أسباب رئيسية أهمها أن "الشعب الكردي ملّ من السياسيين الذين يزعمون أنهم يمثلونه".

كما رأى أن "التأثير السلبي" لـ حزب العمال الكردستاني المناهض لتركيا على الأكراد تراجع بسبب تقويض نفوذه تحت وطأة "عمليات مكافحة الإرهاب الأخيرة" فضلا عن أن الطبيعة المحافظة والمتدينة للشعب الكردي تجعله أكثر قربا لفكر حزب العدالة والتنمية ومعتقداته، وفقا لتعبيره.

وأشار أقطاي إلى أن هذه التطورات فتحت للأكراد مجالا أوسع من الحرية والقدرة على التعبير "بعيدا عن فوهات بنادق الانفصاليين" التي كانت تحيط بالانتخابات سابقا، ما أدى لازدياد نسبة التصويت لصالح حزب العدالة والتنمية.

وكان الجيش التركي قد شن أواخر عام 2015 وحتى أواسط 2016 سلسلة عمليات مكثفة ضد "العمال الكردستاني" أسفرت عن تقويض بنيته العسكرية وإبعاد قواته عن المدن التي كانت تهيمن عليها خاصة مدينة ديار بكر التي تعد معقله الرئيس.

وأوصلت الهجمات المتبادلة بين حزب العمال والجيش التركي عملية السلام التي بدأت منذ وصول "العدالة والتنمية" للحكم إلى طريق مسدود عام 2015 بعدما أوشكت على أن تؤتي أكلها.

‪كونش: الأكراد كانوا
‪كونش: الأكراد كانوا "حانقين" وعاشوا حالة كبت‬  كونش: الأكراد كانوا "حانقين" وعاشوا حالة كبت (الجزيرة)

شروط التقدم
وكان حزب الشعوب الديمقراطي قد وصف نتائج الاستفتاء على تعديل الدستور بالباطلة، واتهم اللجنة العليا للانتخابات بــ "الانحياز والمشاركة في انتهاك قانون الانتخابات" داعيا إياها إلى إلغاء النتائج.

وقال عضو الحزب بولاية ماردين (جنوب) في تصريحات على الموقع الرسمي للحزب إن "الطريقة الوحيدة لإنهاء الأخطاء التي ارتكبت في الاستفتاء على الدستور هي إلغاء نتائجها، وإلا فإن لجنة الانتخابات ستزيد من دمار البيئة الديمقراطية في تركيا وستبقي البلاد في حالة جدل لا تنتهي".

لكن الناشط السياسي الكردي محرم كونش قال إن الأكراد كانوا "حانقين" وعاشوا حالة كبت على يد حزب العمال وامتداداته السياسية، في إشارة لحزب الشعوب الذي كان "يرهبهم ويقصيهم ويهينهم".

وأضاف كونش -الذي يرأس مؤسسة الدعوة والأخوة ومقرها إسطنبول- أن هذه الأسباب دفعت الشارع الكردي للترحيب بالعمليات المكثفة للجيش التركي التي كسرت شوكة حزب العمال وقللت تأثيره، الأمر الذي خلق لهم جوا من الارتياح وفرصة للتعبير بحرية عن مواقفهم.

وعبر -في حديثه للجزيرة نت- عن توقعاته بأن يزداد احتكاك الأكراد وتفاعلهم مع المؤسسات والجهات السياسية التركية خلال الفترة المقبلة، مرجحا ألا تهمل الحكومة أيضا توجهاتهم الجديدة في ظل تراجع وانحسار تأثير الجهات التي كانت تمثلهم.

ودعا كونش الحكومة للتواصل مع القادة الأكراد "الذين يتمتعون بقبول الناس والذين لم ترتبط أسماؤهم بأعمال العنف".

المصدر : الجزيرة