جدل لتعيين إسرائيل امرأة قاضية شرعية

صورة1 خلال مراسيم تنصيب هناء خطيب قاضية بالمحكمة الشرعية، في الصورة رئيس الدولة رؤوفين ريفلين يسلم كتاب التعيين للقاضية خطيب، يظهر بالصور أيضا وزيرة القضاء أيليت شاكيد، رئيس محكمة الاستئناف الشرعية، عبد السلام سمارة.
رئيس إسرائيل رؤوفين ريفلين يسلم كتاب التعيين للقاضية خطيب (الجزيرة)
محمد محسن وتد-أم الفحم

تباينت المواقف بالداخل الفلسطيني حيال تعيين إسرائيل امرأة في منصب قاضية بالمحاكم الشرعية الإسلامية، فقد رأت الجمعيات النسوية في ذلك خطوة لتحقيق المساواة والنهوض بمكانة المرأة، في حين عدته تيارات سياسية ودينية تكريسا للتدخل بالشؤون الدينية لفلسطينيي 48.

وأعلنت وزيرة القضاء الإسرائيلية أيليت شاكيد تعيين المحامية هناء خطيب لتكون أول قاضية بالمحاكم الشرعية الإسلامية بالبلاد. وما زال التعيين مثارا للجدل حتى على مستوى السياسيين، إذ توجد محاكم دينية للطوائف الأخرى، لكن لا وجود لقاضيات يهوديات أو مسيحيات أو درزيات.

ورفضت الأحزاب الدينية اليهودية التي باركت تعيين مسلمة بالقضاء الشرعي مجرد طرح فكرة تعيين قاضية يهودية بالمحاكم الدينية للنقاش بالبرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، وسوغت موقفها هذا بالاعتراض الجازم وعدم السماح لأي شخص أو جهة حتى لو كانت الحكومة التدخل بالشؤون الدينية للحريديم.

‪خطيب: القرار صفقة مشبوهة تحاول‬ (الجزيرة)
‪خطيب: القرار صفقة مشبوهة تحاول‬ (الجزيرة)

صفقة وصفعة
ورفض رئيس لجنة الحريات الشيخ كمال خطيب هذا التعيين قائلا إن "اعتبارات سياسية وليست شرعية وراء القرار الذي ما هو إلا صفقة مشبوهة تحاول إسرائيل من خلالها تجميل وجهها القبيح والتظاهر بأنها تحترم الدين الإسلامي".

وتساءل خطيب في حديثه للجزيرة نت: كيف يمكن للوزيرة شاكيد من حزب "البيت اليهودي" أن تزعم من خلال هذا التعيين احترامها للمرأة المسلمة وللمسلمين، بينما يبادر حزبها لتمرير قانون إسكات الأذان، وتغريم من يرفع صوته للتكبير بالمسجد الأقصى وملاحقة المرابطين والمرابطات؟ كما أن كل من يقتحمون ساحات الحرم القدسي الشريف هم من متطرفي حزبها.

وحذر من هذه الخطوة التي عدها صفعة لتعميق التدخل الإسرائيلي بشؤون المسلمين بالداخل الفلسطيني، خاصة وقد سبقتها المصادقة على تعديل قانون الأحوال الشخصية، الذي فيه مساس بالأحكام والشرع الإسلامي.

‪المحامية هناء خطيب‬ (أعلى يمين) (الجزيرة)
‪المحامية هناء خطيب‬ (أعلى يمين) (الجزيرة)

مساواة وتمكين
خلافا لهذا الموقف، رحب التنظيم النسوي "كيان"، بالتعيين، وطالب في بيان صادر عن الجمعيات بتعيين المزيد من القاضيات الشرعيات بغية إنصاف المرأة وحقها بالترشح لأي منصب أسوة بالرجال، الأمر الذي من شأنه أن يخدم النساء ويعمل للحد من التمييز الممنهج ضدهن بمواقع اتخاذ القرار.

وأكدت النائبة بالكنيست عايدة توما رئيسة اللجنة البرلمانية للنهوض بمكانة المرأة أهمية هذه الخطوة التي وصفتها بـ"خطوة تاريخية بالنضال النسوي في البلاد بغية النهوض بالنساء الى أماكن اتخاذ القرار والمناصب الريادية بالدولة، بحيث أن قرار التعيين خطوة إضافية نحو تحقيق المساواة للمرأة العربية".

بدوره، بارك رئيس محكمة الاستئناف الشرعية، عبد السلام سمارة، تعيين المرأة في منصب القضاء الأمر الذي من شأنه أن يعزز العمل القضائي ويسهل الإجراءات القضائية بقضايا الأحوال الشخصية والأسرية.

ودعا إلى تعزيز مكانة مؤسسة المحاكم الشرعية والتي بدورها أصدرت بيانا قالت فيه إن "تعيين قاضية شرعية ليس بدعا من الأمر، حيث أن هناك دولا إسلامية قد سبقتنا بتعيين امرأة في منصب القضاء الشرعي، وكذلك فعلت السلطة الفلسطينية، حيث عينت ثلاث قاضيات في محاكمها الشرعية قبل سنوات".

‪السعدي: التعيين يعزز مكانة المرأة العربية‬ (الجزيرة)
‪السعدي: التعيين يعزز مكانة المرأة العربية‬ (الجزيرة)

وقد تبنى الموقف نفسه النائب بالكنيست أسامة السعدي، عضو لجنة تعيين القضاة، قائلا في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه إن "هذا التعيين يسهم في تعزيز مكانة المرأة العربية والنهوض بالمجتمع العربي"، لافتا إلى أن ذلك من شأنه أن يعزز التمثيل العربي بالجهاز القضائي بإسرائيل.

الحلال والحرام
من جانبه، رفض رئيس المجلس الإسلامي بالداخل الفلسطيني الشيخ د. مشهور فواز، المساومة بقضية تولي امرأة بمنصب قاضية شرعية، وهي قضية مثار للجدل بالمجتمع الفلسطيني بالداخل.

ويرى أن القضية أعمق وأخطر من السماح بتعيين قاضية أو عدم المساح والتباين بين المذاهب وتحريم ذلك، كون الذين اتخذوا القرار في غالبيتهم ليسوا من أصحاب العلم الشرعي وليسوا من المسلمين، وهذا بمنزلة تدخل في شؤون المسلمين والمحاكم الشرعية بالبلاد.

ويجزم في حديثه للجزيرة نت بأن القضية الجوهرية التي يسعى البعض لتحييدها وتهميشها عن جوهر النقاش بمعزل عن التحليل والتحريم، وإنما من الذي قرر تعيين قاضية شرعية؟ وهل قرر المسلمون ذلك أم إن الأمر فرض عليهم؟ لافتا إلى أن وزيرة غير مسلمة أصلا هي التي اتخذت القرار.

وتساءل: هل تملك الوزيرة الإسرائيلية الجرأة والشجاعة لتعيين قاضية امرأة في المحاكم الدينية اليهودية، خاصة أن الحاخامات يعارضون الأمر بشدة.

المصدر : الجزيرة