رغم الهزيمة.. اليمين المتطرف يرسّخ حضوره بفرنسا

midan - Marine Le Pen
رغم خسارتها بانتخابات الرئاسة فإن لوبن نجحت في تكريس حضور اليمين المتطرف في المشهد السياسي الفرنسي (رويترز)
بعد حملة شرسة جدا ضد أوروبا والعولمة والنخب السياسية، حصلت مرشحة الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف) مارين لوبان على 34% من الأصوات يوم الأحد أو 10.6 ملايين ناخب، أي أكثر بمرتين مما حصل عليه والدها جان ماري لوبان عام 2002 خلال الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها جاك شيراك.

ومنذ إعلان هزيمتها استأنفت لوبان هجومها واعدةً بإعادة تشكيل سياسة واسعة المدى بين "الوطنيين" و"معارضي العولمة"، ومضت لتصف النتيجة بـ"التاريخية والضخمة" وأنها تجعل من حزبها -المناهض للهجرة واليورو- القوة المعارضة الأولى في فرنسا.

وطوال عقود عانت الجبهة الوطنية من صورة مشوهة غذتها سجالات معاداة السامية، وتحريف التاريخ وكراهية الأجانب لوالدها جان ماري لوبان، لكن الإستراتيجية التي اعتمدتها مارين عندما تولت عام 2011 زعامة الجبهة الوطنية حققت نجاحا، فقد استطاعت أن تحسن صورة حزبها مع غرس أفكاره في النقاش العام.

ورغم الدعوات السياسية من جميع الأطراف إلى التصويت لصالح ماكرون لمنع لوبان من الوصول إلى قصر الإليزيه، فإن واحدا من كل ثلاثة ناخبين رفض الاختيار بين المرشحيْن في الدورة الثانية، وهذا رقم قياسي.

اليمين المتطرف تعرض لهزيمة في فرنسا لكنه يترسخ بقوة في المشهد السياسي (غيتي إيميجز)
اليمين المتطرف تعرض لهزيمة في فرنسا لكنه يترسخ بقوة في المشهد السياسي (غيتي إيميجز)

خطاب جاذب
وتجد المواضيع المفضلة لدى الجبهة الوطنية، مثل الهجرة وانعدام الأمن والسيادة والحمائية، أصداء إيجابية لدى المناطق الريفية التي أنهكتها البطالة وتعيش حالة من التوتر بعد موجة الهجمات التي أوقعت 239 قتيلا في البلاد منذ 2015، الأمر الذي دفع أستاذة العلوم السياسية في كلية كيدج للأعمال للمطالبة بضرورة التوقف عن الاعتقاد بأن الجبهة الوطنية ظاهرة عابرة.

ولم يختلف مع هذا الرأي المؤرخ نيكولا لوبور الذي كتب في صحيفة ليبراسيون قائلا "يتعين قراءة النتيجة التي حصلت عليها الجبهة الوطنية على أنها تطبيع مع خيار اليمين المتطرف في المجتمع الفرنسي".
   
وأضاف "هذا يعني كما في الانتخابات النصفية أن هناك رغبة حقيقية لدى المواطنين في وجود اليمين المتطرف".
   
لكن عالم الاجتماع والخبير بشؤون الجبهة الوطنية سيلفان كريبون لفت إلى أن الحزب نجح في إملاء سياسته في مجال الهوية على مجمل الطبقة السياسية، وكانت النتيجة هي تفكك "الجبهة الجمهورية" التي تشكلت لقطع الطريق على اليمين المتطرف الفرنسي عام 2017.

المهمة المقبلة
وتبقى المهمة المقبلة للوبان هي الفوز بـ15 أو 20 مقعدا على الأقل في الانتخابات البرلمانية التي ستجري في يونيو/حزيران المقبل، في حين ليس لدى حزبها الآن سوى مقعدين في الجمعية الوطنية.
   
ولكي يحقق معسكرها تقدما يتعين أن تبدأ بتبديد الشكوك التي تساور حزبها بعد حملة انتخابية تخللها فشل قد يكون أفقدها بعض الأصوات، من عدم الوضوح في مسألة التخلي عن اليورو والعدائية الجامحة خلال مناظرة تلفزيونية إلى تعليقات مثيرة للجدل حول وضع اليهود في باريس إبان الاحتلال النازي.
   
وفي مواجهة انتقادات في معسكرها، أعلنت زعيمة الجبهة الوطنية تحوّلا عميقا لحزبها الذي لن يكون له الاسم نفسه، وفقا لنائبها فلوريان فيليبو.
   
وقال فيليبو "لقد حان الوقت لتشكيل قوة سياسية جديدة، والانتقال إلى المرحلة التالية التي يجب أن تكون أكثر شمولية، وأعتقد أن هذا ما يرغب فيه العديد من الفرنسيين".

المصدر : الفرنسية