شعار قسم مدونات

من ستالين إلى السيسي

BLOGS - SISI
رأيت في ما يرى النائم، أنه في مكان ما من عالمنا الوسخ والدامي والخرب بسبب السلطوية والطغيان، اجتمع كل من ستالين، ماو تسي تونغ وشارلي شابلن للتعليق على الوضع العالمي الراهن، وكان حال العالم والمتغيرات التي طرأت عليه وسقوط دول وانقسامها وبروز أخرى وحالة الاستقطاب الحاد والشرش الحاصلة اليوم، مواضيع أخذت حيزا مهما من تعليقهم على الأحداث المتسارعة، وكان الاستغراب والاندهاش سيدا الجلسة.

لكن، كان أهم أسباب حيرتهم وأساهم هو التغييرات التي حصلت على صورة الدكتاتور، وكان السيسي نموذجهم الذي لفت انتباههم وقرروا الحديث عنه، وكنت معهم أصور تلك الجلسة الفريدة والاستثنائية.

السيسي أضاع هيبة الديكتاتور والزعيم الأوحد، هو مهرج ولا يحتمل منافس له في المجال.

كان ستالين بشاربه الغليظ وجبروته الطاغي، وملامح وجهه القاسية الباعثة على الرعب، كأنه الأخ الأكبر في رواية 1984 لجورج أورويل، يتحدث في تلك الجلسة عن أساه لما اَلت له صورة الزعيم الدكتاتور على يد "الهلفوت" الذي ظهر بمصر في غفلة من التاريخ والمنطق، فقال مخاطبا الحضور "تصوروا أن صورة الدكتاتور تحولت لهذا الشكل، لنموذج السيسي الأبله، الذي ينافس عمرو خالد ومصطفى حسنى وتامر حسني في المسكنة، أصبح هو" حساس الجيل" المزيف والمستفز بلا منازع، أما تصريحاته المتنافية مع المنطق والرصانة، أزاحت أمثال أحمد موسى وتوفيق عكاشة من المشهد التهريجي، أصبحوا في هامشه، هل سمعتم بحديث الثلاجة أو قصة "صبح على مصر بجنيه، أو سردية الفكة أو "مش قادر أديك"؟.

واصل ستالين حديثه بنبرة تجتاحها رياح الحسرة وقال "هذا الرجل شوه اَخر ملامح الوقار عند الزعماء، حولهم لممثلين هزليين وليس بالقطع استمرارا لنهجنا، لا مشروع له سوى التفاهة والابتذال، ومقارنته بنا اهانة ينبغي وقفها فورا".

كان ماو يراقب كلام ستالين باهتمام وبعيون تكاد تقطر بالدم، ودأب خلاله على هز رأسه بالموافقة والتأكيد على خلاصاته وملاحظاته، وحين وصله الكلام، همهم كثيرا قبل الحديث، وقال "ماذا عساي أضيف؟، هذا الوضع في منتهى الانحطاط، هذا الكائن المائع، أساء لإرثنا التليد، فقد حول التهريج والاستظراف والغباء لمشروع حكم، والأدهى أنه قدم للحكم في إطار الترويج لأنه زعيم لتصحيح مسار ثورة عظيمة، ونظر له الكثير من النخب على ذلك الأساس وحتى أن بعض من شعبه سار في تلك الجوقة، الرجل لا يفكر قبل حديثه وكلما خرج أتى بقول تافه ومستفز بشكل يثير الغثيان، تصورا نظام لا مشروع لديه ولا إيديولوجيا واضحة ولا رؤية تأطيرية، يتخبط ويرقص على الحبال، صدق من أطلق عليه وصف "بلحة".

كان تشارلي تشابلن ينتظر دوره بشغف وفي استعجال، كأن في جوفه مرارة يريد قذفها حتى يرتاح من أرق السكوت، وكأنه لم يتحدث منذ أمد بعيد، ناوله ماو الحديث مبتسما، وقال دورك يا من سبق وقدمت هيتلر بشكل ساخر، ضحك تشارلي وقال "صحيح فعلت ذلك لكن السيسي يفوق قدراتي فهو يلعب دور "الأراجوز" المبتذل ببراعة لا يمكن منافستها، أتصور اليوم أن أهم مصدر للتنكيت في مصر والعالم العربي بل العالم هو السيسي، الرجل مادة حية للسخرية لا تحتاج للتعديل أو التقليد، حديثه وحركاته تكفي لإضحاك الجميع، السيسي يفوق فتى كوريا الشمالية، الدب الصغير الذى تصاغ حوله يوميا اَلاف الأساطير والحكايات المستهزئة".
 

وختم تشارلي قائلا "لكن، المحزن في الأمر أن هذا الدكتاتور القاتل البشع يتحول لمصدر للضحك، وقد يضيع في ذلك بعض الغضب من جرمه"، ولم ينهِ كلامه حتى دخل للقاعة، سيد" العكش"، توفيق عكاشة وسلم على الجميع وبدأ الصراخ "العكاشي" المعهود، وقال "صدقتم، السيسي أضاع هيبة الديكتاتور والزعيم الأوحد، هو مهرج ولا يحتمل منافس له في المجال، فقد أزاحني من المشهد لأنه لا يريد مهرجا سواه" . ضحك الجميع وقالوا في صوت واحد حتى أنت يا عكاشة!، وعندها، انتهى ذلك الحلم أو التخيل الواعي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.