شعار قسم مدونات

كوكب زوكربيرغ

blogs - arab.zok
 
لم يدر ربما في خلد المدون الأميركي الشهير جورن بارغر،عندما أطلق مصطلح ويب لوغ (web log) على أول مدونة قبل عشرين سنة تقريباً، أنه أطلق شرارة ثورة مواقع التواصل الاجتماعي أو صحافة المواطن.. ومع دخول الألفية الثالثة تفشت ظاهرة المدونات في المجتمعات العربية لا سيما تلك التي يسود فيها الإعلام الحكومي وتكمم فيها الأفواه لمصلحة الرأي الحاكم. وصدع المواطنون الصحفيون رؤوس حكومات عربية عدة أبرزها نظام حسني مبارك في مصر وبن علي في تونس خاصة مع بدء انتشار الهواتف الجوالة المزودة بكاميرا. 
 
تمدد فيسبوك ليضيف خاصية المتابعة (follow) منافساً موقع تويتر

سياسة، حقوق إنسان، أدب، خواطر، يوميات ومواضيع شتى غصت فيها المدونات على مخدمات محلية وأخرى دولية مثل مكتوب وبلوغر وورد برس، وسرعان ما انتشر مفهوم المواقع التفاعلية أو (Web 2.0) مع ظهور موقع فيسبوك في ٢٠٠٤، وكذلك موقع تويتر في ٢٠٠٦ الذي أسس لظاهرة التدوين المصغر أو (Micro blogging). 

 

ما عادت التدوينة غير محدودة فاقتصرت على ١٤٠ حرفاً وهي عدد الأحرف المسموح إرسالها في خدمة الرسائل القصيرة حينها حيث كان يمكننا تحديث حساباتنا على تويتر من دون وجود إنترنت وإنما من خلال "SMS".
 

سيطر فيسبوك لاحقا على المشهد دون منازع جامعاً خصائص المواقع الأخرى، مثل التدوين النصي، أو التدوين البصري بدلاً من "بيكاسا وفليكر"، والفيديو بدلاً من "يوتيوب وفيميو"، تمدد الفيسبوك ليضيف خاصية المتابعة (follow) منافساً موقع، وهكذا.

 

وكلما ظهر موقع أو تطبيق منافس، يسارع المؤسس مارك زوكربيرغ للاستحواذ عليه، وآخر الأمثلة إنستغرام وواتساب.. وإن رفضت إحدى الشركات الإذعان لطموحات مارك، لا بأس فالحل موجود!
نسخ الخدمات التي يقدمها الموقع وتطويرها وطرحها في قالب جديد للمستخدمين، ودليلنا هنا تطوير تطبيق إنستغرام لينافس تطبيق سنابشات الصاعد بقوة لا يمكن إيقافها أو تجاهلها.
 

يسعى مارك زوكربيرغ ليكون الإنترنت هو فيسبوك والعكس صحيح. ووفق آخر الإحصاءات فإن ما يعادل نصف عدد سكان العالم تقريباً يستخدم الإنترنت، أي نحو ٣ مليار ونصف المليار إنسان، وللمفارقة فإن نصفهم هم مستخدمون فاعلون على موقع فيسبوك أي أكثر من مليار ونصف المليار مستخدم. وهذا من دون التطرق إلى ملايين المستخدمين الآخرين لـ انستغرام وواتساب التابعين لمارك أيضاً.
 

لكن هذا لا يكفي بنظر مارك، فهنا ٤ مليار آخرين تقريباً من البشر لا تصلهم الإنترنت ولا يستخدمون أياً من مواقعه أو تطبيقاته. ما الحل إذاً؟

يرعى مارك حالياً مبادرة إنترنت أورغ (internet.org) لإيصال خدمة الإنترنت مجاناً إلى المناطق النائية حول العالم من خلال الأقمار الصناعية ومن خلال الطائرات من دون طيار التي تعمل على الطاقة الشمسية. يقول مارك إن ١٩ مليون شخص حول العالم يستفيدون حتى الآن من هذه المبادرة.
  

لا تتوقف عقارب ساعات العمل والتطوير والإبداع في مقر فيسبوك في وادي السليكون بسان فرانسيسكو. لم يعد المنافسون يشكلون قلقاً بعد إقصائهم بل أكثر ما يخيف الفيسبوك الأفكار الجديدة والمشاريع الناشئة. فلذلك يحرص مارك على عقد مؤتمرات للمطورين الشباب وتوظيفهم أو نسج شبكة علاقات واسعة وشراكات معهم.
 

في الثمانينيات أطلق العالم الراحل مارشال ماكلوهان نظريته الشهيرة عن تحول العالم إلى قرية كونية بفضل ثورة وسائل الاتصال

واليوم ينحو فيسبوك لينافس غوغل كمحرك بحث مع تطوير خاصية البحث فيه التي لم تعد محصورة بأسماء المستخدمين وإنما بالقضايا والمواضيع الأكثر انتشاراً ومناقشةً وغيرها. وكذلك يتجه للتوغل أكثر في تقنيات البث المباشر والواقع الافتراضي  (Virtual Reality) والتصوير بزاوية ٣٦٠ درجة.

 

ومن جهة ثانية، يتجه فيسبوك ليكون مصدراً للأخبار بدلاً من وسائل الإعلام التقليدية من خلال لائحة الترند  (Trends) التي أثيرت حولها ضجة مؤخراً، واتهم الموقع بأنه يتحكم يدوياً بإضافة مواضيع وحذف أخرى لا سيما في ما يتعلق بأخبار المحافظين الأميركيين.
 

كل يوم هناك جديد لدى فيسبوك والشركات الشقيقة، وكل يوم قاعدة البيانات تتوسع لتشمل معلومات عن مئات الملايين من الأشخاص ابتداء من أسمائهم وصورهم وأقاربهم وأصدقائهم والأماكن التي زاروها والوجبات التي تناولوها والكتب التي اقتنوها والنقاشات التي اتفقوا أو اختلفوا حولها وغير ذلك الكثير الكثير.
 

في الثمانينيات أطلق العالم الراحل مارشال ماكلوهان نظريته الشهيرة عن تحول العالم إلى قرية كونية بفضل ثورة وسائل الاتصال. ماذا نقول اليوم عندما نرى القارات الخمس بالإضافة لمحطة الفضاء الدولية متصلة كلها من خلال فيسبوك. هل تذكروا البث المباشر عبر فيسبوك من محطة الفضاء الدولية وأداره مارك قبل أسابيع؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.