شعار قسم مدونات

بوركيني أونلاين

blogs - mobile
تلقي كثرة الأخبار والتقارير عن الإنترنت والخصوصية في نفوسنا القلق والريبة. ويتخيل لنا وقد يكون ذلك حقيقة بأننا كمستخدمين أصبحنا عراة معلوماتياً بسبب كثرة التطبيقات والبرمجيات على هواتفنا وحواسيبنا لا سيما تلك المتصلة بالإنترنت والتي تحفظ بياناتنا على مخدماتها.

ما زلنا نحن المستخدمون بإمكاننا حتى اليوم، في زمن ثورة الداتا، إسدال الستائر أمام مناظير الشركات المختلفة لتعقب سلوكنا على الإنترنت بغرض تحليلها. كما يمكننا إغلاق النوافذ بوجه المجاهر الدقيقة للحكومات التي لو كان باستطاعتها حصي أنفاسنا لما قصرت.

يجمع خبراء أمن المعلومات على أن العامل البشري هو الأضعف في أمن المعلومات وهو المسؤول عن أغلب حالات الاختراق بسبب الجهل أو الاستخفاف.

مهما تزداد التقنيات تعقيداً للتعقب والتجسس فإن هناك في المقابل رواداً لحق خصوصية المستخدمين وهم مهندسون ومبرمجون بارعون يصلون الليل بالنهار لتطوير برمجيات مفتوحة المصدر (Open Source). قد تكون بديلاً مجانياً لتطبيقات تجارية قابلة للاختراق أو تطبيقات تساعد في تشفير محتوى استخدامنا وتساعدنا في التخفي الإلكتروني.

وقد يسأل أحدنا: ما الدليل على أنه فعلاً يمكننا حماية خصوصيتنا وبأن الحكومات أو الشركات ليس بمقدورها انتهاكها رغم التقنيات التي بحوزتها؟

الإجابة تكمن في آخر محاولة اختراق هاتف "آيفون" حدثت لمواطن إماراتي في ١٠ و١١ أغسطس/ آب ٢٠١٦ عندما وصلته رسالتين تتضمنان رابطاً مشبوهاً. تبين بعد تحليل الرابط من خلال مختبر "Citizen Lab" في كندا أنه يقوم بتحميل برمجيات خبيثة تؤدي إلى اختراق كل بيانات الهاتف وتشغيل الكاميرا والميكروفون في الخلفية دون علمه.

وبالتعاون مع شركة "Lookout Security"، اتضح أن المسؤول عن الرابط الخبيث هي شركة "NSO" الإسرائيلية لبرمجيات التجسس لصالح الحكومات والأجهزة الاستخبارية وأن كلفة برمجيات الخرق قد تصل إلى مليون دولار. وقد اضطرت شركة آبل لاحقاً إلى إصدار تحديث أمني لنظام تشغل هواتف آيفون (IOS).

والشاهد الآخر هنا، هو لجوء مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي (FBI) إلى المحاكم لإجبار شركة آبل على منح المحققين باباً خلفياً (Back Door) لجهاز آيفون يعود إلى المتهم بإطلاق النار الدامي في مدينة سان برناندينيو بولاية كاليفورنيا في ٢ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١٥. ولما رفضت آبل، اضطر الـ"FBI" إلى الاستعانة بطرف ثالث يقوم بفك رمز قفل الهاتف للاطلاع على محتواه.

إذن، نعم يمكننا حفظ خصوصيتنا من المتطلفين والمتجسسين ومحللي السلوك بغض النظر عن محتوى وشكل استخدامنا وطبيعة شخصيتنا كمواطنين عاديين أو شخصيات هامة، فالخصوصية حق.

ويجمع خبراء أمن المعلومات على أن العامل البشري هو الأضعف في أمن المعلومات وهو المسؤول عن أغلب حالات الاختراق بسبب الجهل أو الاستخفاف.

ومن هنا يجب رفع مستوى الوعي في مجال حماية الخصوصية وأمن المعلومات على مستوى الاستخدام الشخصي أولاً، ليصبح لاحقاً جزءاً من نمط معيشتنا (Life Style).

وبما أن وضع رمز سري لأجهزتنا المحمولة أو المكتبية والحرص على قفلها هو من البديهيات، سأسرد هنا على سبيل المثال بعضاً من الإجراءات التي تكفل حمايتنا على شبكة الإنترنت، وأهمها أن يسبق عناوين المواقع رمز "HTTPS" الآمن بالإضافة إلى خاصية المتصفح الخاص "Private Window" على سفاري وفايرفوكس أو "Incognito" على متصفح كروم، وبذلك لا يخزن المتصفح شيئاً من بياناتنا لكنه لا يوفر حماية من التعقب.

لحماية البريد الإلكتروني والمحادثات وتشفيرها فإن الخبراء يوصون باستخدام تقنية الخصوصية المتفوقة (Pretty Good Privacy PGP).

ولتحقيق ذلك، يجب استخدام تطبيق يوفر لنا شبكة افتراضية خاصة (Virtual Private Network VPN) بحيث تجري عملية الاتصال بالإنترنت من خلال هذه الشبكة الوسيطة مما يساعد على تشفير اتصالنا وتجنب تعقبه باعتبار أن تطبيق "VPN" سيظهرنا متصلين من بلد مختلف ومن عنوان مغاير "IP address".

ومن الأدوات المتوفرة مجاناً أيضاً متصفح "TOR" الذي يوفر لنا تصفحاً آمناً مشفراً من خلال الاتصال بمخدمات "TOR" قبل الولوج إلى المواقع المطلوبة.

أما لحماية البريد الإلكتروني والمحادثات وتشفيرها فإن الخبراء يوصون باستخدام تقنية الخصوصية المتفوقة (Pretty Good Privacy PGP).

تتوفر هذه التقنيات للحواسيب والهواتف والألواح الذكية على السواء وبعضها مجاني ومفتوح المصدر لاستخدامه نظراً للمستوى المتقدم عالمياً بأهمية الخصوصية.

ولعل أخطر ما نواجهه يومياً هو تطبيقات الهواتف الذكية التي تتكاثر كالفطريات. فمن الضروري جداً قراءة سياسة الخصوصية لتطبيقات الهواتف الذكية قبل الشروع في تحميلها ومنحها الأذونات للوصول إلى بيانات أجهزتنا وخصائصها لا سيما الكاميرا والمايكروفون، والسؤال عما إذا كانت هذه التطبيقات بحاجة إلى الوصول لهذه الخصائص أم لا، وهل هناك حاجة ملحة لها أو لا تتوفر لها بدائل أكثر أماناً؟ فمثلاً تطبيقات الدردشة كثيرة ويعتبر تطبيق "Signal" المفتوح المصدر الأكثر أماناً لجهة تشفير المحادثات وعدم بيع البيانات إلى شركات التسويق والإعلانات على خلاف التطبيقات الأخرى التي تدعي أنها "مجانية".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.