شعار قسم مدونات

ترمب يوقع نهاية العولمة

US President Donald J. Trump signs Executive Orders in the Hall of Heroes at the Pentagon in Arlington, Virginia, USA, 27 January 2017, as newly sworn-in US Secretary of Defense James Mattis (R) looks on.

تزايدت حدة تصاعد الأحزاب اليمنية المتطرفة في الغرب، وأصبحت تستقطب قاعدة شعبية واسعة، وتكتسح في بعض الدول الغربية البرلمان بأغلبية معتبرة، إن بروز الأحزاب اليمنية هو ذاته إعلان سياسي عن "نهاية العولمة The End of Globalisation" في مهدها وموطنها، فاليمين المتطرف عموما يؤمن بالهُوية القومية والدينية للدولة، ويرفض الهجرة، ويحارب الحكومات التي تفتح مجالات العمل للوافدين، وهذا كله لا يصب في مصلحة أنصار العولمة.
 

إن الحكومات الغربية القائمة بدأت نسبة تأييدها تتقلص منذ حلول الكساد العظيم الذي ضرب العالم سنة 2008. ولنتعرف على خطورة المنحى السياسي الغربي، لنتفحص الإحصائيات، حيث كانت نسبة التأييد الشعبي للحكومات قبل 2008 تصل إلى الثلثين، بينما تراجعت نسبة التأييد من 54 بالمئة عام 2008 إلى 37 بالمئة فقط. يقول :Larry Elliottالثورات عبر صناديق الاقتراع، ليست معزولة عن الأحداث المحلية، لقد نشأت من خلال بطء النمو في الاقتصاد العالمي، الذي انخفض منذ عام 2008 من متوسط ما بعد الحرب البالغ 3.5 بالمئة إلى ما فوق 2بالمئة وهو المستوى الذي يُعبر عن الركود العالمي.

كان شعار اليمين المتطرف في كل الدول الغربية: "المهاجرون يسرقون الوظائف، ويخربون الاقتصاد القومي." ويشكل هذا التصعيد الخطير من قبل اليمين ضربة قاصمة لأنصار العولمة.

ويمكن القول إنه أضعف تعافي شهده العالم بعد فترة ما بعد الحرب، وحتى وقت قريب كانت أوروبا هي المنطقة الأكثر تضررا، بعد أن عانت من الركود منذ عام 2008. وهكذا كان هذا الكساد أرضا خصبة للغضب الشعبي الذي أطاح ببعض الحكومات".

لقد أصبح اليمين المتطرف يزداد قوة يوما بعد يوم، فألمانيا تقلصت نسبة تأييد حكومتها بشكل مرعب، وخاصة بعد أن سمحت الرئيسة أنجيلا ميركل باستقبال اللاجئين السوريين والأفارقة وغيرهم من المهاجرين، لقد كان شعار اليمين المتطرف في كل الدول الغربية: "المهاجرون يسرقون الوظائف، ويخربون الاقتصاد القومي." ويشكل هذا التصعيد الخطير من قبل اليمين ضربة قاصمة لأنصار العولمة فهو يطيح بمبدأ الأنسنة الذي سوقته العولمة كغاية لها، فقتل الناس بأمريكا وأروبا بناءً على اللون والعرق يعد هدما لمبادئ دمقرطة العالم.
 

كما أن تنامي ظاهرة الاحتقار والسّخرية مؤشر على أن الإنسان العالمي لا وجود له في البلد المصدر للعولمة أصلا، ويمكن الاستدلال عليه من خلال الفقرة الأتية:" النتيجة تنذر بالخطر: لقد فشل فيما يبدو مشروع الحداثة، كان فلاسفة ما بعد الحداثة قد أصدروا بحماسة ونشاط شهادة الوفاة لمطالبة العلم بالعقل والعقلية. وما يقدم زعما على أنه العالمية الغربية للتنوير وحقوق الإنسان ليس شيئا آخر غير صوت "الرجال البيض العجائز الموتى" والذين يقمعون حقوق الأقليات العرقية والدينية والجنسية بالإبقاء على قصتها البعدية المتعصبة بصورة قاطعة.
 

أولا: عودة وحداني التسلط
أدى اخفاق السّاسة الغربين في عدم تحسين أوضاع المواطنين إلى انتشار موجة غضب عارمة على الحكومات القائمة وقادتها، وقد استغل هذا الغضب الشعبي التنامي بعض الأنانيين أمثال دونالد ترمب ومارين لوبن وغيرهم من السّاسة اليمنيين، وحولوا ظاهرة الغضب إلى تمرد واسع، سينتج عنه عودة وحداني التسلط إلى الحكم في أوروبا، وقد يؤدي عودة أمثال ترمب إلى ظهور نازية جديدة ممثلة في شخصية هتلر جديدة تماما، يتمرد على القيم التي خدمته للوصول إلى الحكم، فأدولف هتلر كلنا يعلم أنه وصل إلى السلطة بفضل الألية الديمقراطية سنة 1933، لكنه بعد أن استتب له الحكم تمرد على الديمقراطية وصنع نفسه حاكما مستبدا، استثمر في النزعة العرقية وفلسفة التعالي، فأشعل حربا عالمية ثانية كانت نتيجتها أكثر من 60 مليون قتيل.
 

يبدو أن العلم سيشهد قبل سنة 2020 ظهور أحلاف سياسية وعسكرية جديدة، وهذا يعني أن الأحادية القطبية التي تحدث عنها أنصار العولمة كضمان لقيامها ستكون في خبر كان.

لم يمر على تنصيب ترمب أكثر من أسبوع، وإذا به يوقع 49 مرسوما رئاسيا، نصفها ضرب للعولمة وأنصارها، ويعد ترمب الرئيس 45 لأمريكا والذي سيكتب التاريخ عنه أنه أول من أنهى مسيرة العولمة بقرارات سياسية في ظرف وجيز، وأهم تلك القرارات التي نعتبرها مؤشرا قويا على نهاية العولمة ما يأتي:
 

1- قرار خروج أمريكا من منظمة التجارة الخاصة بالبلدان المطلة على المحيط الهادئ، والمعروفة باسم "الشراكة عبر المحيط الهادئ" (تي بي بي) الذي وقعته 12 دولة سنة 2015 باستثناء الصين.
2- قرار الحد من الهجرة، والذي سيطبق أول الأمر على 7 دول مسلمة، هي: إيران، العراق، سوريا، الصومال، ليبيا، اليمن، السودان.
3- إعداد قرار تاريخي ضد الهجرة الجوارية (المكسيك) يتمثل في بناء جدار متين على مدى الحدود الأمريكية المكسيكية.
4- قرار تقوية الأمن القومي الأمريكي وانتقاده سياسة أمريكا الخارجية.
5– أعلن أنه سيلتقي قادة المكسيك وكندا لإعادة التفاوض حول معاهدة التجارة الحرة "نافتا NAFTA ".
6– نيته في إصدار مجموعة من القرارات تخص التجارة العالمية، ستنعكس سلبا على العالم بأسره.
7- قرار أمركة اليد العاملة. "مناصب العمل للأمريكيين فقط".
 

ويبدو أن نسخة ترمب "وحداني التسلط" ستصبح أنموذجا غربيا بامتياز، فأغلب زعماء اليمين المتطرف يحاولون الوصول إلى سدة الحكم عن طريق موجة الغضب العارمة التي تجتاح الشعوب الأوروبية، خاصة في فرنسا وألمانيا، وبعض الدول الشرقية.
 

ثانيا: عودة سياسة الأحلاف
يبدو أن العلم سيشهد قبل سنة 2020 ظهور أحلاف سياسية وعسكرية جديدة، وهذا يعني أن الأحادية القطبية التي تحدث عنها أنصار العولمة كضمان لقيامها ستكون في خبر كان، ذلك أن أي حلف جديد سيشكل ضربة قوية للعولمة. وقد بدا جليا بعد الأزمة السورية أن روسيا ماضية في تشكيل حلف جديد، سيكون من شأنه إضعاف حلف الناتو. ويتجلى ذلك في التقارب الروسي التركي الإيراني، وقد يؤدي هذا التقارب إلى تشكيل حلف قوي واوسع، قد تنضم إليه الصين ودول أخرى.
 

إن مستقبل العالم أصبح أكثر سوداوية مما كان عليه في عهد ريغن، فإن هذا الأبيض "ترمب" قد يفجر في لحظات جنونه حربا عالمية لا تبقي ولا تذر.

كما لا ننسى ظهور ما يسمي بالتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، هو حلف عسكري أُعلن عنه في 3 ربيع الأول 1437 هـ الموافق 15 ديسمبر 2015 بقيادة المملكة العربية السعودية، يهدف إلى "محاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره أيا كان مذهبها وتسميتها"، ويضم التحالف العسكري 41 دولة مسلمة، ويملك التحالف غرفة عمليات مشتركة مقرها الرياض. والذي سيشكل معادلة صعبة في المنطقة إن توفرت له الشروط الموضوعية لاستمرار.
 

وقد صرح ترمب يوم تنصيبه أنه مستعد للانضمام لأي تحالف جديد يخدم مصالح أمريكا، وفي الوقت نفسه وجه رسائلا قوية لحلف الناتو، مؤكدا بأن أمريكا لن تكون في أي حلف تصرف عليه من ضرائب مواطنيها، بل يجب على الدول التي تريد حماية أمريكا أن تدفع مقابل حمايتها. إن هذه الرؤية هي إعلان آخر على نهاية العولمة ودخولنا في عصر ما بعد العولمة.
 

إن مستقبل العالم أصبح أكثر سوداوية مما كان عليه في عهد ريغن، فإن هذا الأبيض "المعتوه" قد يفجر في لحظات جنونه حربا عالمية لا تبقي ولا تذر، والمحلل لشخصيته سيرى وجه التشابه مع كل من أدولف هتلر وموسيلني، لن يستطيع العالم كبح جماحه لأنه رجل يحمل من العقد النفسية ما تكفي لتخرج لنا شخصية منفصمة عن الواقع، تشبه إلى حد بعيد شخصية نيرون أو شمشون..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.