شعار قسم مدونات

هو منافق إذا هو الرابح

Blogs-mask

عندما اتصفح سير الأولين والحياة التي كانوا يمتلكونها، أقف مذهولةً أتساءل هل الحياة نشأت على أطوار أم البشر تراتلو عليها، من المُفسد من الفاسد نحن أم هي؟ بالطبع أقصد حياة أسلافنا أجدادنا، كبوة الإشراق والازدهار الإسلامي من الذي حققه ولم يكن هناك أي مصباح ولا حاسب ولا جوال ولا عربات ولا طائرات! فليخبرني أحدكم عن مصداقية التطور عن رقي الحضارة من أين تنبع؟

          

نعيش في وسط لا يعرف للصدق مكان، كل من حولك يعانون من متلازمة بالكاد تقارن بالحرباء، إنه النفاق يا صاح! إنه أسوء الأزمنة على الإطلاق ولا ندري لعلّ القادم أشد وزراً، أراه ملاكاً أمام البعض على عكس ما يبديه أمامي فأقف أتفرج، أهذا هو! أم أني كعابر في الصحاري يتوهم بالواحة! وكما يُقال في الأمثال عن أمثاله (آية مصحف) لغلو السلام الذي يظهره لك، ورقي الكلمات التي ينطقها، أنا لم أصدق بوجود مثل هؤلاء حتى اُبتليت بعشرتهم ويا نقمة هذا البلاء.

       

صرت أظن بنفسي أني قد اقترفت إثم عظيم أو فاحشة لا قدر الله، لأنّ توغلت في قضاء أوقات مع فاسق منافق، وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً، كرهت الأمر لدرجة أني أظنّ بنفسي لكني تعلمت، وقد أيقنت تماماً ما معنى الحضارة الحقيقة وأن ما آل إليه العالم من اختراعات وتطورات ليس جديراً بما حققه الأولون، الفرق شاسع هم كانوا بالصدق والأمانة يحييون أما نحن فصار ندرة أن تلقى الصادقين، تجردّوا من قيم ديننا ومن رقيه العظيم وصارت الحضارة والتحضر تؤخذ من آراء المستشرقين، وأن تتبع أحد علمائنا فأنت بنظرهم تقليدي!

     

لا تضعوا المنافق في موضع لا يستحقه، ليس كل ما ينطق به مؤمن به، كم من الوعود أقرّها وكرر بها ولم يحرك ساكن حيالها
لا تضعوا المنافق في موضع لا يستحقه، ليس كل ما ينطق به مؤمن به، كم من الوعود أقرّها وكرر بها ولم يحرك ساكن حيالها
     

عن نفسي والله بعد أن عرفت أحد المنافقين وغلوه في فسوقه وكذبه، والله أني صرت أخشى على نفسي منه، تأكد تماماً أنك ستكون مخطئاً أمام الجميع إن لم تتحرر من أخلاقيتك التي تمنعك أن تكذبه وتجادله في حقك أمام الآخرين، سيتكبر وسيزداد غلواً وكذباً وسيجتهد ويستمر بأن يرمي كل عثراته بثقلها على أعتابك، في مجتمعنا المتأسلم، هو منافق إذاً هو الرابح، الكذب دهاء، والغلو فيه شطارة، فلن يجرؤ أحد وإن كان صادق أن يقف أمامه سيحاول مراراً أن يتجنبه سيسكت ويتغاضى قدر استطاعته، فقط كي يتجنب زوره وبهتانه، لكن عليك أن تكون وقحاً حتى تستطيع الرد بالمثل، أو أن تكون شيخاً عالماً بلغت من الحياة مبلغاً حتى توقفه وتضع له حداً، أما إن كنت في مطلع شبابك ثائر على الحياة تتعشق الصدق وتسعى لإحياء الحق، فوقوعك فريسة مع منافق سيكون السلّم الذي تتسلقه أما أن يبقيك على طريقك في محاربة الباطل أو أن تسقط أخلاقياً لتصير مثله وتحلق في أجواءه، فاحذر الضلالة يا صاح.

       

أكثر ما يروقه هذا الصنف من البشر أن يراوغ جداً في حديثه عن القيم والأخلاق، عن الثقافة والحضارة، ولكن تأكد تماماً أنه لا يعرف عنها شيئاُ، كل الذي يعرفه بضع من الشعارات والكلمات المنمقة حفظها من صحيفة أو سمعها من أحد لقنه إياها فاستعارها، وللتنويه أنه ليس بحاجة إلى مذكرة ليسجل عليها ما قرأه في الأخبار أو ما سمعه، سيكتفي بأن يسترق من خطابك الموجه إليه وحجتك عليه الكثير، ليقف أمام الجميع، أولئك الذين كان آية مصحف أمامهم، ليحاجك يإثمه وتفريطه بحق الله قبل حقك، لتصير أنت المتهم وهو الضحية. 

             

يا أيها المجتمع قد قالت الأعراب آمنا، فحاجهم الله في قرءانه وقال لا تقولوا آمنا بل قولوا أسلمنا، لا تضعوا هذا المنافق موضع لا يستحقه ليس كل ما ينطق به مؤمن به، كم من الوعود أقرّها وكرر بها ولم يحرك ساكن حيالها، كم من الأمم والحضارات سقطت وزالت بسبب هؤلاء الفاسقين، ألا زلتم تعلّقون آمالكم على من يُشهد الله على أمره وهو ألد الخصام!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.