شعار قسم مدونات

سابع جار

blogs - سابع جار

لم يكن الأمر مجرد مسلسل عابر يقضي إلى إضاعة الوقت وتسلية النفوس الفارغة من أعمال الدين والدنيا، وإنما اللعب على وتر يحبه البعض من أصحاب تلك النفوس ومزج السم بالعسل حتى يتثنى بث الأفكار الخبيثة في المجتمع الإسلامي. إن الفراغ القاتل الذي يعيشون فيه بعض الناس مع البحث عن الدفء العائلي المفقود جعل الناس تبحث عن كل ما يجدد في النفس ما يقرب الصورة المفقودة، والبعض من الناس يجدونها في المسلسلات والأفلام.

إلا إن ظاهرة بعض المسلسلات الجديدة بدأت في أخذ شكل آخر جديد بعض الشيء عن فكرة المسلسلات العربية وهو وضع أفكار وسموم يريدونها في المجتمع الحديث الذين يتطلعون إليه، ولكن يريدون أن يقدموه بين أطباق من الطعام اللذيذ المحبب إلى بعض النفوس
لا يخفى ذلك عن من لديه وعي من الناس بل أصبح الوعي فرض على كل مسلم يعيش في زمن يختلط فيه كل شيء، ويحرف كل شيء، فلابد من المسلم أن يفرق بين الحلال والحرام وبين ما يريده الإعلام الهابط، وإن الوعي في هذه الآونة لابد أن يتسلح به كل مسلم يريد أن يعيش سالمً حتى يلقى الله.

إننا كمسلمين لنا ديننا الذي يوضح لنا كل شيء من حلال وحرام ولم يترك لنا أي شيء بدون بيان أو دليل أو برهان، ولكن عندما تجسد بعض من الواقع وتظهره للناس بخروج عن الحياء وزيادة الفتن ورسم الطريق للأجيال القادمة للانحراف الحاد فهذا اسمه انحلال، وأن انحلال الأسر يؤدي تدرجيًا إلى انحلال المجتمع وفي النهاية الكل سيدفع الثمن.

 

بث المحرمات بالمسلسلات عن طريق التسلية ومزجها بصورة معتادة لبعض الناس طريقًا خبيثًا لتدريج الناس نحو استساغة الحرام ليصبح أمرًا عاديًا
بث المحرمات بالمسلسلات عن طريق التسلية ومزجها بصورة معتادة لبعض الناس طريقًا خبيثًا لتدريج الناس نحو استساغة الحرام ليصبح أمرًا عاديًا
 

عندما تكون مسلم يعني أنك تسمع وتنفذ ما أمرك الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، بمعنى عندما يقول الله تعالى (فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ). هذه مجرد آية واحدة من كتاب الله تعالى بها أكثر من حكم في آن واحد منها على سبيل المثال، لا يجوز أن تتزوج المسلمة إلا بإذن أهلها ووليها الشرعي، وألا تتخذ صديقًا أجنبيًا عنها، فعندما تريد أن تحرر العقل والفكر من الدستور الذي أمر به الله تعالى فبهذا تخرج من كونك مسلم، بل تتحول إلى الساعي في الأرض فسادًا، وهذا بخلاف من لا يكتفون بذلك فقط بل يسعون في تشويه الدين.

منذ زمن ليس بالقريب والإعلام يحاول تشويه صورة المسلم الملتزم وظهوره بالمعقد والمتشائم والبخيل والإرهابي وغير ذلك، بل وصل الحال إلى السخرية ببعض الثوابت الدينية، بل أصبح الواقع هجوم كبير على الدين بشكل عام وللأسف من بعض من يحملون في هويتهم لقب (مسلم). إن تأثير الإعلام المرئي والمسموع على الناس له أثر عظيم في النفوس مما يحول الناس من حاله إلى أخرى، وتصديق شيء عن آخر وتهويل شيء كان بالأمر الهين، وإحلال حرام وتحريم حلال، ولما لا وقد نصبوا مفتون تُحرم وتحلل على منصاتهم الإعلامية على أهوائهم دون رقابة ولا وعي من الانسان العادي.
  

تعميم الشر القليل ونشره هو الدمار بعينه لجيل كامل وأجيال قادمة، ومن يدافعون عنه فهم أول من يدفعون الثمن وأول من يجنون ثمار هذا الفساد والانحلال

إن بث المحرمات في هذه المسلسلات عن طريق التسلية ومزجها بصورة معتادة لبعض الناس طريقًا خبيثًا لتدريج الناس نحو استساغة الحرام وشيء فشيء يصبح أمرًا عاديًا ومعتاد على العين بل قد يصبح تحريمه شيء غريب ومتخلف ورجعي كما يقولون.

يريدون أن تزداد المرأة أكثر تحررًا وبعدًا عن دينها الذي يحرم عليها اتخاذ الصديق الأجنبي عنها، وتناولها التدخين وبعض المخدرات، والتجاوز إلى ما أبعد من ذلك من كبائر، يريدون هوى متبع لنفوسهم ولا يريدون أحد يقف أمامهم يقول لهم هذا حلال وهذا حرام ويبررون بأن كل شيء موجود في مجتمعنا، عن أي مجتمع يتحدثون فإذا كان مجتمعنا وصل لكل هذا الإسفاف والفجور فماذا بقى لنا من ديننا لكي نحافظ عليه، وإن من الدول التي بها انحلال وفساد أكثر من مصر ولكن لا تنشر كل ما لديها من فساد عبر القنوات والإعلام، لأن في الأساس لا يُحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم.

إن تعميم الشر القليل ونشره هو الدمار بعينه لجيل كامل وأجيال قادمة، ومن يدافعون عنه فهم أول من يدفعون الثمن وأول من يجنون ثمار هذا الفساد والانحلال، وأنه إذا كانت هذه المناظر طبيعية وواقعية لماذا يخشى كل ذي عقلٍ على أولاده منها.

إن المجتمع المسلم الواعي يرفض مثل هذه السموم ويطالب بوقف بثها، كما إنني أعلم بأن كتابتي عن هذا الموضوع يساهم في ازدياد متابعته وشهرته، ولكن إظهار الوعي والتوضيح أمرًا أهم من ذلك، فليس هو الأول من نوعه ولن يكون الآخر بل إنني أتوقع زيادة مثل هذه المواد الفترة القادمة، ولكن الشيء الذي أكتب من أجله هو توعية من يٌخدع في مثل هذه المناظر، وتذكرة المسلم بما عليه تجاه كل ذلك، وأن الوعي أصبح بالشيء الضروري في مشاهدة كل ما هو معروض الآن فاحذروا من كل ما هو مسموم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.