شعار قسم مدونات

الوصايا العشر للاستفادة من معرض الكتاب

blogs معرض الكتاب

ما رأيكم بتجاوز كل المقدمات المعتادة والدخول مباشرة في الموضوع؟

 

أولا

الميزانية طبعا! بعد الاستعلام عن موعد انطلاق معرض الكتاب الدولي في بلدك قبل فترة كافية، قم بتوفير مبلغ مناسب حسب إمكانياتك طبعا، وحاول ألا تتجاوزه مهما حصل، فالمعرض أشبه بمغارة علي بابا، يسيل لعاب القارئ أمام معروضاتها، وقد يعني ذلك تبخر كل مدخراتك بسرعة قياسية، خاصة إذا كنت من المصابين بداء الشراء الجنوني للكتب (عبد المجيد، لا تكن ممن يقولون ما لا يفعلون، أنت أول المطالبين باحترام هذه الوصية).

 

ثانيا

لا تعول على ذاكرتك! لا بد من إعداد قائمة شاملة ودقيقة بالعناوين التي ترغب في الحصول عليها، ولتسهيل المهمة يمكنك الرجوع إلى شبكة الإنترنت، وتسجيل كل المعلومات الضرورية، عنوان الكتاب، اسم صاحبه ومترجمه إن كان مترجما، دار النشر، سنة الصدور، إلخ.. الذاكرة خائنة بطبعها، ولا يعول عليها (على طريقة ابن عربي).

 

ثالثا

أنت في رحلة، استعن بخريطة إذن! في معظم الأحيان، يتعلق الأمر بفضاء واسع جدا، يحتضن ما لا يعد أو يحصى من الأروقة والأجنحة والأكشاك التي قد تصيب الزائر بالدوار، استعن بالخريطة التي توفرها إدارة المعرض، حتى لا تجد نفسك ضائعا بين خرائط التيه! (بالمناسبة، خرائط التيه عنوان رواية مميزة جدا للروائية الكويتية بثينة العيسى، أنصح بقراءتها، وقد أخصص لها مراجعة شاملة في وقت لاحق).

 

يتعلق الأمر بسلعة ستدفع نقودك لشرائها، وبكتاب قد يلحق بأقرانه في مكتبتك إلى الأبد فمن حقك إذن الاطلاع على المحتوى، والتحقق من جودة الورق والطباعة والغلاف
يتعلق الأمر بسلعة ستدفع نقودك لشرائها، وبكتاب قد يلحق بأقرانه في مكتبتك إلى الأبد فمن حقك إذن الاطلاع على المحتوى، والتحقق من جودة الورق والطباعة والغلاف
 
رابعا

المعرض ليس بيعا وشراء فقط! معرض الكتاب فرصة حقيقية لتنظيم حفلات توقيع تكسر العلاقة الجليدية نوعا ما بين الكاتب والقارئ، كما تشهد أيضا تنظيم ندوات ولقاءات مفيدة، مع أدباء ومفكرين قد لا تتاح لك الفرصة للقاء بهم مباشرة في مناسبة أخرى، إما لكونهم ضيوفا مؤقتين على البلد، أو لأنهم من عشاق الابتعاد الدائم عن الأضواء، تابع برنامج فعاليات وأنشطة هذه التظاهرة، والذي يوفره القيمون عليها، حتى تخصص لها حيزا من وقتك، وتأكد من أنك لن تندم على ذلك أبدا.

 

خامسا

الجودة هي الأساس! يتعلق الأمر بسلعة ستدفع نقودك لشرائها، وبكتاب قد يلحق بأقرانه في مكتبتك إلى الأبد (خاصة إذا كنت مثلي ممن لا يعيرون كتبهم لأحد مهما حصل) من حقك إذن الاطلاع على المحتوى، والتحقق من جودة الورق والطباعة والغلاف، صحيح أن الخداع ليس من شيم دور النشر المحترمة التي تبذل كل ما في وسعها للحفاظ على سمعتها، لكن السنوات الأخيرة عرفت تسلل بعض الفوضى إلى الميدان، واعتماد بعض الدور المستجدة على الخداع المقزز، كبيع كتاب مغلف يكتشف القارئ فيما بعد أن صفحاته فارغة (هذه بحد ذاتها فكرة سريالية قد تصلح موضوعا لرواية) أو أن يكون الغلاف والعنوان لعمل معين والمحتوى لعمل آخر مختلف تماما، إلخ…

 

سادسا
تتعامل دور النشر مع معارض الكتاب بطرق مختلفة، فمنها من تعتمد على التخفيضات والخصومات تشجع القارئ على اقتناء أكبر عدد ممكن، فيما تنهج أخرى أسلوب الاحتكار

كلما قلت البهرجة، كان ذلك أفضل! هي قاعدة يتم اكتسابها بعد توالي التجارب مع مختلف التظاهرات والمعارض من هذا النوع، كلما شعرت بأن هنالك مبالغة ما فاعلم أن الجنازة كبيرة والميت فأر، من حق الكاتب أو دار النشر ابتكار أساليب جديدة في الترويج، كما أن حفل التوقيع فرصة مناسبة وجميلة لكسر الجليد بين الكاتب والقارئ كما أشرنا إلى ذلك سابقا، لكن بعض المعارض مثلا تشهد غرائب يجب الوقوف عندها طويلا، أبرزها بطبيعة الحال نجوم (لا، سأكون أكثر صراحة وأقول نجمات) مواقع التواصل الاجتماعي اللواتي لا تفرقن حتى بين الضمة والكسرة، فتقرر بعضهن ركوب الموجة بكتابة ما يمكن أن يصيب أي ناقد محترم بسكتة قلبية، شيء يجب اختراع مصطلح لغوي جديد لوصفه، فلا هو بالخواطر ولا الشعر ولا القصة ولا الرواية ولا المقالة ! ثم يعرضنه بطريقة تصيبك بالحيرة الأكيدة، هل أنت في زيارة لمعرض الكتاب، أم أنك أخطأت العنوان ودخلت إلى عرض مثير لآخر صيحات الأزياء والمكياج؟

 

سابعا

لا تخضع لجشع بعض دور النشر! تتعامل دور النشر مع معارض الكتاب بطرق مختلفة، فمنها من تعتمد على التخفيضات والخصومات بنسب متفاوتة تشجع القارئ على اقتناء أكبر عدد ممكن من الكتب، قم باستغلال الفرصة إذن، فيما تنهج أخرى أسلوب الاحتكار، واستغلال الظرفية لمضاعفة ثمن الكتاب، كما لو أن القارئ المسكين حافظة نقود أو بنك متنقل! ابحث جيدا عن الكتاب المطلوب في المكتبات بعيدا عن المعرض، وستجده بثمن معقول جدا.

 

ثامنا

لكن الأرخص لا يعني دائما أنك الأذكى! قد تجد عنوانا تبحث عنه مثلا عند ناشرين مختلفين، وبأسعار متفاوتة تماما -خاصة عندما يتعلق الأمر بالكتب المترجمة والمخطوطات القديمة-، ستخاطب نفسك قائلا أنها فرصة لا تعوض، لكن ألم تسأل نفسك قبل ذلك عن سبب هذا التفاوت؟ قد تكون الترجمة سيئة جدا مقارنة بالأخرى الأغلى، أو أن محقق المخطوط ليس من المشهود لهم بالكفاءة (أتذكر هنا تحذيرا قيما من صديقي عندما فكرت في اقتناء نسخة من كتاب مترجم للمفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد، ونسخة رخيصة من تحقيق في ديوان شعري لأبي الطيب المتنبي).

 

تاسعا

بصراحة، لم أجد ما أقوله هنا في تاسعا، وهذا عيب التفكير في عنوان التدوينة قبل كتابة محتواها!

 

عاشرا

الوصية الذهبية! أعلم أن ما سأقوله هنا سيغضب أصدقائي الناشرين، لكنني أنصح دائما بترقب اليوم الأخير والساعات الأخيرة من المعرض، لنفترض أنك عجزت طوال تلك الأيام عن إقناع القيم على الجناح بتخفيض ثمن كتاب معين ترغب أنت بشدة في الحصول عليه ويقف السعر الباهظ كعائق أمام وجهك، انتظر ساعات المعرض الأخيرة عندما ينشغل بال الناشر بضرورة إفراغ الرفوف وإعادة تعبئة الصناديق ومراجعة الحسابات استعدادا لتسليم الجناح إلى أصحابه، تأكد حينها أنك ستحصل منه على الكتاب بالثمن الذي تريده أنت، وأحيانا (أقول أحيانا) بالمجان!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.