شعار قسم مدونات

سقوط بغداد الأول.. النكسة الحقيقية للعرب

blogs - حضارة العراق الأشورية
في مثل هذا الشهر قبل 759 سنة، تمكن هولاكو من إسقاط بغداد عاصمة الخلافة العباسية وأحرق كل معالم الحضارة فيها، وأباد معظم سكانها بما فيهم المستعصم بالله آخر خليفة عربي. مرت ذكرى هذا السقوط 10 شباط/ فبراير 1258م، مرور الكرام ولم تحظ بالاهتمام نفسه الذي حظيت وتحظى به دائماً ذكرى سقوط الأندلس، مع أنها هي ذكرى الوجع الحقيقية للعرب، والتي ما زلنا نعاني من تبعاتها إلى اليوم، لأنها كانت السبب الحقيقي لتخلف العرب ليس عن الغرب فقط، بل حتى تخلفهم عن بقية الشعوب الإسلامية الأخرى.
القصة ببساطة أن العرب غابوا عن الزعامة في بلادهم منذ هذا السقوط وحتى سقوط الدولة العثمانية، فحصلت فجوة كبيرة بينهم وبين التاريخ! بالتأكيد الكلام هنا ليس عن الحضارة الإسلامية والتي عادت بقوة بعد سقوط بني العباس، ولكن حملة راياتها هذه المرة وفي سابقة هي الأولى منذ البعثة ليسوا عربا، وإذا ما عدنا للنص القرآني نجد إشارات واضحة بهذا الخصوص (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) سورة محمد. (ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير) سورة التوبة.

بطبيعة الحال سادة العالم الإسلامي الجدد بعد العباسيين (السلاجقة، الأيوبيين، المماليك، العثمانيين .. إلخ) أهملوا العرب فتأخروا عن بقية الأمم في كل المجالات سواء دنيوية أو دينية، حتى كاد الزمان يعود إلى الجاهلية، ويكفي أن تعلم أن محمد بن عبدالوهاب كان يدعو الناس في شبه الجزيرة العربية (مسقط رأس الإسلام) إلى التوحيد ونبذ الشرك لتدرك وضع العرب الديني مثلاً في تلك المرحلة!

تخيل لو أن آخر دولة خلافة إسلامية كانت عربية وشاركت في الحرب العالمية الأولى، كيف سيكون حال العرب اليوم؟ حتى لو هزمت وسقطت.

يمكنك تصفح الكتب العربية التي أرشفت هذه الفترة أو كتب الرحالة الأجانب الذين مروا بالمنطقة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ولست أبالغ إذا قلت أنك ستقرأ قصصاً ووقائع لا تختلف كثيراً عن "داحس والغبراء" و"البسوس" وغيرها من أيام العرب في الجاهلية الأولى.

لم تقم للعرب قائمة قبل الإسلام، حتى الدويلات التي قامت على أطراف جزيرة العرب كانت تابعة بشكل "مخجل" للفرس والروم، وأما بقية العرب داخل الجزيرة العربية فحدث ولا حرج، تخلف وجهل وضلال في جميع نواحي الحياة. وبعد الإسلام استطاع العرب أن يخلفوا الأسكندر الأكبر وقيصر روما كحكام جدد للعالم ولكنهم ولأسباب مختلفة تنازلوا عن هذه الزعامة أو انتزعت منهم لصالح شعوب إسلامية أخرى ما زالت إلى اليوم تتقدم عنا حتى بعد مرور أكثر من 100 عام على انتهاء عصر الخلافة.

فتخيل لو أن آخر دولة خلافة إسلامية كانت عربية وشاركت في الحرب العالمية الأولى، كيف سيكون حال العرب اليوم؟ حتى لو هزمت وسقطت، فمجرد أنها شاركت في حرب كبرى كهذه فهذا يعني أنها كانت دولة عظمى قبل 100 سنة فقط، وبالتالي عملية النهوض من جديد أسهل، وطريق العودة إلى سابق العهد أقصر.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.