شعار قسم مدونات

عن الأمية الإلكترونية

blogs - social media
"اكتب رقم 5 وسوف يتحول الأرنب في الصورة إلى ثلاجة"، "اكتب رقم 3 وسوف يتحول هذا الشخص إلى سندويش شاورما"! صدق أو لا تصدق! إن هذه منشورات نقلتها حرفياً من فيسبوك، والأدهى من ذلك هو حجم التفاعل من الناس الذين كتبوا هذه الأرقام منتظرين تحول هذا الرجل إلى سندويش شاورما! قد أفهم سلوك ناشري هذه المواد (إن جاز لي التعبير) في جلب المزيد من التفاعل لصفحاتهم، ولكن ما لا أفهمه هو ردة فعل البعض (عددهم غير قليل بالمناسبة) على هذه المنشورات، في البداية ظننت أن هذا التفاعل هو من باب الدعابة لا أكثر، ولكني غيرت رأيي عندما قرأت عددا لا بأس به من التعليقات التي تتهم صاحب المنشور بأنه قد كذب عليهم، هل صدقوا؟!

من مظاهر "الأمية الإلكترونية" الأخرى التي انتشرت آخر سنتين وتحديد في أواخر ديسمبر من كل عام، هي ذلك البوست الذي يدعي صاحبه أنه يحفظ حقوقه الملكية والفكرية على فيسبوك وهو على الشكل الآتي: (بما أن الفيسبوك اختارت استخدام برمجيات تسمح بسرقة المعلومات الشخصية الخاصة بي؛ فإني أعلن ما يلي: في هذا اليوم، X ديسمبر عام X حفظ حقوقي … الخ) وفي نهاية البوست يطلب من أصدقائه عدم إعادة مشاركته، بل نسخه على صفحاتهم وبهذا انتشر كالنار بين الناس. في الحقيقة سياسات الفيسبوك الجديدة معمول بها منذ 1 – 1 – 2015 ولا أدري ما سبب انتشار هذه الشائعة في نهاية عام 2016 مثلا؟ وما قيمة أن تنسخ هذا البوست على نفس المنصة التي تعترض على سياستها وأنت بنفس الوقت تستخدمها!

إذا كانت الخرافات الفيسبوكية غير مؤذية للناس، فإن الخطورة تكمن في خُزعبلات "واتسب آب" خاصة الطبية منها، فعلى ثالث أكبر شبكة اجتماعية في العالم يتداول الناس قصصا أسطورية عن علاجات سحرية، لكل العلل والأمراض!!

خرافة أخرى استوقفتني كثيراً وهي التي تدعي أنهم (غير معروف من هم؟) بدأوا في اختراق الحسابات، في البداية يدعي التحذير أن عمليات الإختراق بدأت، ثم تكتشف أنه يقصد بالإختراق عمليات انتحال شخصية ويأتي هذا البوست على الشكل التالي: (هام وعاجل جداً …… لقد بدؤوا بالإختراق ومحاولة الإختراق، كما وردني الآن منذ دقائق، يتم الآن اختراق حسابات الجميع. وتستخدم صورة ملفك الشخصي واسمك لإنشاء حساب فيسبوك جديد لك. وبعد ذلك سيتم إرسال طلب إضافة لأصدقائك، سيعتقد أصدقاؤك أنها لك وسيقومون بقبول الإضافة. من تلك اللحظة، سيتمكن القراصنة من إرسال ما يريدون تحت اسمك…!! أريدكم أن تعرفوا أنه ليس لدي أي خطط لفتح حساب جديد، الرجاء النسخ واللصق فوراً). 

من المعروف أن إطلاق الشائعات يكون له أهداف ومآرب، قد تكون هذه الأهداف سياسية أو تجارية، وحتى لو لم تكن هناك أهداف، يكون للشائعة أصل، فقصة حقوق الملكية الفكرية على فيسبوك بدأت بعد تطبيق الشركة لسياسات جديدة في بدايات العام 2015 كما ذكرنا سابقاً، أما قصة "لقد بدأوا بالاختراق" هذه فلا يعرف أصلها ولا يعرف ما الغاية منها؟!

إذا كانت الخرافات الفيسبوكية غير مؤذية للناس، فإن الخطورة تكمن في خُزعبلات "واتسب آب" خاصة الطبية منها، فعلى ثالث أكبر شبكة اجتماعية في العالم يتداول الناس قصصا أسطورية عن علاجات سحرية، لكل العلل والأمراض، وفي بداية القصة يشرح لك كيف أن هذا المسكين لم يترك طبيباً إلا وذهب إليه وبدون فائدة، ثم تناول خلطة كذا أو ذهب لفلان وأعطاه وصفة كذا وشفي تماماً، ولا يخفى علينا ما قد يسببه تداول مثل هذه القصص من ضرر على الناس. وفي هذا المقام لا أنسى قصة "أرسلها لعشرة أشخاص، وستسمع خبرا سارا هذه الليلة، أحدهم تجاهلها فحصلت معه مصيبة كذا"! في الحقيقة لا يتسع المكان هنا للحديث عن كل خرافات واتس آب فهي تحتاج لمقالة مفصلة أو حتى إلى وضع مصنفات عنها!

بحسب تقرير المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم لعام 2014 بلغ عدد الأميين في الوطن العربي 96 مليونا و836 ألف أمي، إذا كان هذا حجم أمية القراءة والكتابة فكم سيكون حجم الأمية التكنولوجية أو الإلكترونية؟ الملفت في الموضوع أن هذه الخرافات تكاد تكون شبه معدومة على الشبكات التي غالب مستخدميها من الفئات الشبابية الصغيرة مثل: "إنستغرام" و"سناب شات" وهذا يعطي مؤشرا جيدا على تلاشي هذه الظاهرة مع الوقت.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.