شعار قسم مدونات

من التعليم المنزلي إلى MIT

blogs - MIT
"حينما كان عمري 5 سنوات قالت لي والدتي أن هناك شئ ما يسمى OCW، ولم أكن أصدق هذا الكم من المواد والمصادر المتاحة للتعلّم، ومنذ تلك اللحظة، قضيت أعوامي التالية أدرس دورات OCW عبر الإنترنت" هذا ما يقوله "أهان رونجتا" الذي كان يتعلّم منزليًا. وبينما كان الأطفال في عمر الخامسة مثله يدخلون رياض الأطفال، كان "أهان" يتعلم الفيزياء والكيمياء من خلال الإنترنت على OCW!
 
في عام 2001 كان الطفل الهندي أهان رونجتا على موعد مع طريقه الذي سوف يسكله ويتفرّد به، ومع رحلته التي بدأت وكان مشاركًا فعّالًا فيها حين كان عمره لا يتجاوز العامين، عندما قررت أسرته الانتقال من Calcutta بالهند، إلى Fort Lauderdale بولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية. وهو نفس العام الذي أعلنت فيه MIT عن إطلاق OCW وهو اختصار لكلمات، "OpenCourseWare" وهي تلك الخطة الفريدة الجريئة التي تهدف إلى نشر جميع المواد الدراسية لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا على الانترنت ومشاركتها مع العالم مجانًا.

عندما كان "أهان" في التاسعة من عمره، درس مقدمة في كيمياء الحالة الصلبة من خلال OCW مع البروفيسور"“دونالد سادواي"، وبعد ذلك بأربع سنوات، أراد دراستها مرة أخرى.

وربما لم يكن كل من والده ووالدته يدرك أن ابنهما الذي أصبح متعطشًا للقراءة سوف يكمل تعليمه الأساسي والثانوي من تلك المنصة الإلكترونية المفتوحة التي أطلقها MIT ، أو ربما لم يخطر ببالهما أنه عنما يبلغ 15 عام سوف يتم قبوله في دفعة 2019 في MIT!

وبالطبع لم يكن ذلك ليحدث لولا عائلة مؤمنة بطفلها تدعمه وتقف معه ووراءه لينمي عقله ويرضي شغفه، وخاصة أمه، والتي كان التحدي الأكبر لها في ذلك القرار الذي اتخذته بخصوص طريقة تعليم ابنها هو البقاء معه طوال الوقت، حيث كان عليها المتابعة والبحث عن الدورات وترتيبها لأهان حسب قدرات عقله وتطور معرفته ومستوى تقدمه.

حيث يقول "أهان": كان والداي ولا يزالا يدعماني دائمًا، وخاصة في إيجاد المصادر والدورات التي أحتاجها في التعلّم، وخاصة والدتي، ومع تقدمي في العمر ومستوى التعلّم، درست الرياضيات من خلال OCW والتي كانت مُعدّة لمستوى طلاب الثانوية، وعندما وجدتني مؤهلًا للبدء في دراسة الجبر الخطي شاهدت كل فيديوهات محاضرات الجبر الخطي التي شرحها الدكتور "جيل سترانج"، ومنذ أن كنت في الخامسة وكانت منصة OCW هي مصدري الحصري للتعلّم والدراسة، فكان من الطبيعي أن أتمنى أن أستكمل دراسيتي الجامعية بحرم MIT.

عندما بلغ"أهان" 12 عام، قررت عائلته مرة أخرى الانتقال إلى Lowell في ماساتشوستس، حيث أدركت عائلته أنه بحاجة إلى بيئة محفزة أكثر على دراسته وملهمة له على مواصلة السعي إلى هدفه، حيث كان يريد أن يعيش بالقرب من MIT.

وفي يوم ميلاده الثالث عشر، تمنّى "أهان" أمرًا واحدًا فقط، وهو أن يزور الحرم لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT، ويحكي أهان أن هذه الزيارة غيّرت حياته، وأنه لم ينسَ أبدًا مشاعره حين كان يلمس جدرانها ليتحقق أنه ليس في حُلم، وأنه حياته وأحلامه انتقلت إلى مستوى آخر منذ هذه اللحظة.

وحينذاك، كان معهد ماساتشوستس للتقنية يخضع لتغييرات كبيرة من تلقاء نفسه في ذلك العام، مع إطلاق MITx، والتي عملت على توفير دورات MIT على الانترنت عبر منصة Edx. ومثلما كان "أهان" مستعدًا لتحدي فكري وتعليمي جديد، كان معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا مرة أخرى هناك، حيث أن جهود التعلم الرقمي الخاصة به كانت ولا تزال آخذة في التوسع والتطوير والانتشار، في توفير دورات على الانترنت بالإضافة إلى المواد الدراسية.

وبالطبع لم يكن ذلك ليحدث لولا عائلة مؤمنة بطفلها تدعمه وتقف معه ووراءه لينمي عقله ويرضي شغفه، وخاصة أمه.

وعندما كان "أهان" في التاسعة من عمره، درس مقدمة في كيمياء الحالة الصلبة من خلال OCW مع البروفيسور"“دونالد سادواي"، وبعد ذلك بأربع سنوات، أراد دراستها مرة أخرى من خلال MITx مع البروفيسور "مايكل سيما". وقد درس "أهان رونجتا" منذ ذلك الحين 55 دورة ومساق دراسي من خلال OCW و MITx، ولا يزال مستمرًا في رحلته التعليمية الفريدة والمميزة حتى الآن ليؤهل نفسه جيدًا لرحلته القادمة في الحرم الجامعي.

وبالنظر إلى رحلة "أهان" من الهند إلى الولايات المتحدة، والانتقال بالقرب من MIT، والعديد من اللحظات التي خاضها ليصنع تجربة ثرية وفريدة، ترى أنه طوال رحلته وهو محظوظ بعائلة تقف بجانبه، تدعمه، وتساعده، وتتخذ القرارت المهمة من أجله، تتفهم احتياجاته وأحلامه، وتساعده على خوض تجربته الحياتية والتعليمية بكل صبر وتفهّم واهتمام وتوجيه، مستغلة التطور التكنلوجي الذي أدى لتوفير المزيد والمزيد من مصادر التعلّم المجانية ليستفيد منها ابنها بطريقة منتظمة ومتدرجة حسب تطور تفكيره وقدرة فهمه للمعلومات. يرى "أهان" أنه محظوظ لكونه وُلد في نفس العام الذي وُلد فيه OCW ولكنه محظوظ أكثر بعائلة آمنت به.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.