شعار قسم مدونات

اختلاق هيكل سليمان

BLOGS حائط البراق

هيكل سليمان، أو معبد القدس، أو «بيت همقداش» («بيت المقدس» أو «المعبد») حسب التسمية اليهودية المعروف باسم الهيكل الأول، وفقا للكتاب المقدس، المعبد اليهودي الأول الذي بناه الملك سليمان.  ويعتقد أنه أقيم في القرن العاشر قبل الميلاد، ومصدرنا الرئيسي لفرضية وجود هذا المعبد، هو (العهد القديم/التناخ والعهد الجديد).

 

يزعم الكتاب المقدس، والكتاب المقدس وحده؛ دون دليل أثري. أن داود هو صاحب فكرة بناء هيكل ثابت للرب بدل خيمة الشهادة المتنقلة. «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: أَأَنْتَ تَبْنِي لِي بَيْتًا لِسُكْنَايَ؟ لأَنِّي لَمْ أَسْكُنْ فِي بَيْتٍ مُنْذُ يَوْمَ أَصْعَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ، بَلْ كُنْتُ أَسِيرُ فِي خَيْمَةٍ وَفِي مَسْكَنٍ» ــ سفر صَموئيلَ الثَّاني  (7: 5-6).

 

وقد وعد الرب داود بأن يكون البناء في عهد ابنه ووريثه، سليمان، «هُوَ يَبْنِي لِي بَيْتًا وَأَنَا أُثَبِّتُ كُرْسِيَّهُ إِلَى الأَبَدِ» ـ سفر أخبارِ الأيّام الأوَّلُ (17: 12).  أما موضع الهيكل وهندسته فقد عينه داود قبل موته،«فَقَالَ دَاوُدُ: «هذَا هُوَ بَيْتُ الرَّبِّ الإِلهِ، وَهذَا هُوَ مَذْبَحُ الْمُحْرَقَةِ لإِسْرَائِيلَ». وَأَمَرَ دَاوُدُ بِجَمْعِ الأَجْنَبِيِّينَ الَّذِينَ فِي أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، وَأَقَامَ نَحَّاتِينَ لِنَحْتِ حِجَارَةٍ مُرَبَّعَةٍ لِبِنَاءِ بَيْتِ اللهِ. وَهَيَّأَ دَاوُدُ حَدِيدًا كَثِيرًا لِلْمَسَامِيرِ لِمَصَارِيعِ الأَبْوَابِ وَلِلْوُصَلِ، وَنُحَاسًا كَثِيرًا بِلاَ وَزْنٍ، وَخَشَبَ أَرْزٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَدَدٌ لأَنَّ الصِّيدُونِيِّينَ وَالصُّورِيِّينَ أَتَوْا بِخَشَبِ أَرْزٍ كَثِيرٍ إِلَى دَاوُدَ.

 

وَقَالَ دَاوُدُ: «إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنِي صَغِيرٌ وَغَضٌّ، وَالْبَيْتُ الَّذِي يُبْنَى لِلرَّبِّ يَكُونُ عَظِيمًا جِدًّا فِي الاسْمِ وَالْمَجْدِ فِي جَمِيعِ الأَرَاضِي، فَأَنَا أُهَيِّئُ لَهُ». فَهَيَّأَ دَاوُدُ كَثِيرًا قَبْلَ وَفَاتِهِ» ـ سفر أخبارِ الأيّام الأوَّلُ (22: 1-4). ثم بدأ سليمان العمل في البناء، واعتمد سليمان على مصادر أخرى غير إسرائيلية. «فَأَرْسَلَ سُلَيْمَانُ إِلَى حِيرَامَ يَقُولُ: «أَنْتَ تَعْلَمُ دَاوُدَ أَبِي أَنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَبْنِيَ بَيْتًا لاسْمِ الرَّبِّ إِلهِهِ بِسَبَبِ الْحُرُوبِ الَّتِي أَحَاطَتْ بِهِ، حَتَّى جَعَلَهُمُ الرَّبُّ تَحْتَ بَطْنِ قَدَمَيْهِ.وَالآنَ فَقَدْ أَرَاحَنِيَ الرَّبُّ إِلهِي مِنْ كُلِّ الْجِهَاتِ فَلاَ يُوجَدُ خَصْمٌ وَلاَ حَادِثَةُ شَرّ. وَهأَنَذَا قَائِلٌ عَلَى بِنَاءِ بَيْتٍ لاسْمِ الرَّبِّ إِلهِي كَمَا كَلَّمَ الرَّبُّ دَاوُدَ أَبِي قَائِلاً: إِنَّ ابْنَكَ الَّذِي أَجْعَلُهُ مَكَانَكَ عَلَى كُرْسِيِّكَ هُوَ يَبْنِي الْبَيْتَ لاسْمِي. وَالآنَ فَأْمُرْ أَنْ يَقْطَعُوا لِي أَرْزًا مِنْ لُبْنَانَ، وَيَكُونُ عَبِيدِي مَعَ عَبِيدِكَ، وَأُجْرَةُ عَبِيدِكَ أُعْطِيكَ إِيَّاهَا حَسَبَ كُلِّ مَا تَقُولُ، لأَنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَنَا أَحَدٌ يَعْرِفُ قَطْعَ الْخَشَبِ مِثْلَ الصِّيْدُونِيِّينَ».فَلَمَّا سَمِعَ حِيرَامُ كَلاَمَ سُلَيْمَانَ، فَرِحَ جِدًّا وَقَالَ: «مُبَارَكٌ الْيَوْمَ الرَّبُّ الَّذِي أَعْطَى دَاوُدَ ابْنًا حَكِيمًا عَلَى هذَا الشَّعْبِ الْكَثِيرِ».

ليس في آثار بلادنا فلسطين كلها أية إشارة إلى وجود هيكل سليمان، وهذا أمر معروف تماماً لدي أهل الاختصاص من علماء الآثار الذين طالما حاولوا العثور على أثر واحد في موقع الحرم الشريف بالقدس، فلم يفلحوا.
ليس في آثار بلادنا فلسطين كلها أية إشارة إلى وجود هيكل سليمان، وهذا أمر معروف تماماً لدي أهل الاختصاص من علماء الآثار الذين طالما حاولوا العثور على أثر واحد في موقع الحرم الشريف بالقدس، فلم يفلحوا.

وَأَرْسَلَ حِيرَامُ إِلَى سُلَيْمَانَ قَائِلاً: «قَدْ سَمِعْتُ مَا أَرْسَلْتَ بِهِ إِلَيَّ. أَنَا أَفْعَلُ كُلَّ مَسَرَّتِكَ فِي خَشَبِ الأَرْزِ وَخَشَبِ السَّرْوِ. عَبِيدِي يُنْزِلُونَ ذلِكَ مِنْ لُبْنَانَ إِلَى الْبَحْرِ، وَأَنَا أَجْعَلُهُ أَرْمَاثًا فِي الْبَحْرِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تُعَرِّفُنِي عَنْهُ وَأَنْقُضُهُ هُنَاكَ، وَأَنْتَ تَحْمِلُهُ، وَأَنْتَ تَعْمَلُ مَرْضَاتِي بِإِعْطَائِكَ طَعَامًا لِبَيْتِي». فَكَانَ حِيرَامُ يُعْطِي سُلَيْمَانَ خَشَبَ أَرْزٍ وَخَشَبَ سَرْوٍ حَسَبَ كُلِّ مَسَرَّتِهِ. وَأَعْطَى سُلَيْمَانُ حِيرَامَ عِشْرِينَ أَلْفَ كُرِّ حِنْطَةٍ طَعَامًا لِبَيْتِهِ، وَعِشْرِينَ كُرَّ زَيْتِ رَضٍّ. هكَذَا كَانَ سُلَيْمَانُ يُعْطِي حِيرَامَ سَنَةً فَسَنَةً. وَالرَّبُّ أَعْطَى سُلَيْمَانَ حِكْمَةً كَمَا كَلَّمَهُ.

 

وَكَانَ صُلْحٌ بَيْنَ حِيرَامَ وَسُلَيْمَانَ، وَقَطَعَا كِلاَهُمَا عَهْدًا. وَسَخَّرَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ مِنْ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ، وَكَانَتِ السُّخَرُ ثَلاَثِينَ أَلْفَ رَجُل. فَأَرْسَلَهُمْ إِلَى لُبْنَانَ عَشْرَةَ آلاَفٍ فِي الشَّهْرِ بِالنَّوْبَةِ. يَكُونُونَ شَهْرًا فِي لُبْنَانَ وَشَهْرَيْنِ فِي بُيُوتِهِمْ. وَكَانَ أَدُونِيرَامُ عَلَى التَّسْخِيرِ.وَكَانَ لِسُلَيْمَانَ سَبْعُونَ أَلْفًا يَحْمِلُونَ أَحْمَالاً، وَثَمَانُونَ أَلْفًا يَقْطَعُونَ فِي الْجَبَلِ، مَا عَدَا رُؤَسَاءَ الْوُكَلاَءِ لِسُلَيْمَانَ الَّذِينَ عَلَى الْعَمَلِ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَثَلاَثَ مِئَةٍ، الْمُتَسَلِّطِينَ عَلَى الشَّعْبِ الْعَامِلِينَ الْعَمَلَ. وَأَمَرَ الْمَلِكُ أَنْ يَقْلَعُوا حِجَارَةً كَبِيرَةً، حِجَارَةً كَرِيمَةً لِتَأْسِيسِ الْبَيْتِ، حِجَارَة مُرَبَّعَةً. فَنَحَتَهَا بَنَّاؤُو سُلَيْمَانَ، وَبَنَّاؤُو حِيرَامَ وَالْجِبْلِيُّونَ، وَهَيَّأُوا الأَخْشَابَ وَالْحِجَارَةَ لِبِنَاءِ الْبَيْتِ» ـ سفر المُلوكِ الأوَّلُ (5: 2- 18).  

 

ارتفع بناء الهيكل فوق جبل موريا، «وَشَرَعَ سُلَيْمَانُ فِي بِنَاءِ بَيْتِ الرَّبِّ فِي أُورُشَلِيمَ، فِي جَبَلِ الْمُرِيَّا حَيْثُ تَرَاءَى لِدَاوُدَ أَبِيهِ» ــ سفر أَخْبَارِ الأَيَّامِ الثَّانِي (3: 1). وأبعاد الهيكل، «وَالْبَيْتُ الَّذِي بَنَاهُ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ لِلرَّبِّ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، وَعَرْضُهُ عِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَسَمْكُهُ ثَلاَثُونَ ذِرَاعًا» ـــ سفر المُلوكِ الأوَّلُ (6: 2).

 

لم يكن ثمة هيكل في فلسطين يعرف باسم هيكل سليمان، إن قصة بناء الهيكل السليماني غير قابلة للتصديق، وإنها مجرد اختلاق توراتي

«وبعد أن تم بناء بيت الرب» حِينَئِذٍ جَمَعَ سُلَيْمَانُ شُيُوخَ إِسْرَائِيلَ وَكُلَّ رُؤُوسِ الأَسْبَاطِ، رُؤَسَاءَ الآبَاءِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الْمَلِكِ سُلَيْمَانَ فِي أُورُشَلِيمَ، لإِصْعَادِ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ مِنْ مَدِينَةِ دَاوُدَ، هِيَ صِهْيَوْنُ. فَاجْتَمَعَ إِلَى الْمَلِكِ سُلَيْمَانَ جَمِيعُ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ فِي الْعِيدِ فِي شَهْرِ أَيْثَانِيمَ، هُوَ الشَّهْرُ السَّابعُ. وَجَاءَ جَمِيعُ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ، وَحَمَلَ الْكَهَنَةُ التَّابُوتَ. وَأَصْعَدُوا تَابُوتَ الرَّبِّ وَخَيْمَةَ الاجْتِمَاعِ مَعَ جَمِيعِ آنِيَةِ الْقُدْسِ الَّتِي فِي الْخَيْمَةِ، فَأَصْعَدَهَا الْكَهَنَةُ وَاللاَّوِيُّونَ. وَالْمَلِكُ سُلَيْمَانُ وَكُلُّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ الْمُجْتَمِعِينَ إِلَيْهِ مَعَهُ أَمَامَ التَّابُوتِ، كَانُوا يَذْبَحُونَ مِنَ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ مَا لاَ يُحْصَى وَلاَ يُعَدُّ مِنَ الْكَثْرَةِ.

 

وَأَدْخَلَ الْكَهَنَةُ تَابُوتَ عَهْدِ الرَّبِّ إِلَى مَكَانِهِ فِي مِحْرَابِ الْبَيْتِ فِي قُدْسِ الأَقْدَاسِ، إِلَى تَحْتِ جَنَاحَيِ الْكَرُوبَيْنِ، لأَنَّ الْكَرُوبَيْنِ بَسَطَا أَجْنِحَتَهُمَا عَلَى مَوْضِعِ التَّابُوتِ، وَظَلَّلَ الْكَرُوبَانِ التَّابُوتَ وَعِصِيَّهُ مِنْ فَوْقُ. وَجَذَبُوا الْعِصِيَّ فَتَرَاءَتْ رُؤُوسُ الْعِصِيِّ مِنَ الْقُدْسِ أَمَامَ الْمِحْرَابِ وَلَمْ تُرَ خَارِجًا، وَهِيَ هُنَاكَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ. لَمْ يَكُنْ فِي التَّابُوتِ إِلاَّ لَوْحَا الْحَجَرِ اللَّذَانِ وَضَعَهُمَا مُوسَى هُنَاكَ فِي حُورِيبَ حِينَ عَاهَدَ الرَّبُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. وَكَانَ لَمَّا خَرَجَ الْكَهَنَةُ مِنَ الْقُدْسِ أَنَّ السَّحَابَ مَلأَ بَيْتَ الرَّبِّ، وَلَمْ يَسْتَطِعِ الْكَهَنَةُ أَنْ يَقِفُوا لِلْخِدْمَةِ بِسَبَبِ السَّحَابِ، لأَنَّ مَجْدَ الرَّبِّ مَلأَ بَيْتَ الرَّبِّ» ــ سفر المُلوكِ الأوَّلُ (8: 11).

 

«ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ وَجَمِيعَ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ ذَبَحُوا ذَبَائِحَ أَمَامَ الرَّبِّ، وَذَبَحَ سُلَيْمَانُ ذَبَائِحَ السَّلاَمَةِ الَّتِي ذَبَحَهَا لِلرَّبِّ: مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ أَلْفًا، وَمِنَ الْغَنَمِ مِئَةَ أَلْفٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا، فَدَشَّنَ الْمَلِكُ وَجَمِيعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَيْتَ الرَّبِّ» ــ سفر المُلوكِ الأوَّلُ (8: 62).

 

لنتوقف هنا قليلاً لدراسة هذه النصوص دراسة آثارية وتاريخية وجغرافية:

* نتوقف قليلاً أمام أبعاد بيت الرب (الهيكل السليماني المزعوم). وإذا علمنا أن الذراع «الإسرائيلي» القديم يساوي 52 سم، فأن طول المعبد يصبح 31.5 متراً، وعرضه 10.5 متراً، وارتفاعه 15.5 متراً. غنى عن القول أن التفاصيل الواردة في الكتاب المسمي بالمقدس، تتسم بالحماقة والمبالغة. ولن يلبث هذا الوصف المدعو بالإلهي أن يتلاشى كالثلج تحت أشعة الشمس، إذا ما خضع لنقد يتمتع بهذا القدر من الجدية أو ذاك. لقد عمل في بناء المعبد 183.300 عامل، ما عدا الحجارين والعمال الآخرين الذين يظهرون فيما بعد. وطول المعبد ليس أكثر من 31.5 متراً، وعرضه 10.5 متراً. وقد صرف هؤلاء البناؤون سبع سنوات على بناء مبنى مؤلف من ثلاثة غرف ويشغل مساحة لا تزيد على 325 متراً مربعاً.

 

إنها أرقام تجعلنا نصاب بالذهول، إذا ما كانت لدينا فكرة بدائية جداً عن أعمال البناء. فهل كان عمّال سليمان كسالى إلى هذا الحد؟!! ومع ذلك فإن أبعاد البناء التي يذكرها سفر الملوك الأول، لا تتوافق مع تلك التي يذكرها سفر أَخْبَارِ الأَيَّامِ الثَّانِي (3: 3-4 ) «الطُّولُ بِالذِّرَاعِ عَلَى الْقِيَاسِ الأَوَّلِ سِتُّونَ ذِرَاعًا، وَالْعَرْضُ عِشْرُون ذِرَاعًا. وَالرِّواقُ الَّذِي قُدَّامَ الطُّولِ حَسَبَ عَرْضِ الْبَيْتِ عِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَارْتِفَاعُهُ مِئَةٌ وَعِشْرُونَ». ويكفي وجود مثل هذا الاختلاف في كتاب يُزعم أنه «مقدس» ليخلق لدينا الشك، هذا إذا لم يكن النص كله مجرد هراء لا طائلة منه. فياله من اختلاق واسع رحب؟!!

عندما فتح المسلمون بيت المقدس 636 ميلادياً لم يكن بها أي أثر لمعبد يهودي، بل ولا حتى ليهودي مقيم، وهذا يبدو جلياً من وثيقة الأمان التي أعطاها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) لأهل إيليا
عندما فتح المسلمون بيت المقدس 636 ميلادياً لم يكن بها أي أثر لمعبد يهودي، بل ولا حتى ليهودي مقيم، وهذا يبدو جلياً من وثيقة الأمان التي أعطاها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) لأهل إيليا

* من الناحية الآثارية، ليس في آثار بلادنا فلسطين كلها أية إشارة إلى وجود هيكل سليمان، وهذا أمر معروف تماماً لدي أهل الاختصاص من علماء الآثار الذين طالما حاولوا العثور على أثر واحد في موقع الحرم الشريف بالقدس، فلم يفلحوا، ولن يفلحوا لأبسط الأسباب، وهو أن سليمان لم يملك يوماً على بلادنا فلسطين، بل وليس هناك أقل دليل على أنه وطئ أرضها في زمانه.

 

في هذا الصدد، يقول أوسشكين، أستاذ الآثار في جامعة تل أبيب: «من منظور علم الآثار ليس هناك ما يمكن معرفته عن جبل الهيكل في القرنين العاشر والتاسع ق.م». ويدحض توماس طُمسن، في كتابِهِ «الماضي الخرافي (التوراة والتاريخ) »، مفهوم بناء الهيكل السليماني، بوصفِهِ مركزاً لعبادة يهوه، قائلاً: «تلك الصور لا مكان لها في أوصاف الماضي التاريخي الحقيقي. إننا نعرفها فقط كقِصَّة، وما نَعرفهُ حول هذه القِصص، لا يُشجِّعنا على معاملتها، كما لو أنها تاريخيَّة».

 

هنا أعود لطرح هذه المعضلة على أهل الاختصاص، لماذا فشلت جميع المساعي للبحث عن دليل أثري واحد يثبت وجود هيكل سليمان المزعوم أسفل الحرم الشريف بالقدس، وبالتحديد تحت المسجد الأقصى ؟! وباعتبار أننا نعثر في بلادنا فلسطين عامة على آثار من العصور الحجرية القديمة تعود إلى نحو مليون وسبعمائة وخمسون ألف سنة خلت، ونعثر في القدس على آثار تعود إلى اثني عشر ألف سنة خلت .. فإننا نتعجب من عدم وجود أدلة أثرية على وجود «عبري/ إسرائيلي/ يهودي» وهيكلهم المزعوم.

 

* من الناحية الإسلامية، لا نجد في كل سور القرآن الكريم التي تتحدث عن داود وابنه سليمان أقل دليل أو حتى تلميح على وجود مثل هذا الهيكل المزعوم في بلادنا فلسطين، علاوة على ذلك عندما فتح المسلمون بيت المقدس 636 ميلادياً لم يكن بها أي أثر لمعبد يهودي، بل ولا حتى ليهودي مقيم، وهذا يبدو جلياً من وثيقة الأمان التي أعطاها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) لأهل إيليا، فقد تضمنت الوثيقة نصاً على: [الا يسكن بإيليا (القدس) معهم أحد من اليهود] ويتضح جلياً من هذا النص أنه لم يكن هناك أي أثر يهودي في القدس؛ إضافةً إلى أن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، وهو أكثر العادلين على وجه الأرض لو علم أن هناك قدسية لمدينة القدس عند اليهود لما نص على ذلك في العهدة الشهيرة، وهذا يؤكد ما ذهبنا إليه من عدم وجود هيكل سليمان المزعوم في بلادنا فلسطين.  

 

* أما من الناحية الجغرافية، فهل عرفت فلسطين جبل موريا، «وَشَرَعَ سُلَيْمَانُ فِي بِنَاءِ بَيْتِ الرَّبِّ فِي أُورُشَلِيمَ، فِي جَبَلِ الْمُرِيَّا حَيْثُ تَرَاءَى لِدَاوُدَ أَبِيهِ» ــ سفر أَخْبَارِ الأَيَّامِ الثَّانِي (3: 1)؟! للأجابة عن هذا السؤال تجدر العودة إلى ما أوردته الآثارية «الإسرائيلية» رفكا جونين (Rivka Gonen) عن نوع التزييف الحاصل من اختلاط الأسماء: «إن إحلال جبل موريا حيث بني سليمان المعبد محل أرض الموريا، وهو تعبير جغرافي غامض، لا يمكن أن يكون قد حدث في فترة الهيكل الأول لأنه لم تجر أي أشارة إلى جبل موريا في أي من الأسفار باستثناء سفر أخبار اليوم… وسفر الأيام كتاب متأخر، فهو من عمل المحرر ينفي زمن ما بعد العودة من المنفي في بابل. وهكذا يبدو أن إحلال جبل موريا محل أرض الموريا كان المقصود به أن يسبغ على هيكل سليمان، وأكثر من ذلك على الهيكل الذي كان قد بني حديثاً [الهيكل الثاني]، هالة المكان الذي شهد حادثة تربيط إسحق التذكارية».  

 

إذن لم يكن ثمة هيكل في فلسطين يعرف باسم هيكل سليمان، إن قصة بناء الهيكل السليماني غير قابلة للتصديق، وإنها مجرد اختلاق توراتي. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.