شعار قسم مدونات

هل تنبأت رواية 1984 بزيارة مقتدى الصدر للسعودية؟

blogs - al sadr

لا أعرف لماذا ذكرني تغير طبيعة علاقات المملكة العربية السعودية مع دول الجوار برواية الكاتب العظيم "جورج أورويل 1984″، والتي كان قد كتبها في عام 1949 ليتنبأ فيها بما سيؤول إليه العالم بعد عقود من الحكم الديكتاتوري الذي إستبد بالبلاد والعباد وسن قوانين تحد من المصطلحات لبتر اللغة وقوانين صارمة لمنع مجرد التفكير والتشكيك في قرارات قائد الحزب (الأخ الأكبر).

الرواية للحقيقة مرعبة جدًا، تظهر كيف يتلاعب النظام الحاكم بعقول أفراد الشعب وبأدق تفاصيل حياته لدرجة قيامه بتثبيت شاشات رصد عملاقة في كل شارع وكل زقاق وحتى داخل غرف النوم، لتتمكن من مراقبة المواطنين عن كثب وعلى مدار الساعة ولتملي عليهم الأوامر والنواهي وكذلك لتذيع عليهم إنجازات الحزب الحاكم الكاذبة والملفقة التي على المواطنين فور سماعها الوقوف والتصفيق.

يتلاعب كذلك هذا الحزب الحاكم بتاريخ الدولة والشعب، فالوعود التي يطلقها المسؤولون ويعجزون عن تحقيقها فإن الحل الأمثل اجتثاث هذه الوعود من الصحف ومن التقارير ومن ثم من عقول الشعب.

النقطة الأهم في الرواية والتي ترتبط بزيارة مقتدى الصدر للسعودية وبناء على دعوة رسمية من الحكومة السعودية، هي أن العالم في رواية "أورويل" مقسم إلى ثلاثة امبراطوريات عملاقة: أوشينيا، أوراسيا، إيستاسيا.

الحرب المستمرة مع بلدان الجوار هي للحفاظ على بنية المجتمع وللإبقاء المواطن خائفًا ومرعوب من العدو الي تظهر صورته على شاشات العرض المنتشرة في كل مكان.

في بداية أحداث الرواية كانت دولة أوشينيا والتي يقطنها بطل الرواية تخوض حرب طاحنة مع أوراسيا وكانت تبث من خلال شاشات الرصد تقارير المعارك وأغان وطنية وأرقام القتلى في صفوف العدو، وبرامج تبرز مدى وحشية مواطني دولة أوراسيا وتؤامر حكومة أوراسيا ضد شعب أوشينيا.. جعلت هذه التقارير من مواطني أوشينيا يشعرون بخوف ورعب من مجرد ذكر اسم أوراسيا، لدرجة أنه وخلال الحرب تم اقتياد مجموعة من أسرى العدو إلى عاصمة أوشينيا ليتم إعدامهم في العلن، فخرج المواطنين مهللين لهذا العرض الرائع.

تدور الأيام وتختلف التحالفات وتصبح دولة أوراسيا حليفة لأوشينيا، ويعلن الأخ الأكبر أن العدو الحقيقي لمواطني أوشينيا ليسوا الأوراسيين و إنما الإيستاسيين.

تبدأ عندها وزارة تزييف الحقائق بتزييف كافة التقارير والبرامج والأغاني لتتلاءم مع العدو الجديد، فيستيقظ مواطني أوشينيا صباحًا ليكتشفوا أن عدوهم قد تغير اسمه لكنهم لا يجرؤون على التساؤل حتى.. فالأخ الأكبر هو الزعيم الذي لا يأتيه الباطل ولا يخطئ القرار.

يشبه بطل الرواية هذه الحرب المستمرة مع بلدان الجوار، كثورين هائجين يستمرا بالتناطح من دون أن يؤذي أحدهما الآخر، هي مجرد حرب تستنزف موارد البلدان وتضمن وجود بيئة نفسية مناسبة للسيطرة على عقول المواطنين. الحرب التي تخوضها هذه الدكتاتوريات ليس لفتح البلدان أو احتلال الأراضي أو السيطرة على الموارد وإنما للحفاظ على بنية المجتمع وللإبقاء المواطن خائفًا ومرعوب من عدو مرعب تظهر صوره باستمرار على شاشات العرض المنتشرة في كل مكان.

في نهاية الرواية يتم اعتقال بطل الرواية ليتم التحقيق معه بعد سلسلة من مراحل التعذيب المتعددة والمرعبة وفي النهاية لا يتم الإفراج عنه إلا بعد أن يعترف البطل أن ٢ زائد ٢ تساوي ٥.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.