شعار قسم مدونات

العنصرية والتمييز.. واليمني الحر المستبد

blogs - علم اليمن يحمله الشعب

سيحتفل اليمنيون بيوم السادس والعشرين من سبتمبر 1962، يوم الإطاحة بالإمامة المستبدة التي حكمت اليمن فترة طويلة بالحديد والنار. الأسرة المؤمنة بقضية الاصطفاء والاختيار، والأحقية في الحكم دون غيرها من سائر الخلق، وأنهم شعب الله المختار الا أنهم ليسوا يهودا هذه المرة. أسرة قتلت وشردت وسجنت كل من يعارضها أو يفكر بأن لهذا الشعب حقوقا وعلى هذه الأسرة الحاكمة واجبات.

احتفل الشعب اليمني وما زال يحتفل كل عام بتلك المناسبة، يخرج الى الشارع يمرح ويلعب احتفاءا بهذا اليوم العظيم، كيف لا وهو اليوم الذي أُزيح عن كاهله غطرسة أسرة تمارس تعنتها عليه بجلد ظهره، وسفك دمه، وسرقة ماله، وهتك عرضه، اعتقادا منها بأنها الأسرة المصطفاة من الخالق لممارسة ما يحلو لها بكل اليمنيين الذين خلقهم الله لخدمتها والسهر على راحتها.

سيرفع اليمنيون الأعلام، وسيرتدون الأوسمة المعبرة عن الحرية وكسر القيود، سيهتفون بشعارات "لا للظلم"، "لا للتمييز"، "لا للمناطقية"، "لا للاستبداد"، … وغيرها الكثير. سيغيرون صور (بروفايلاتهم) على وسائل التواصل الاجتماعي – فخرا وزهاءا – بصور تحمل شعار السادس والعشرين من سبتمبر، إلا أن هناك خلل كبير في النفس اليمنية يدركه كل يمني، ويزيح عنه ناظريه مغمضا إحدى عينيه، ويتجنب الحديث عنه بحكم أنه ظاهرة مجتمعية متجذرة تختلف عما يمارسه الحوثيون أو هذه الأسرة أو تلك ويصعب تغييرها.

تحتاج النفس البشرية اليمنية إلى علاج عاجل، وثورة داخلية ذاتية، وهتاف بشعارات المساواة وعدم التمييز من الداخل قبل أن نطلقها على الحوثيين وغيرهم ممن يعترفون بها ويعلنوها على الملأ

ما ذهبت إليه هو ممارسة معظم اليمنيين، إن لم يكونوا كلهم، للتمييز، والمناطقية، وكل ما يهتف أنه ضده في هذا اليوم من تصرفات وممارسات للحوثيين أو الإمامة. نعم، معظم اليمنيين ان لم يكونوا كلهم سيهتفون بشعار العدل والمساواة، وشعار لا فرق بيننا إلا بالتقوى والعمل الصالح إلا أنهم يضعون خطاهم بحذر شديد عندما تطأ أقدامهم بيوت ومنازل فئة من الناس يقطنون معهم في مجتمعهم وفي قراهم ويدينون بدينهم، ويضعون القيود والحدود الصارمة إذا وطأت أقدام هؤلاء منازلهم، لا لشيء إلا لأنهم يختلفون عنهم في السُلَّم الاجتماعي الذي وضعوا درجاته بأنفسهم، إما لممارسة تلك الأسر وهؤلاء القوم لمهنة معينة، كالجزار والحلاق وغيرها من المهن الممتهنة عند الكثيرين.

 

يشعرونهم بالدونية عندما يتعلق الأمر بحياتهم الاجتماعية من زواج وغيرها. لا يزوجوهم ولا يتزوجوا منهم فقط لأنهم يعملون بتلك المهن أو لأنهم "بلا أصل"، تعبير بصراحة لم أجد له أصل ولا معنى، ما معنى أن يكون إنسان مسلم أتى إلى الدنيا من أب وأم بلا أصل وغيره له أصل؟!، ماذا يعني هذا التعبير من أصله؟

تحتاج النفس البشرية اليمنية إلى علاج عاجل، وثورة داخلية ذاتية، وهتاف بشعارات المساواة وعدم التمييز من الداخل قبل أن نطلقها على الحوثيين وغيرهم ممن يعترفون بها ويعلنوها على الملأ، أليس الحوثي أشجع منكم عندما أعلنها وقال أنا شعب الله المختار، وأنتم تسبوه وتلوموه إلا أنكم تمارسون ما يمارسه علانية.

طبعا سنحتفل بهذا اليوم المجيد، وسنهتف بذهاب أسرة سلالية مقيتة مستبدة أكلت الأخضر واليابس، والتي عادت من جديد تمارس طقوسها بأكثر وحشية، لكن لا تدعوا تلك السطور تذهب سدى دون النظر إليها ولو بالعين المفتوحة فقط دون الأخرى، لمراجعة ذواتنا والقضاء على هذا الجرثوم في كل حارة وقرية وبيت، القضاء عليه داخل أنفسنا، حينها نستطيع التوسع والضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه مجرد التفكير بأنه اختير من السماء دون غيره.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.