شعار قسم مدونات

وأنت تبدأ عامكَ الجديد لا تنس شعب الخيام!

blogs مخيمات النازحين

مع نهاية كل عام وبداية عام جديد هنالك العديد من الأشخاص يُرهقون أنفسهم بكتابة قائمة طويلة من الإنجازات التي حققوها طوال الأشهر التي مضت من أهداف وأحلام وأعمال قاموا بها وقراءات لكُتب وكتابة لنصوص كلاً حسب موقعهُ وعملهُ وهدفهُ في هذهِ الحياة. قوائم تطول وتقصر تسرد أدق التفاصيل أقلها وأكثرها أهمية لمشاركتها مع من حولهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي. هذا التصور الذي اتخذته كبداية لكتابة المقال هو البرواز الجميل المُرصع بالإيجابيات والسلبيات من الناحية التي لا مشكلة لدينا في مشاركتها مع الآخرين. أما ما يجسد داخل هذا الإطار قد لا يسر القلب والخاطر ولا يرضي الطموح ولا يستحق أن تخاطر في سببهُ وتقضي ايام العمر في انتظاره!

 

فيما نحن نستعد لاستقبال عاماً جديد نستذكر ابيات من قصيدة للشاعر محمود درويش يقول فيها:

وأنتَ تعودُ إلى البيت، بيتكَ، فكِّر بغيركَ 
لا تنس شعب الخيامْ
وأنت تنام وتُحصي الكواكبَ، فكِّر بغيركَ
ثمّةَ مَنْ لم يجد حيّزاً للمنام"

ونحن نكتب قوائمنا الطويلة هنالك من لا يملكون أوراقاً أو أقلاماً للتعلم، هنالك من لا يملكون ثمن فراش مستقر يأويهم آخر المساء، هنالك من لا يملكون حق المطالبة بحقوقهم وحرياتهم، هنالك من لا يعلمون أن العام انتهى ليبدأ عام جديد هؤلاء يعيشون خلف قضبان السجون والمعتقلات بالنسبة لهم الأيام تمضي كالأعوام ما فرق البارحة عن اليوم عن غدٍا.. هنالك في الجانب الآخر من الحياة بعيداً عن إطارها المترف من يشحذون الحجر لتوقد ناراً، هنالك من يقطعون طرق طويلة في سبيل الوصول لبر الأمان، لكن لا أمان.

 

حتى ذلك الحين حتى تحصل معجزات تغير ملامح الواقع العربي الذي نعيشهُ سوف نحاول جاهدين في كل مناسبة تمر علينا أن نَذكر ونتذكر هؤلاء الذين نحمل صوتهم وصورهم

الأمان حيث الوطن والأهل والدار والألفة، الغربة تُغرينا للرحيل، والحنين لا يبقي شيء على ما هو عليهِ، ديارنا أحتلها الأغراب وأصبحنا غريبي الدار. بينما تعيش شعوبنا العربية في غربة وتشتت وفيما نسمع صدى هتافات لثورة تصدح في السودان تطالب بالحرية والحياة الكريمة. وفيما ما زال هنالك آلاف من سكان مدينة الموصل ينتظرون عاماً يتم تقسيم الكعكة العراقية فيهِ وتوزيعها على المواطن لا الطبقة التي تتولى مقاليد الحكم ولا تغير من واقع الحال سوى إطلاق وعود رنانة.

وفيما تبرد النيران وينطفئ الجمر المشتعل في حلب وما حولها حتى ذلك الحين حتى تحصل معجزات تغير ملامح الواقع العربي الذي نعيشهُ سوف نحاول جاهدين في كل مناسبة تمر علينا أن نَذكر ونتذكر هؤلاء الذين نحمل صوتهم وصورهم، لا يكفي أن نشعر بالشفقة والأسى عليهم، لابد للصوت العربي ان يتوقف عن كلام الهمس، ويتعلم كيف يكون مسموعاً ولو بعد حين، الأخطاء الجسيمة تحتاج وقت تحتاج عُمرنا القادم كي نكون مجدداً على الطريق الصحيح وبر الأمان، الأهم أن نعرف الطريق ونحدد وجهتنا ونحافظ على وحدة قضيتنا.

أما في الجانب الذي مازال يتعاطى مع المشكلات على إنها واقع حال لاستمرار الحياة وموت شعوب لتحيا أخرى على حِسابها وفيما يتم إنفاق ملايين الدولارات من أجل ألعاب نارية وفيما يبذخ الأثرياء بالأكل والشرب الذي سينتهي بهِ الحال إلى مكب النفايات لعل الدواب تأكل منهُ وتسد جوعها وفيما يعيش العالم صراعات تسود فيها سطوة المال والسلطة هنالك على نفس كوكبنا هذا ملايين البشر يشاركوننا مساحة الجغرافية قريبة جداً، لكنهم مختلفون بعيدون كل البعد عن واقع أيامنا.

هؤلاء البشر هم من فعلت الحروب بهم ما فعلت هم من لا يفرقون بين البارحة واليوم غداً إلا من خلال بصيص أمل أو حدث لعلهُ يغير ملامح حياتهم نحو الأفضل. ختاماً سوف يمر هذا العام كسابقهُ صراعات جديدة أحداث لم نتوقعها ويبقى حال الأمة العربية على تفككها أما فيما يخص تلك القوائم الطويلة التي لابد من كتابتها لبيان الاجتهاد الذي حققتهُ، سوف أستغني عنها حتى تنتهي جميع مشكلات بلدي العراق والبلاد المجاورة.

لأنني أؤمن أن حياتنا ليس ما نكتبهُ بل ما نعيشهُ ما ندافع عنهُ ربما أعظم إنجاز بالنسبة لي أني ما زلت استطيع أن أكون قوية وأحارب بأسلحة أكثر وأملك ذخيرة أمل أكبر، وخيبة أقل. وبالرغم من هذا وذاك نحن نسعى لأن نحقق شيء ونترك أثر ما وإن كان مثقال ذرة صغيرة في هذه الحياة الكبيرة الواسعة لعلها تزهر خيراً.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.