شعار قسم مدونات

كيف يتم استغلال أهل الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة؟

blogs ذوي الاحتياجات الخاصة

تأهيل الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة هو عملية تطوير مهاراتهم العقلية والإدراكية والجسدية والحسية، من أجل زيادة استقلاليتهم في مهارات الحياة اليومية، مثل؛ الأكل واللبس والاستحمام، والتأهيل عملية طويلة المدى ومتشابكة الأطراف؛ ففيها المشرِّع والأخصائي والأهل.

تبدأ عملية التأهيل خارج إطار الجلسات العلاجية، حيث المشرِّع الذي يكفل حفظ الحقوق القانونية لذوي الاحتياجات الخاصة، ويراقب سير العملية التأهيلية، ويتخذ القرارات التي تضمن لها اتجاهًا صحيحًا، لذلك يجب على المشرع أن يكون على اطلاع كامل على حقوق الإنسان وحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، وأن يكون على درجة من الوعي بثقافة المجتمع الذي يسن فيه القوانين، كما ينبغي له أن يواكب المناهج الإدارية الحديثة في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة. والأخصائي -بمختلف اختصاصاته، مثل؛ أخصائي العلاج الوظيفي، وأخصائي العلاج الطبيعي- هو جزء من فريق عمل يتعامل مباشرةً مع المريض ومقدمي الرعاية، لذلك يستوجب على الأخصائي أن ينمي من قدراته العلمية والعملية، بالإضافة إلى مهارات الاتصال مع الأهل.

لا بد للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة الانخراط ببرامج تأهيلية وتعليمية لتحسين قدراتهم الاستقلالية، وزيادة اعتمادهم على أنفسهم

إنّ أهمّ طرف في العملية التأهيلية هو الأهل، فهم الأقرب عاطفيًا للمريض، ومنوط بهم حماية حقوقه إذا قصَّر المشرع أو الأخصائي، لذلك ينبغي عليهم أن يكونوا على درجة عالية من الوعي التي تجعلهم قادرين على تمييز ما هو في مصلحة الطفل من غيره، وهذا الوعي كفيل بزيادة قدرتهم على اتخاذ القرارات الصحيحة، ممّا يوفر عليهم الوقت والجهد والمال.

إنّ المجتمع الذي يشكله أهل الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة يعتبر بيئة خصبة لبائعي الوهم، بمختلف أدوارهم في العملية التأهيلية، وعلاقتهم مع الطفل والأهل، والأمثلة على ذلك كثيرة، منها رواج المدعين من الأخصائيين، حيث يقدم البعض نفسه للأهل على أنّه أخصائي في مجال معين، بينما يكون مجال دراسته مختلف تمامًا، لذلك يجب على الأهل التأكد من شهادة الأخصائي، ومزاولة المهنة الخاصة به، واختصاصه أيضًا، فأخصائي العلاج الطبيعي مثلُا لا يصرح له بالعمل كأخصائي علاج وظيفي أو مدرس تربية خاصة.

ومن أكبر المشاكل التي تنتج عن مدعي الاختصاص أنّهم قد يصوروا أفكارًا ومفاهيمَ خاطئة عند الأهل، ممّا يصعب تغييرها لاحقًا، وليس الاختلاف في الرأي هو المشكلة، فهذا يحصل بين الأخصائيين، فالعملية العلاجية برمتها نسبية بدءًا من التقييم حتى اختيار الأنشطة التي تحقق الأهداف العلاجية، ولكنه اختلاف علمي، مستند على نظريات ما، يقدم فيه كلا الطرفين أراءَ مبنية على اختلاف الخبرات، وطرق التحليل والتفكير.

ومن الأمثلة الأخرى على استغلال تعلق الأهل ببعض الأمل هو إقبال الأهل على المراكز التي تقدم مناهج غير مدروسة علميًا، مثل؛ العلاج بالأكسجين و"مسكاتوفا" .. إلخ، و"علميًا" تعني الدراسات والتجارب المثبتة والمقدمة في المجلات المعروفة، والمؤسف أكثر عندما تتعارض هذه الطرق مع البرامج الخاصة بطرق علمية عريقة؛ مثل؛ العلاج الطبيعي والوظيفي، كأن يُطلَب من الأهل إيقاف برنامج علاج طبيعي بحجة تعارضه مع أحدها، ومشكلة انتشار هذا النوع من المراكز سببها المشرِّع، فكما هو ملاحظ أنّها تنتشر في الدول النامية مستغلة سهولة الشروط، لذلك على الأهل التمييز بين ما هو حقيقي وما هو مزيف، بالاعتماد على طرق تفكير علمية.

ومن المراكز ما يتم ترخيصه على أنّه يقدم مناهج مدروسة علميًا، مثل؛ تحليل السلوك التطبيقي، والتكامل الحسي.. إلخ، ولكن المراكز فعليًا لا تطبق هذه المناهج، حيث لا تملك أدوات تطبيقها، ولا الكوادر المؤهلة، وهنا يأتي دور الرقيب، مثل؛ وزارة الصحة، ووزارة التنمية، وعلى الأهل التزود بمعلومات كافية تسعفهم في اتخاذ قرارات معينة في حال غياب هذا الرقيب. لا بد للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة الانخراط ببرامج تأهيلية وتعليمية لتحسين قدراتهم الاستقلالية، وزيادة اعتمادهم على أنفسهم، والأهلُ الذين يحدوهم الأمل بمستقبل أفضل لأطفالهم عرضةٌ للكثير من المدعين، الذين يبيعون الوهم للأهل، ويعيقون مسيرة أبنائهم في التطور والتدرب، وغياب المشرع والرقيب يُلزم الأهل بالتزود من علوم التأهيل، ليستطيعوا اتخاذ قرارات فيها مصلحة أبنائهم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.