شعار قسم مدونات

ماذا لو اصطدم الكويكب المرعب بالأرض؟!

blogs كويكب

كويكب عملاق يبلغ حجمه 1.3 كيلومتر، ووزنه 2.4 تريليون كيلوغرام، تم رصده بداية الشهر الجاري في الفضاء، يتحرك بسرعة 5 كيلومتر في الثانية، أطلقت وكالة ناسا الأمريكية تحذيرات لسكان الأرض بأن هذا الكويكب من الممكن أن يدمر الحياة على كوكب الأرض نهاية العام الجاري.

 

وقالت ناسا في بيان لها إن الكويكب المدمر يطلق عليه اسم (2010GD37)، وبحسب صحيفة ديلي إكسربيس البريطانية، حددت ناسا 31 احتمالا في الفترة بين عامي 2019 و2101 لارتطام الكويكب بالأرض، وقالت أن أقرب موعد محتمل لهذه الفاجعة هو 28 ديسمبر 2019، يليه احتمال في 21 من نفس الشهر عام 2093، حيث اعتمدت ناسا في توقعاتها هذه على متابعة مسار الكويكب الذي ظهر 19 مرة خلال عام 2010.

 

الأمر لا يتعلق بزلزال مدمر حتى يفرّ الأثرياء بعيداً إلى فنادق فخمة، فالكارثة ستخسف بالجميع كيفما كان جنسهم ومنصبهم

وتبلغ قوة ارتطام الكويكب بالأرض، في حال حدوثه، 260 ألف ميغاطن، حسب تقدير الوكالة، وهو ما يعادل 260 تريليون كيلو غرام من مادة "TNT" شديدة الانفجار، أو ما يعادل حوالي 15 مليون قنبلة نووية بحجم تلك التي ألقيت على هيروشيما ونكزاكي. وتبلغ نسبة احتمال ارتطام الكويكب بالأرض في نهاية هذا العام 0.000000070 في المائة حسب علماء ناسا.

 

ورغم أن نسبة حدوث هذه الفاجعة قليلة جدا، إلا أن الاحتمال يبقى قائما، ولنتخيل كيف يمكن لسكان الأرض أن يستقبلوا خبرا مفاده أن الكويكب سيصطدم بالأرض بنسبة مائة في المائة بعد شهر من الآن، كيف سيفكر الإنسان عندها؟ وكيف سيتصرف؟ وكيف سيتعامل مع الأيام القليلة التي تفصله عن الفناء؟ هل ستبقى فكرة استعمار الشعوب وتفقيرها ونهب خيراتها ومُقدّراتها قائمة، وهل سيفكر الإنسان حينها في إلحاق الأذى بغيره، هل ستستمر مصانع الأسلحة الفتاكة والذكية في إنتاج آخر صيحات تقنيات التدمير ضد الكائنات الحية، وهل ستفكر العصابات المسيطرة على البنوك الدولية وثروات الأرض في عقد معاهدة صلح مع الكويكب مثلا؟

 

كيف سيكون حال زعماء الدول الذين سيطروا على الحكم بالحديد والنار وعبّدوا طريقهم نحو الكرسي بجثث الضحايا، هل سيتذوقون بعد هذا الخبر المرعب حلاوة الحكم والسلطة، أم سيُرغمون علماء الأرض على تهجيرهم لكوكب آخر لعلهم يجدون هناك شعبا يحكمونه بالقوة، كيف سيتصرف أولئك الذين يحملون البنادق والرشاشات ويقتحمون القرى المأهولة بالمدنيين ليبيدونهم عن آخرهم لحظة سماعهم بالخبر وبندقية أحدهم مصوّبة إلى رأس طفل صغير ينتظر أن تُفجَّر رأسُه بعد الضغط على الزناد، هل سيُزهِق روح الصغير أم ستسقط البندقية من يده بعدما يستفيق ضمير الإنسانية فيه، هل سيفكر أحدٌ بتفجير سيارة مفخخة وسط جمع من الأبرياء حتى يستمتع بصور الأشلاء منثورة هنا وهناك، وهل سيفكر متطرف متعصب للبيض أو آخر متعصب للسود أن يمارس القتل والتنكيل في حق بني جنسه من بشرة مختلفة.

 

إن الأمر لا يتعلق بزلزال مدمر حتى يفرّ الأثرياء بعيداً إلى فنادق فخمة، وتبلعُ الأرض بعد ذلك أولئك الذين لم يجدوا لقمة يسدّون بها رمقهم فضلا عن وسيلة آمنةٍ للنجاة، والأمر ليس بطوفان جارف حتى يستقلَّ أصحاب النفوذ يخوتا عالية يُطلون من شرفاتها على الخلق في الأسفل وهم يصارعون الغرق، والأمر ليس بمرض معدٍ فتّاك حتى يهاجر ذووا الامتيازات الخاصة إلى جزر بعيدة عن بني البشر يقضون فيها أوقاتا ممتعة على الرمال الذهبية يشاهدون عروض الدلافين ويشربون عصير الكوكو الاستوائي، الأمر ليس كذلك فعلا، فالكارثة ستخسف بالجميع كيفما كان جنسهم ومنصبهم.

 

ويبقى هذا الاحتمال واردا وليس بالأمر المستحيل، وقد يوقظ الخبر ضمير أولئك الذين يعتقدون أن الحياة التي يسيطرون فيها على زمام الأمور ستبقى خالدة تحت قبضتهم، وما من قوة باستطاعتها أن تُزيحهم من قممهم الشاهقة، فعليهم الآن أن يفكروا ألف مرة قبل أن يرحلوا وترحل معهم سلطتهم أن الجبروت لا يعني البقاء، وأن الشر لا يُورّث الاستمرارية، وأن الظلم تجاه بني البشر ليس هو الحل الأمثل لضمان الخلود.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.