شعار قسم مدونات

سمات القيادة

blogs-القادة

نسمع كثيراً أن فلاناً أصبح قائدا، وأنه حقق الكثير من الإنجازات في مسيرته المهنية والعملية، ولكن هل هذا الشخص هو فعلاً يتسم بصفة القائد؟ أم أنه مدير يُسيّر العمل وفق نظام وضوابط معينه؟ هذا الموضوع يلتبس على الكثير من الناس وكنت أنا أحدهم، وقد صادفت في حياتي الكثيرمن القادة، والكثير من المديرين، وأود هنا أن أشرح الفرق من وجهة نظري الشخصية وتجربتي العملية.
 

القائد هو جزء من الفريق وليس فقط مشرفاً عليه، هو من يجعل من حوله يشعرون أنه جزء منهم، يفرح معهم ويحزن معهم ويتمتع بشخصية مختلفة عن غيره، يساند أعضاء فريقه في مهامهم، يدفعهم إلى الأمام ويشجعهم على الإبداع والابتكار، يساهم بشكل مباشر في تطويرهم وتحقيق الأهداف المرجوة، ويساعدهم في تحقيق طموحاتهم، يستمع إليهم ويزيل كل العراقيل التي قد تصادفهم.

عالمنا العربي يزخر بالقادة، بعضهم معروف لدى الكثير من الناس ويظهر في الإعلام، والبعض الآخر يعمل بصمت، والبعض لم يحصل على فرصته أو لم تساعده الظروف لكي يبزغ نجمه

أما المدير فهو المشرف على العمل، يتمتع بطريقة عمل كلاسيكية بحته، هو الشخص الذي يكون جل تفكيره أن يتم تحقيق الأهداف وفق نظام وضوابط معينة، ويتأكد من أن الفريق يعمل وفق آلية محدده لا يمكن الخروج عنها، عادة ما يركز المدير على الهيكل التنظيمي، على الحضور والانصراف، على عمل الاجتماعات والتقارير الكثيرة في سبيل تحقيق الأهداف، دون التفكير من طرق إبداعية لتحقيقها بشكل أفضل وأسرع.

مع أن الفرق كبيربين شخصية القائد والمدير، فالاثنين في نظر بعض الناس هما وجهان لعملة واحدة، ويعود السبب في ذلك إلى أن السمات الظاهرية قد تكون متشابهة بين القائد والمدير، كما أن بعض المديرين يحملون بعض السمات والمهارات القيادية، حيث أن أغلب القادة كانوا مدرين في يوم من الأيام، واكتسبوا المهارات والخبرات اللازمة وطوروا من أنفسهم ليصبحوا قادة لأنهم فكّروا وعملوا بشكل مختلف.

كثيراً ما نأخذ الغرب كمثال عندما نتحدث عن القادة، ولكن في الحقيقة أن عالمنا العربي يزخر بالقادة، بعضهم معروف لدى الكثير من الناس ويظهر في الإعلام، والبعض الآخر يعمل بصمت، والبعض لم يحصل على فرصته أو لم تساعده الظروف لكي يبزغ نجمه.

ومن الأمثلة على ذلك فؤاد الفرحان وسامي الحصين الذين أسسا منصة رواق للتعليم المفتوح، وكذلك جابر الحرمي رئيس تحرير جريدة الشرق القطرية والذي تدرج بالمناصب بتفانيه واجتهاده حتى أصبح في أعلى الهرم الوظيفي للصحيفة، وقسورة الخطيب أحد مؤسسي شركة "يوتيرن" السعودية التي أصبحت من أكبر شركات إنتاج ونشر المحتوى في العالم العربي ويشاهد برامجها أكثر من 100 مليون مشاهد في الشهر على موقع اليوتيوب، وغير ذلك من الأمثلة والشخصيات.

كل من يصل آفاقا أوسع عادة ما يكون القائد، وقد لا يكون بالضرورة صاحب منصب، بل صاحب تأثير ورؤية وهمّة عالية

وهذا كله يبشر بالخير حيث أننا أمة نملك سمات وحس القيادة والإبداع، ونستطيع أن نحقق الكثير من الإنجازات فور توفر الدعم والتشجيع، والأمثلة على ذلك كثيرة، فاغلب الدول العربية نجد بها قادة مميزين، سواء على مستوى الجهات التي يعملون بها أو على مستوى عملهم الشخصي.

فرجال وروّاد الأعمال مثلاً هم قادة ناجحون، عملوا بجد واجتهاد وابداع لإيجاد حلول وإطلاق مشاريع إبداعية تواكب بعض مما حققه الغرب من إنجازات، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الإعلام في الغرب يركز أكثر وبإيجابية أكبر على من أنجز، وبالتالي التشجيع والدعم يكون أكبر، وكذلك حس الإلهام لغيرهم ممن يود أن يسلك نفس الطريق.

النقطة التي أريد إيصالها هي أنه من الضروري أن نفرّق بين القائد والمدير، وأن نحاول أن ننشئ أجيالاً جديدة من القادة في عالمنا العربي طوال الوقت لتكون، وأن نقدم لهم الدعم والتشجيع اللازمين، وأن نيسر لهم الظروف للنجاح، لأن الأساس موجود، وهذا لا يعني أننا لا نحتاج إلى المديرين، فهم أيضاً جزء مهم من التركيبة، خاصة في المشاريع والمهام التي لا تتحقق إلا وفق آلية ونظام محدد فلكل شخص في الفريق أهمية خاصة، ولكن من يصل آفاق أوسع عادة ما يكون القائد، وقد لا يكون بالضرورة صاحب منصب، بل صاحب تأثير ورؤية وهمّة عالية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.