شعار قسم مدونات

هل الحُبُّ.. شَكْ؟

blogs - love
الحُب بزمننا هو الهجرُ المُوجِعْ، بعد تأمُلاتٍ طويلة بغمُوضٍ الآخر، وبعد أن تطمئنَّ لابتسامته وكلِّ تقلباته المزاجية يحمِلُ حقيبته ومتاعه ويرحلْ ، بعد أن يترُكَ بنفسك شيئاً يُشبه الوجعْ، بل مؤكدٌ هو الانهيارُ الداخليّ الذي يُحدِثُ ضجةً تكاد تُردي بك على رصيفِ العُزلةِ الأبديّة..

حينها تتمنى لو تلبس ثوْب الزهايْمر وتُحلِّق بعيداً بأجنحةٍ جورية أدماها الوداعُ المحمَّل بكلماتٍ صادمة، تُحلِّق إلى منفى النسيانْ.. لعلَّك تنسى أو تتناسى وتُدمن النسيانْ..

الشَّك يشنُق الحُبْ.. الشَّك يُوَّلد شُكوكاً أعمقْ.. الحُبُ مِحرقةُ الشَّكْ.. الحُب يوَّلد حُباً و يجني حُباً..

حينما يدخلُ الشَّك من الباب يخرُج الحب مُهروِلاً من النافذة لكنّه لا يلبثْ أن يتعلَّق بأُنبوبٍ ما من تحتها ويُعيدُ التسلُّق ومُمارسة طُقوسه البريئة لعلَّه ينجحُ في إبادة الشَّك ويتسبب في هُولوكوستْ يتوسَّد خلالها الشَّك أشلائه الرمادية التي بعثرتها نيرانُ الاشتياقْ..
 
هنا الأمر متوقف على مُتبنِّي آفة الشَّك الذي قد يتطور وضعُه إلى ظنونٍ تجعله يتخبَّط بخياله المُتألم.

تجعله يلبس قناع الضحيَّة، لا لوْم عليه في حينها إذ يكون بحاجة ماسة إلى أن يهجرهُ الطرف المشكوك فيه، نعم لأنه سيراك مُذنباً وخائناً إلى أن يفنى العُمر..

ابتعد ولا داعي لشفقتك دعهُ يصدِّق ما يُريد.. ما عليك سوى أن تدعوا له بكلِّ حُبْ، لأنَّك أحببت بكلِّ حُبْ.. أحببته كما هو وكما يُريد أن يكون، تقبَّلته بكلِّ سلبياته التي لم تتجرأ يوماً أن تفتح صفحاتها وتناقشها.. 

لكن هو أحبَّ نفسه أكثر منك، أراد أن يراك كما يبتغي هو، أرادك مُطابقاً لصورة ٍرسمها لِمحبُوبه، لكنَّه ضعُف أمام سلبياتك التي لم ير غيْرها، لم يسمح له الشَّك أن يرى جميلاً فيك…

الحُب ليْس شكْ.. الحُب يقتُلُ الشَّك.. الشَّك يشنُق الحُبْ.. الشَّك يُوَّلد شُكوكاً أعمقْ.. الحُبُ مِحرقةُ الشَّكْ.. الحُب يوَّلد حُباً و يجني حُباً..

إن أردت أن تُحب فاستعدَّ للمنغصاتْ.. حاول الخُروج منها بأقلِّ جرُعة شكٍ مُمكنة.. لا تفقد محبوبك، لا تُلبسه ثوْب الألم عن سبقِ إصرارٍ وترصدْ، إذ حينها لن ترحمك محكمةُ الضمير حتى وإن أخفيْت ذلك وتجاهلتَ الضجيج بداخلك.. ستبقى سجينَ التأنيبْ، حتى وإن أحبَّك آخرون، لن تُحبَّ كما أحببت قبلاً ببراءةٍ منتشية..قبل أن يأْسرك الشَّكْ..

انتبه معي.. أتعلمُ كيْف ستُحبْ؟.. ستُحب بِلا شك.. بدل أن تشُّك بحُب، وهذا اللا شَّك يُقابله في عالم المُحبِّين الغيرة العذراءْ.. التي وُلدت في كنف الحُب.. الغيرة البريئة التي تُنتج حقولاً من الورود والياسمينِ الشاميّ، بدل أن تزرع أنانيةً طاغية وتجنيَ شوْكاً يُدمي القُلوبْ..

استمع جيِّداً.. الحُبُّ قضيةُ ثِقة.. فإنِ انعدمت ثِقتك بِنفسك.. لا تُحاول تشريد مشاعرِ غيْرك..اعتذر و تنحى جانباً..

الحُب مودة ورحمة يا ناسْ.. قبل أن يكون دبدوباً أحمرْ.. وشُكولا مُزينة بشريطٍ أحمرْ..

الأكيد أنَّ الآخر سيتفهمك لأنّه أحبَّكْ.. أمَّا إن لم يتقبَّلِ اعتذاركْ.. فاعلم أنّه أحبَّكَ أسيره.. ولم يرض بحُرِّيتك.. لا تجزعْ فأنت حاولت وهو اقتنع بتشويه صُورتك..

أحِبَّ دائما كما لمْ تحبَّ من قبلْ.. تناسى الألمْ و حاول إبصار الحُب القادم من آخر النفقْ..

الحُب لا يعني دائماً عشيقين معذبينْ.. لا أبداً.. أقصد هنا حُبَّ الصديقِ لصديقه.. حُبَّ الإخوة لِبعضهمْ.. أقصِدُ هنا العلاقة المُقدَّسة.. ألا وهي حُبَّ الزوْج لزوْجتهِ والعكسْ..

الحُب مودة ورحمة يا ناسْ.. قبل أن يكون دبدوباً أحمرْ.. وشُكولا مُزينة بشريطٍ أحمرْ.. دائماً يُعبِّرونَ عن الحُب باللَّوْنِ الأحمرْ.. دائماً ما يربطُونه بلّوْن الدَّم..

حتى لو كان الأحمر لوْنُ الغُروب ومنارة ُالمتأملين.. هنا فقط سنقول بالأحمر نتجمَّل ونكون أجملْ.. لماذا روَّجتم للحُب بأنه نزيفْ.. يقطع شرايين القلبْ.. 

أرجُوكم لا تُحبُّوا لتطغوا.. أحبُّوا لتكون الحياة ابتسامة..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.