شعار قسم مدونات

حقا أنا طائفي!

Iraqi soldiers gather on the outskirts of Fallujah, west of Baghdad, April 20, 2016. REUTERS/Stringer EDITORIAL USE ONLY. NO RESALES. NO ARCHIVE.
في حياتك يبتليك الله بأقوام لا يكلفون أنفسهم التفكير ولو قليلا في حكمهم على الآخرين، من صفاتهم الجدال بلا هدف والشتم بلا سبب والعناد على الرأي وإطلاق الأحكام المسبقة، وكأني متأكد بأن كل من يقرأ هذه التدوينة قد التقى واحدا من أولئك الذين يختمون جدالهم بكلمة "يا طائفي"
 

ينعتني بالطائفي لأنني أعترض على ممارسات شنيعة يقوم بها أبناء طائفة ما، ويدّعي أن اعتراضاتي مبنية على أسس طائفية وحقد تاريخي تجاه طائفته التي يشهد التاريخ أنها عاشت فترات طويلة في أرجاء الدولة الإسلامية مع حرية دينية رغم كل أحداث الخيانة التي كان يقوم بها أفراد من طائفته بين الفترة والأخرى، الأحداث لم تتغير والتاريخ يعيد نفسه.
 

يُقتل السوريون باسم الطائفية، ويعدم الأحوازيون باسم الطائفية، وتحاصر حلب باسم الطائفية، فإن اعترضت قال: اصمت، لا تنشر الطائفية

ها نحن الآن في القرن الحادي والعشرين، فإذا نظرت إلى الدول العربية وجدت رابطا مشتركا بين معظم العواصم التي يسيل الدم فيها أنهارا، بغداد تحولت إلى وكالة خاصة بهم ودمشق تحولت إلى ساحة قتل وتدمير، وبيروت لحارة بلطجة تحت بند مقاومة، وصنعاء تتحول لمركز محاربة للعرب وطموحاتهم في الحرية والاستقرار، هذا الرابط يدلك بشكل واضح على أن طائفة ما توغل في دم السنة وتقوم بالمجازر وتستعين بالمحتل الأجنبي وتعينه على بني السنة الذين تسفك دماؤهم وتحرق مدنهم وتهدم بيوتهم فوق رؤوسهم، ويتم التنكيل بهم واغتصاب نسائهم، ويجبرون على سب الذات الإلهية والسجود لبعض القادة المقربين من تلك الطائفة، وهم الذين هربوا من الموت وذاقوا الذل ألوانا في المخيمات وسفن اللجوء المرعبة بسبب الظلم الذي تعرضوا له من قوم جعلوا حماية مقام السيدة زينب سببا وجيها لقتل آلاف البشر.
 

يُقتل السوريون باسم الطائفية، ويعدم الأحوازيون باسم الطائفية، وتحاصر حلب باسم الطائفية، ويُذل أهل السنة في إيران ويذوقون ألوان العذاب باسم الطائفية، يحتلون العواصم ويرتكبون المجازر بحق أهل السنة في العالم العربي، فإن اعترضت قال: اصمت، لا تنشر الطائفية!
 

عندما يعارض أهل السنة التطرف الداعشي يكونون في نظر البعض "وسطيين معتدلين" فإن عارضوا وانتقدوا شنائع الحشد الشعبي صاروا "طائفيين" يريدون منك أن تحارب التطرف وأن تمنعه وأن تقيم له برامج في المدارس والجامعات وأن ترسل جيوشك لمحاربته على الحدود، ولا زال البعض يخرج بين الفينة والأخرى يطالب أهل السنة بالوقوف في وجه التطرف مع أنهم يفعلون ذلك منذ عقود، فإن وقفوا ضد متطرفين من طائفة أخرى اتهموهم بالسلبية والطائفية.
 

لا يمكننا أن نصمت على جرائم الشيعة حتى لا نتهم بالطائفية، بل إن سكوتنا تعميق للطائفية ودعوة صامتة لكي يزدادوا طغيانا على طغيانهم، وفي صمتنا خذلان لعشرات الآلاف من الشهداء والجرحى الذين واجهوا هذا الطغيان ووقفوا في وجهه وهم يدركون أن قتال هذه الفئة واجب لأنهم ظلموا وطغوا وليس لأنهم شيعة، بالمقابل تقتلك وتقاتلك هذه الطائفة لأنك من السنة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.