شعار قسم مدونات

"الزيفقراطية.. أحق أن تقال"!

الدين والديمقراطية ..

لقد ظَهر مصطلح الديمقراطية لأول مرة عند اليونايين، ويتكون من كلمتين الأولى هي "DEMOS (ديموس)" وتعني عامة الناس أوالشعب، والثانية هي "KRATIA (كراتيا)" وتعني حُكم، أي أنَّ السلطة بيد الشعب وحده فهو من يملكها ومن يُقرُ سلطاتها ويختار حكومتها، وهو مصدر القانون أيضا مهما اختلفت أنظمة الحكم!

لا تكاد تخلو اليوم خطابات السياسيين من هذا المصطلح الرنّان المنمق الذي بات يُتغنى به في جميع المحافل الدولية، فيما يكتفى المتابع العربي بالانبهار..إذ لم يصله من الديمقراطية إلا ما أريد له منها،عن طريق وسائل الدعاية العالمية المسخرة لذلك.

على الشعوب العربية أن تحفظ جيدا أنه باسم الديمقراطية أوالزيفُقراطية -إن صح التعبير- احتُلت بُلدانها ونهبت ثرواتها لعقود طويلة من الزمن فكانت مسرحًا مخضّبا بدماء الأبرياء، إذ لم تُمنح حريةَ تقرير مصيرها بل افتكت استقلالها بتضحيات جسام قَدمت من خلالها مئات الشهداء والضحايا.

فالتاريخ لم ينسَ مذابح الفرنسيين للشعب الجزائري ومذابح الإيطاليين للشعب الليبي، ومذابح البريطانيين للشعب المصري، ومذابح الأميركيين للشعب العراقي.

من الأجدى والأنفع أيضا أن يتوقف الإعلام العربي عن الحديث عن الديمقراطية الغربية كمثال يحتذى ويُقتدى به، لأنها في حقيقة الأمر زيفُقراطية باطلة.

لقد أطلت علينا اليوم الزيفُقراطية بحلة جديدة، أكثرَ خبثا ودهاء وتحت غطاء أكثرَ تزييفا وتحريفا، وباسمها الأعظم أوقدت نيران الحروب في المنطقة العربية مجددًا دون الحاجة إلى انتهاج طرق الاستعمار الكلاسيكية، فالحروب تُقاد اليوم بالوكالة ولم يستطع أحد إخماد نيرانها وكل ذلك بحجة محاربة الإرهاب وحماية حقوق الإنسان.

إن حقيقة الزيفُقراطية هذه هو الاحتلال، بمفهومه الحديث وغير المباشر، والاحتلال هو شر أنواع الإرهاب والإرهاب هو الابن الشرعي للاحتلال. وتدعو القوى العالمية  بصوت عال الشعوب العربية إلى ممارسة زيف ديمقراطيتها وتُخطط سياسياً وعسكرياً وأمنياً لفرضها عن طريق القوة والسلاح أيضا، خدمة لمصالحها وتنفيذا لأجنداتها ومن ثمة بسط هيمنتها على المنطقة، كما حصل في عدد كبير من الدول العربية على غرار زيف ديمقراطية العراق الدموية وزيف ديمقراطية ليبيا المتهتكة وزيف ديمقراطية الموت الزؤام في سوريا،والقائمة تطول.

يجبُ علينا أن نُحول الاعتقاد بالديمقراطية المزعومة إلى اعتقاد مُنٌكر وقبيح لا يؤمن به أحد، ولو أن ذلك قد بدأت مؤشراته في التجلي؛ فعدم الرضا وعدم الاهتمام بالديمقراطية والسياسة سويا، ينموان بوضوح، لقد وصل الوضع اليوم إلى حد القرف من ما يسمى الديمقراطية وأنظمتها الداعمة والمسنة لها.

إن الاعتراف بزيف الديمقراطية هو بداية الطريق للتخلص من هذه الصورة النمطية التي رافقت شعوبنا طويلا، إن التعليم والتحرر السياسي والاقتصادي يساعد الفرد ويسهل عليه ممارسة الديمقراطية الفعلية بأشكالها الإيجابية البناءة.

من الأجدى والأنفع أيضا أن يتوقف الإعلام العربي عن الحديث عن الديمقراطية الغربية كمثال يحتذى ويُقتدى به، لأنها في حقيقة الأمر زيفُقراطية باطلة آثمة؛ تسعى الى تدمير المجتمعات العربية وطمس هويتها وصرف نظرها عن القضايا الأهم.

على القائمين على الإعلام العربي التحرك بجدية وحزم من خلال تسخير الوسائل السمعية والسمعية البصرية والمكتوبة وحتى الالكترونية؛ لإماطة اللثام عن هذه الديمقراطية الزائفة التى من الضروري إسقاط قناعها اليوم قبل الغد فخيرُ البرّ عاجله.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.