شعار قسم مدونات

نوبل يخسر جائزته للسلام هذا العام

blogs - nobel

كان أمام نوبل هذا العام فرصة ذهبية لتفعل جائزته فعلتها تجاه السلام العالمي، وتقف في وجه الديناميت الذي اخترعه وجهاً لوجه، لكن الظاهر أن من يتحكمون في مسار جائزته هم على ارتباط وثيق بمن يتحكمون في مصير هذا العالم، وقد أبوا أن يتحقق ذلك.

جوائز نوبل والتي أوصى بها العالم السويدي ألفريد نوبل مخترع الديناميت، أن تمنح كل عام عن العلوم الإنسانية في الطب والفيزياء والكيمياء والآداب والسلام، كتكفير عن ذنبه في اختراع الديناميت، والذي يزداد هو ضحايا ذلك الاختراع من البشر ومن الشجر ومن الحجر كل عام، ولو يرى نوبل ما يحدث في سوريا اليوم فمن المؤكد أنه سيتمنى لو مات قبل ذلك الاختراع الذي استغلته شياطين الإنس في الانتقام من الأبرياء من البشر.
 

قد لا يكون نوبل يقصد في اختراعه المساس من البشرية خاصة وأن الديناميت لم يستخدم لتلك الأساليب الموحشة قبل موته، لكنه كعالم مبدع لعله استطاع ان يستقرئ المستقبل وهذا ما دفع به لتخصيص جائزة للسلام كتكفير عما ستقتله حروب البارود من البشر في المستقبل، هذا بالإضافة إلى تشجيعه على أي اختراعات وإبداعات في العلوم الإنسانية والتي تقدم الخير للبشرية، في محاولة لترجيح كفة الخير على كفة الشر.
 

إذا كان القائمون على الجائزة غير قادرين على منح الجائزة لأصحاب القبعات البيضاء، لكنه كان بإمكانهم حجبها هذا العام، وأن يوصلوا رسالة، أن السلام غير موجود في العالم.

ما قدمه وما يقدمه أصحاب القبعات البيضاء في سوريا "الدفاع المدني السوري في المناطق المحررة" تعجز عن تقديمه أي مؤسسة أو فرد في العالم للسلام، ففي كل اليوم ينقذون حياة عشرات الأشخاص من بين ضحايا الديناميت والبارود الذي اخترعه نوبل، فلولا أصحاب القبعات البيضاء لتضاعفت أعداد الضحايا عما هي عليه الآن .

وهذا ما يؤكد الشكوك أن جائزة نوبل مسيسة وتقع اختياراتها تحت سطوة القرار السياسي العالمي، فمنح جائزة نوبل للسلام لأصحاب القبعات البيضاء، هو اعتراف وإدانة صريحة بجرائم النظام السوري وكل من يقاتل معه وعلى رأسهم النظام الروسي، وبذلك تكون إدانة دامغة للأمم المتحدة ولمجلس الأمن الدوليين، من أجل ذلك جاء القرار بصرف النظر عن ذلك.

ولوكان القائمين صادقين بمشاعرهم وبتأدية الأمانة لنوبل لكانت أكثر من جائزة منحت للسوريين وبالأخص جائزة نوبل للسلام وجائزة الطب أيضاً، فما يقدمه أصحاب الأيادي البيضاء أيضاً من أطباء سوريا في المناطق المحررة وبالإمكانيات المتاحة بين أيديهم تعتبر إعجازاً طبياً، وهم بدورهم ينقذون كل يوم حياة العشرات من الأبرياء بعد أن طالت أجسادهم شظايا الديناميت .

وإذا كانت الجائزة بمجملها جائزة معنوية أكثر منها مادية، لكنها لو منحت لأصحاب القبعات البيضاء -الدفاع المدني- أو لأصحاب الأيادي البيضاء -الأطباء- في المناطق المحررة، فسوف يكرس السوريون قيمتها المالية في تطوير عملهم، وإن كل دولار سيكون له دوره في إنقاذ حياة مواطن سوري، وبالتالي فإن جائزة نوبل سوف يكون فعلها هذا العام مادياً بشكل مباشر، بالإضافة إلى مدلولها المعنوي الكبير.

وإذا كان القائمون على الجائزة غير قادرين على منح الجائزة لأصحاب القبعات البيضاء، لكنه كان بإمكانهم -على الأقل- حجبها هذا العام، وأن يوصلوا رسالة، أن السلام غير موجود في العالم، بعد أن عجز عن إعادة الأمن والأمان للسوريين منذ أكثر من خمسة سنوات، وأن يتركهم فريسة سهلة لديناميت نظام الأسد وأعوانه، والذي لم يتوقف على النيل من أجسادهم ووطنهم منذ أكثر من خمس سنوات .

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.