شعار قسم مدونات

ما جَرّبوا عِشقي

blogs - amman
قالوا: زَمَانُكَ؟ قلتُ ليسَ زَمانِي *** كلاَّ، ولا هذا المكانُ مكانِي

لَمْ تعرفِ الأقمارُ يوماً مَوْطناً *** لِيَكُفَّ أَقْدَمُهَا عَنِ الدَّوَرَانِ

فَامْلأْ فُؤَادي بِالنّشيجِ فَإِنّهُ *** سُلْوانُ مَنْ يشكو مِنَ السُّلوانِ

فأنا أقاسي غُربَةً في موطني *** وطني لهم، وأنا بِلا أَوْطَانِ

وأنا وَحَقِّكَ ليس لي مِنْ عَاشِقٍ *** إلاّكَ يا وطني فَلُذْ بِكِيَاني
 

يا موطني .. يا موطني .. يا موطني .. *** شجنٌ على شجنٍ على أشجانِ

(إنّي أُحِبُّكَ) كلّما ردّدتُها *** جَرَتِ الحروفُ نَدِيَّةً بِلِسَاني

قبّلْتُ وجهكَ يا طهورَ ترابِهِ *** وَضَمَمْتُه كالعاشق الولهانِ

وَفَدَيْتُ أُرْدُنَّ الهوى وَهَوَيْتُهُ *** حَتَّى هَوَى الأُرْدُنِّ قَدْ أَرْدَانِي

أرثيكَ ؟‍! أم أرثي الذين تحوّلوا *** في الناسِ أمواتاً بلا أكفانِ

هم ضَيَّعُوكَ وَضَيَّعُوا أَحْلامَنا *** ونَمَوْا على زَمَنٍ مِنَ الخُذْلانِ

لم يعرفوكَ بغيرِ ما سلبوكَ *** فَامْنَحْنِي إذاً شيئاً مِنَ الهَذَيَانِ

سرقوكَ لستَ بموطنٍ إلا إذا *** حَسِبُوا حِسَابَ الرِّبْحِ وَالخُسْرَانِ

ما كنتُ أَحْسَبُنِي أعيشُ لكي أرى *** هذه البلادَ تُباعُ بالمجّانِ

قبضوا على ثَمَنِ البلاد وروّحوا *** وَقَبَضْتُ مُنْفَرِدَاً عَلَى قُضْبَاني

وَصَرَخْتُ أَنَّ الأرضَ ليستْ سِلْعةً *** حتى تُباعَ بِأَبْخَسِ الأَثْمَانِ

**********
 

أنا يا بلادي كلّما أبحرتُ في *** سُفُنِ المحبّةِ، عَقَّنِي رُبّانِي

وَلَقَدْ يَمُوتُ الحزنُ عِنْدَ مَمَاتِنا *** وَيَجِيْءُ بعدَ الموتِ حزنٌ ثانِ

أنفقتُ عُمْرِي في هَوَاكِ وليتَ لي *** عُمُرَاً جديداً في هواكِ يُعاني

أخفيتُ وجهي عنكِ حتّى لا تَرَيْ *** وجهاً يزيد الهمّ في الوجدانِ

ولمن سأشكو؟ والذين شكوتُهم *** حزني، أضافوه إلى أحزاني

ما جَرَّبوا عِشقي ولو هُمْ جَرَّبُوا *** ذابُوا وَحَنُّوا في الهَوَى تَحْنَاني

يرقى الهوى بالعاشِــــقِيْنَ وإنّنِي *** كوفِئْتُ – رغم الحبِّ – بالحِرْمَانِ

سَـجْنِي وَمَحْكَمَتِي وَفَصْلِي، هَلْ تُرَى *** كانتْ مُكَافَأَتِي عَلَى إِحْسَاني؟!

تقفو الذئابُ قَصَائِدي، ويطيرُ مِنْ *** فَرَحٍ لِقَيْدٍ في يَدِي سَجّانِي

وَعَلامَ؟ ليسَ لديّ إلا قطعةٌ *** يَدْمَى بِنَزْفِ حُروفها ديواني

أنا طائرٌ غنّى فَأَشْجَى، مَنْ رأى *** شَجَرَاً يُحَاسِبُ طَائِرَاً لأَغَانِي

واللهِ لَوْ مَلَؤُوا فَمِي سُــمّاً وَحَـزُّوا *** أَضْلُعِي، أَوْ قَطَّعُوا شِرْيَانِي

ما بِعْتُ دِيْنِي، أَوْ طَعَنْتُ عُرُوبَتِي *** أَوْ خُنْتُ عَهْدِي، أَوْ كَسَرْتُ سِنَانِي

فَجْرِي أَمَانٌ، وَالذينَ تَقَافَزُوا *** حَوْلِي، لَهُمْ لَيْلٌ بِغَيْرِ أَمَانِ

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.