شعار قسم مدونات

لا تعاتب الطموحين بتأخُّرهم عن الزواج

blogs - wedding

إن أصحاب الشغف والأحلام الكبيرة أحياناً يتأخرون في قرار الزواج سواءً أكانوا إناثاً أم ذكورا، بل وإن تزوج أحدهم يكون بشكل مفاجئ، فتجد أحدهم يقول هي من أبحث عنها وتسمع إحداهن تقول أقبل به! بالرغم أنها رفضت العشرات قبله، وإليكم هذه التدوينة لعلها تفسر هذه الظاهرة.
 

بالبداية أود أن اسأل لماذا يختار فلان فلانة وتقبل به زوجاً؟ السبب أنه يجدها مناسبة له تماماً بحسب ما يراه ويؤمن به وذلك يكون انعكاساً عن بيئته "أفكاره.. قدراته.. ومهاراته"، وهذا ما أسميه بدائرته التي يعيش فيها، فتلك دائرة المراهقين، وهذه دائرة المفكرين، وهنا دائرة المتدينين، وتلك دائرة الأغنياء، وهناك دائرة المشاهير وغيرها من الدوائر في حياتنا.
 

سمعت أشخاصاً كثيرين متيمين بفتيات خلال الجامعة أو العمل ولم يكتب النصيب، وبعد سنوات بعد أن تغير فكره وتطورت شخصيته لا يجد سبباً منطقياً لاختيارها في ذلك الوقت.

فما قصة الارتباط والزواج بذلك؟! إن الشخص الطموح دائماً غير مقتنع تماماً بمكانته الحالية، وبما أننا نعيش دائماً في دائرة جميع من فيها يشبهوننا، إذاً ستكون الخيارات أمامنا اناس لا يقلون ولا يزيدون عنا شيئاً، فننتهي بجملة "لا يعجبني أحد"، لأننا متيقنين أننا سنغادر هذه الدائرة وننتقل إلى مكان أفضل ولن يعجبنا كل من بقي بهذه الدائرة الحالية.
 

كلامي السابق يشمل أصحاب الهمم، ومن يحملون الهم لتطوير ذاتهم والرقي بإمكانياتهم الفكرية والمهارية، ويعلموا أنهم كذلك، أما عن الاشخاص الذين لا يعلمون أنهم كذلك فبالتأكيد كانت لهم محاولات في الارتباط، ولربما شاء القدر أن يمهلهم فرصة إضافية وهنيئاً لهم بذلك.
 

سمعت أشخاصاً كثيرين متيمين بفتيات خلال الجامعة أو العمل ولم يكتب النصيب، وبعد سنوات بعد أن تغير فكره وتطورت شخصيته لا يجد سبباً منطقياً كان لاختيارها في ذلك الوقت، لأنه ببساطة ما زال ينظر اليها كأحد أعضاء الدائرة السابقة، علماً أنه لا يعلم بأي دائرة انتهى بها المطاف، وكذلك الفتيات فهي بعد أن كانت معجبة بشخص سابقاً ولم يكتب الله النصيب، ستنظر إليه بنظرة "ما الذي جعلني أختاره؟! لا أراه يمثلني"، والنتيجة واحدة وهي انتقالها لدائرة "بيئة" أفضل وبقي هو بدائرة سابقة في مخيلتها.
 

هنا سيظهر لديك تساؤل؛ لماذا هذه القاعدة تنكسر احياناً، وترى فلان بشكل مفاجئ تمسك بفتاة وتقدم لها حسب الأصول وتراها لم تتردد بالموافقة؟ جميل جداً هذا السؤال فقد ذكرته في المقدمة، واليك الجواب ببساطة.
 

لا تتحرك رغبة الشخص الطموح أو الطموحة في الزواج إلا إذا وجد من هي في دائرة يسعى للوصول إليها مستقبلاً ووجدها متقبلة له، فقد وفرت له عناء الانتظار، ولكن لماذا هي توافق عليه دون تردد؟ فالسبب يعود إلى أنها شعرت بأنه مستقبلاً سينتمي لدائرة عظيمة وكل ما يحتاج إليه هو الوقت، ولديها القدرة على مساندته للوصول إليها، فتبدأ حياة زوجية مبنية على تحقيق غايات عظيمة.
 

فهذا ما يسمى بالحاسة السادسة، وهو الإيمان بقدرات من هو مقابلك وكأنك تقرأ مستقبله ونادراً ما يخيب ظنها، وبالتأكيد العكس وارد، فذلك الرجل يرى في تلك الفتاة قدرات كامنة ستساعدها للوصول للدائرة التي يطمح أن يراها فيها وكل ما تحتاج له هو أيضاً "الوقت"، وهذا يحدث بشكل سريع وفرصة لا تعوض فيكون القرار مفاجئاً، وإن لم يحدث ذلك فسيتزوج متأخراً أو ستقبل بزوج ملأ قلبها بوقت متأخر.
 

لابد من ذكر شيئين مهمين هنا:
الأول: هناك منهن من تقبل بعريس غير مقتنعة به تماماً، ولكن هروباً من العنوسة أو غضب الأهل وهي لا تشعر، فتبدأ بإقناع نفسها أنه مناسب، وتكون ابتسامتها غير مكتملة إلا إذا حالفها الحظ وكان الزوج شخص يعلم كيف يرسم خريطة حياتهما.. وغير ذلك.
 

عند اختيار زوجتك أو اختيار زوجكِ إياك وأن تقيم الوضع الحالي، بل استخدم المعطيات الحالية لتعطيك نتائج مستقبلية متوقعة

الثاني: لا علاقة للمال بالزواج، وهو ليس إلا مجرد عذر نستخدمه للهروب من الزواج لأن المال لا يجلب حياة سعيدة وزوجة عفيفة وإن كان ركن من أركان الحياة المكتملة، والدليل أن فلانة التي بقيت تبحث عن شخص مقتدر مادياً فجأة تزوجت برجل غير ميسور الحال، ولكنها مؤمنة بأنه شخص عظيم ولديه أهداف واضحة وسيصل يوماً لدائرة الأغنياء، ولحسن تربيتها فهمت ذلك وكانت له داعماً ومسانداً لتحقيق ذلك.
 

لذلك في اختيار زوجتك أو اختيار زوجكِ إياك وأن تقيم الوضع الحالي، بل استخدم المعطيات الحالية لتعطيك نتائج مستقبلية متوقعة، فهذا ما تعلمته في عالم المال والأعمال وينطبق تماماً على حياتنا الشخصية.
 

العادات والسلوكيات وطريقة التفكير الحالية ماهي إلا مؤشرات واحتمالات لمستقبله أو لمستقبلها التي تأخذ الحصة الأكبر في التفكير قبل اتخاذ القرار والله ولي التوفيق.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.