شعار قسم مدونات

الجزيرة والغيرة الأخرى

blogs - aljazeera
بعد عشرين عاماً على انطلاقة قناة الجزيرة الفضائية وبعد ظهور عدد لا يستهان به من القنوات الإخبارية العربية التي تحاكي الجزيرة بمضامين وقوالب برامجها ونشراتها، وبعد فشل بعض القنوات في إبعاد الجزيرة عن ريادتها ومركزها الأول عربياً..

ها نحن اليوم وبعد حفل الانطلاقة الجديدة في 2016 نجد بعض الإعلاميين والمدونين والشخصيات الافتراضية في منصات التواصل الاجتماعي؛ يشنون حملة غير ممنهجة ضد القناة، مستعرضين الشكل والأسماء والمضامين التي تتشابه بقصد أو غير قصد مع غيرها، والاستعراض هذا يغلب عليه طابع التشفّي غالباً والشفافية أحياناً!

فيما يتعلق بالبرامج الصباحية عامة، فكل تلك البرامج مستنسخة من قوالب أجنبية خارجية فإن أول برنامج صباحي بدأ عام 1952 في أميركا في قناة "NBC".

بغض النظر عن كل تلك الآراء والمقارنات إلا أن هناك حقائق لا بد أن نؤكد عليها أولاً؛ فالجزيرة هي أول قناة إخبارية عربية نشأت عام 1996، ليأتي بعدها سيل من القنوات التي تم إنشاؤها لنفس الغرض من باب التقليد كمشروع بعيداً عن التوجهات والمضامين.

وعبر شاشتها آنذاك تم إذاعة أول نشرة إخبارية بتوقيت مكة المكرمة والتي قدّمها جمال ريان، أما اليوم فمجمل القنوات العربية تعتمد نفس التوقيت، ويبقى في الحسبان أن الجزيرة اليوم ليست قناة فضائية فحسب؛ إنما هي شبكة عالمية متكاملة تنافس الشبكات العالمية من حيث التنوع والانتشار.

ومن جهة أخرى أنا لا أنكر أبداً بعض التغييرات الواضحة الصريحة في أشكال بعض البرامج من ديكور وخلفيات وتصاميم؛ والتي تتشابه بقصد أو غير قصد مع باقي القنوات، ولكن ما تم محاولة إيصاله من خلال الحفل والنشرة الإخبارية الأولى أن الجزيرة اليوم تنبض بروح الشباب الذي بات ظاهراً في قناة الجزيرة، والذي يعبر عنه المدير العام للقناة ياسر أبو هلالة، والذي علّق على تلك التشابهات حين سأله أحمد منصور في حلقة خاصة من برنامج بلا حدود قائلاً بما معناه "أن ما أحدثته الانطلاقة من أثر في منصات التواصل الاجتماعي يسعدنا ويثبت أن الجزيرة هي القناة الأولى عربياً".

بغض النظر، فإن برنامج مثل "هذا الصباح" والذي تم الحديث عنه بأنه تقليد لبرنامج "صباح العربية" فإن هناك نقطة أحببت أن أضيء عليها فيما يتعلق بالبرامج الصباحية عامة، فكل تلك البرامج مستنسخة من قوالب أجنبية خارجية فإن أول برنامج صباحي بدأ عام 1952 في أميركا في قناة "NBC" وكان يطلق عليه اسم "today" وتوالت بعده البرامج المشابهة والمقلّدة.

الجزيرة منذ نشأتها تحاول أن يكون لها برنامج صباحي متألق؛ ولكن بيئة الدوحة وصغر مساحتها وعدم تواجد العرب من الجنسيات الأخرى بشكل كبير والذين يدعمون البرامج الصباحية عادةً بتنوع مشاربهم فيها؛ كان دائماً ما يقف عائقاً أمام لمعان هذه الفترة من اليوم لدى الجزيرة إضافة إلى القالب الجاد والجامد للقناة الذي يمنعها من الخروج الصباحي بشكل حيوي ومرن.

واليوم تحاول الجزيرة بعد أن أصبحت إدارتها أكثر حيوية وشباباً أن تطلق برنامجها الصباحي بشكل يحاكي البرامج الصباحية لا أكثر، وبرأيي الشخصي قد لا يكون لامعاً للأسباب الذي ذكرتها آنفاً مع أن قناة بإمكانيات الجزيرة يمكن أن يكون لها أكثر من أستوديو في أكثر من عاصمة عربية.

لا بأس لو أن قناة الرأي والرأي الآخر اقتنعت برأي القنوات الأخرى في الشكل والمظهر الجميل، وحافظت على مهنيتها ومضمونها.

أما بخصوص برنامج فوق السلطة والتشابه مع برنامج آخر يقدمه نديم قطيش، فقد تم اعتماد الصورة الأولى للحلقة الأولى لمقدم البرنامج نزيه الأحدب ومقارنتها بصورة قديمة تم اختيارها بعناية لتكون مطابقة بالألوان والأشكال، وللأسف فإن الاحتمالات لدى الرجال في اللباس محدودة أما النظارات فمن يعرف تاريخ نزيه الإعلامي يعلم جيداً أنه لا يخرج على الهواء بدونها، أما المضمون فلا شك فإن "فوق السلطة" أعم وأشمل، واللغة العربية الفصحى تجعل السخرية تتواقف من الجزيرة الجديدة.

وفي الوقت الذي يتم فيه "كشف الحقائق" ومقارنتها مع قنوات أخرى عبر مواقع التواصل الاجتماعي من تغريدات وفيديوهات ومنشورات وتدوينات وبعد سيل التحليلات والتعليقات، تواصل الجزيرة نشراتها وبرامجها وأنا أكتب التدوينة هذه أشاهد برنامجاً جديداً يظهر أيضاً للمرة الأولى وهو برنامج "ما خفي أعظم" بقالب استقصائي قديم بدأت به الجزيرة مع يسري فوده وتتابعه اليوم مع تامر المسحال بجودة أعلى ومضمون جديد يتطور مع الأحداث ويحافظ على الجوهر.

ولا بأس لو أن قناة الرأي والرأي الآخر اقتنعت برأي القنوات الأخرى في الشكل والمظهر الجميل -ربما- ويبقى المضمون والمهنية هو رأي الجزيرة الآخر الذي يميزها عن كل تلك القنوات ويجعل منها مدرسة يترصد الجميع أخطاءها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.