شعار قسم مدونات

طائفة تنهش أمة.. في تحليل الفوارق النفسية

BLOGS - IRAN

ما بدى لنا في بدايات بروز "النهضة الشيعية " في العالم المسلم .. حالة غير خطيرة على واقع الأمة.. كونها خارجة من ذات ظروف همومنا ومشاكلنا و" مظلوميتنا " الواحدة في تعامل العالم مع حقنا تجاه ثرواتنا وتحرر شعوبنا من الاحتلال والظلم..

تحول مع بدايات الربيع العربي .. لحالات مقيتة من نهش هذه الأقلية لحق الغالبية، ودخولها في مواجهة طائفية سافرة باسم مظلومية الإمام الحسين -رضي الله عنه- قُـتـلت فيها فكرة الحسين ذاتها في جسد كل طفل سوري، وأم عراقية، ورجل أحوازي تعلق على المشنقة..

وكان أحرى ب " شيعة الحسين " لو آمنوا بحقيقة دفاعه – فدته أمي – عن المظلومين ورفضه للاستبداد والتوريث ومطالبته بحق الأمة في اختيار حاكميها أن يرفضوا الظلم الحاصل على أبناء الشام والعراق واليمن ولو كان باسمهم وأفتى به أصحاب العمائم ..!

الشباب الشيعة مستعدون للتضحية وبذل الجهد والأثمان الباهظة من خلال التربية التي يعيشها كوادرهم.. مقارنة بشباب السنة الذين يغلب على طبعهم الرفاه والغنى والدعة!

وكنا نأمل أن يقود هذا الصعود لتوليد الفرصة في الدعوة لتحري الحق في قصص التاريخ والسعي المتجرد لتبيانه في مناظرات فكرية مع غالبية الأمة نبحث فيها سويا عن الجوامع، ونبدّل كثيرا من قناعتنا، ونعرف في الأسلاف الفاضل والمنافق، ونسعى في واقعنا لبناء حضارة منفتحة تجمع الفارسي والعربي والتركي في المحراب والجامعة ومختبر العلوم والعسكرة.. ما تبدد كله يوم ذُبح الهاتفون بذات فكرة الحسين العادلة..!
 

وبعد التأكيد على رفض التعميم المطلق تجاه أيٍ كان في هذه التدوينة ؛ فالشيعة منهم رافض للحادث نعتب عليه في صمته وضعفه في التغيير، والسنة منهم قوي مؤثر نفض غبار الدعة والوهن عن نفسه..

وبعد التأكيد على استحالة قيام نهضة حقيقة لطائفة عبّأت أبنائها على الكره والتمييز الطائفي وخالفت ما تدعو إليه وتؤمن به..

تقوم هذه السطور القادمة بمحاولة لتحليل أسباب الوهن الذي أصاب الأمة من منظور مقارنة السلوك الشخصي والنفسي الذي يحمله أبناء الطائفتين في المدى الذي قابلته وتفاعلت معه أقلها:

– فأول ما لاحظته هو حجم انسجام العموم الشيعي مع إحدى المرجعيات الدينية متمثلة في ولايتهم للفقيه بإيران مقارنة بالعموم السني الذي يبدع شبابه بالتصنيف والتقسيم للعلماء والمجامع الفقهية..

وتنتشر شعبية بعض المجامع الفقهية في مناطق وتجمعات حزبية على حساب أخرى، فضلا عن ضعف المتابعة الشعبية لتجمعات العلماء الكبرى كالإتحاد العام لعلماء المسلمين وهو مجمع عظيم لا تكاد تجد له متابعة كافية من قبل الشباب المسلم حول العالم..

– أما الملاحظ بعد هذا فقبول الكثير من الشيعة سابقا لكل أنواع الوظائف رفضا لحالة العجز والسلبية حال مُنعوا من التواجد في مجال ما، مع تكتلهم في بعض الأسواق الأمر الذي يوجد لهم نفوذا بها وأثرا من خلالها لو أرادوا الإضراب أو امتنعوا عن بيع صنف ما أو رفعوا سعره..

مقارنة بالعشوائية التي يعيشها شباب السنة في بعض مناطق الأكثرية، واشتراطاتهم الوظيفية الكثيرة، وكسلهم عن المبادرات التجارية.

– أما الفرق الجوهري بمنظوري فهو استعداد الشباب الشيعة للتضحية وبذل الجهد والأثمان الباهظة من خلال التربية التي يعيشها كوادرهم.. مقارنة بشباب السنة الذين يغلب على طبعهم الرفاه والغنى والدعة!
 

في القيام باللطم والتطبير عند كثير من الشيعة.. ما قد يبدو مادة مضحكة لعموم الناس وظاهرة للشماتة.. ومشهدا مهينا للإنسانية..

إلا أنه بموازاة ذلك وفي شق آخر منه: تربية وتدريب لعموم الشيعة على البذل حان الوقت، والدفع إن استدعى الفقيه الواجب للنفير الطائفي، وعدم الخوف من الموت، فضلا عن تهيئته المستمرة لممارسيه على الحرب والملاحم، واظهار الشجاعة تجاه الدم.

كما أن بنات الطائفة مدفوعون للتضحية في سبيل الإنجاب لتكثير التعداد والسواد، وقبول زواج الشيعة من مناطق متنوعة خارج نطاق البلد والقرية، بل والتعداد لأجل الإنجاب الكثير..

أضف إليه تلقي الكثير من أبنائهم تدريبات مع المليشيات الطائفية، واهتمامهم ببناء الأجسام والقوة! مقارنة بتربية الغالبية المرفهة عندنا لأبنائها على الرفاهية والكسل، وتحصيل الغالي من الثياب والطعام، وايجاد كل طلبات الأبناء حاضرة وسهلة المنال، إضافة للمتابعات العائلية لأحدث إصدارات هوليوود، ومنتوجات القنوات الفارغة..!

وتسير العائلات الملتزمة التي تختار "إسلام الراحة" المليء بالرقائق والروحانيات البعيد عن المغالبة والمفاصلة ومعاني الحياة المرتبطة بالقوة والإرادة وعزم التغيير في مسار تخديري خاص بها معزول عن العالم..

ربوا أبناءكم على حب الجنة أكثر من السرير، وكره النار أكثر من السجن، ومقت الظلم أكثر من خشية التضحية.

وكأن عمر بن الخطاب في وصيته بالسباحة والرماية والركوب للخيل .. صار جزءا من موروث غيرنا لا صلة لنا به..!

بملء الفيه أقول : ما لم نربي أبناءنا على استعداد التضحية، والجهاد في سبيل حقنا وفكرتنا.. فنحن أقلية.. تواجه أقلية والأقوى بين الأقليتين من استعد لمعركته جيدا..
 

ربوا أبناءكم على حب الجنة أكثر من السرير، وكره النار أكثر من السجن، ومقت الظلم أكثر من خشية التضحية، واستحضار النماذج البطولية في تاريخنا، واقطعوا عنا سيل الاستهلاك الأعمى لأفلام الوجبات السريعة والجنس، وتزوجوا من أصحاب الحق والفكرة..

لو عرفنا أن في الموت المحسوب حياةً للفكرة.. وأن خطى التضحية هي سبيل البناء الحضاري.. وأن جزءا من إعادة اللحمة الوطنية للمنطقة بكف هذا الإعتداء وتأديب أصحابه، فإنا بذلك نخطو بجدية تجاه العودة أمة لها وزنها في صراعات المنطقة ..! أو استمرئوا الوهن وتحسسوا رقاب أبنائكم!

ما الوهن؟ قال: "حب الدنيا وكراهية الموت " رواه أبو داوود

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.