شعار قسم مدونات

الحرية للألتراس.. الحرية لمصر

blogs- الألتراس مصر

"الحرية للألتراس" شعار ترفعه جميع حركات الألتراس في العالم بأسره لما تلاقيه من تضييق ومواجهات أمنية في كثير من الأحيان، هذا ولا يخفى على أحد بالطبع العداء المتبادل بين الشرطة ومجموعات الألتراس والذي يظهر جلياً في "فعل" الشرطة مع أفراد تلك المجموعات و"رد فعل" مجموعات الألتراس الذي تجسده بعض البنرات "Banners" التي لا تكاد تخلو منها المدرجات في العالم أجمع والتي تحمل عبارة (A.C.A.B) وهي اختصار لجملة معناها "جميع رجال الشرطة أوغاد".
 

غير أن أوجه هذا العداء الكامن بين كلا الطرفين يختلف من مكان إلى آخر، ففي البلاد التي تحظى بأنظمة تحترم حقوق مواطنيها وتعلي من مبادئ العدالة بين جميع أفرادها نجد أن الفيصل دائماً بين الطرفين هو القانون الذي لا يميز بين هذا وذاك، حتى أنه إذا كان التجاوز من قبل الشرطة ممثلة في أحد أفرادها لا يجد النظام غضاضة في ردع المتجاوز وتقديمه للمحاكمة.
 

تلك القضية التي بدت الشرطة وكأنها تحاول إيهام الجميع بأن البعض من جماهير الزمالك قامت بقتل البعض الآخر لمحاولة إلصاق التهمة بالشرطة!

أما في بلاد كبلادنا لا تكترث كثيراً لحقوق أي كائن حي وإذا ما وصفت توصف بالظلم حيث اتباع سياسة "سمك.. لبن.. تمر هندي" فقد يستخدم النظام العسكري "المعادي لكل ما يمت لثورة يناير بصلة" إحدى أذرعه الأمنية ممثلة في الشرطة في قتل 72 شاب داخل ملعب كرة قدم ولا يحاسب أحد، بل والأدهى أن تعاد الكرة مرةً أخرى ويقوم نفس الجهاز الأمني وعلى مرأى ومسمع من الجميع بقتل 20 مشجعاً آخرين أمام بوابة دخول ملعب كرة قدم آخر، ولا يكتفي النظام بأن يقيد القضية ضد مجهول بل يسارع بتسجيلها ضد الضحايا أنفسهم فتنصب محاكمة هزلية لستة عشر شاباً ممن أنقذتهم العناية الإلهية من الموت في تلك المذبحة بتهمة قتل أصدقائهم.
 

لا تتعجبوا فهذه هي التهمة التي يحاكم بها سيد المشاغب "قائد مجموعة ألتراس وايت نايتس" وخمسة عشر شاباً آخرين من أعضاء مجموعة الألتراس الأقدم في مصر، تلك القضية التي بدت الشرطة وكأنها تحاول إيهام الجميع بأن البعض من جماهير الزمالك قامت بقتل البعض الآخر لمحاولة إلصاق التهمة بالشرطة! على الرغم من الفيديوهات والصور الكثيرة التي تؤكد تورط الشرطة في تلك المذبحة بما لا يدع مجالاً للشك.
 

وتعود ملابسات تلك القضية إلى الثامن من فبراير لعام 2015 حيث لقى 20 مشجعاً زملكاوياً مصرعهم على أيدي قوات الشرطة بدون سابق إنذار أثناء استعدادهم لدخول ملعب الدفاع الجوي بالقاهرة، بعدها بأيام قليلة وحسب رواية المحامي الحقوقي أسامة الجوهري عضو هيئة الدفاع عن شباب الألتراس المحتجزين تواصلت مجموعة من الشخصيات التابعة لبعض الجهات السيادية مع سيد المشاغب بصفته قائد مجموعة الألتراس في محاولة منهم لاحتواء الأزمة وتهدئة الموقف..

ومن ضمن ما تم عرضه وقتها :أن يتم القبض على مرتضى منصور كشريك رئيسي في المذبحة لأيام قلائل ومن ثم يتم إخلاء سبيله وحفظ القضية لعدم الاستدلال علي الجاني، إضافة إلى حسم أمر عودة الجماهير إلى المدرجات، بالإضافة إلى منح سيد بعض المزايا الشخصية لتمرير هذه الأطروحة، غير أن رد سيد كان قاطعاً بالرفض وقال لهم نصاً: القصاص القصاص من كل من شارك في المذبحة و تسبب في قتل العشرين شهيداً وتحديداً "مرتضي منصور وضباط الداخلية" ولا تفاوض على دم الشهداء.
 

بعد فشل المفاوضات بدأت تلك الجهات في نسج خيوط المؤامرة الساذجة والتي تنم عن عقلية بائسة وعقيدة فاسدة وتلخص سيناريو هذه المؤامرة في اتهام سيد المشاغب نفسه بالاتفاق المسبق مع قيادات من جماعة الإخوان على قتل جماهير الزمالك عن طريق إحداث نوع من الهرج باستخدام الشماريخ التي أدت للتدافع في مقابل حصول سيد والخمسة عشر متهماً الآخرين على مبلغ خمسون جنيهاً ووجبة كومبو وشمروخ "هذه ليست مزحة بل هو ما جاء في تحريات جهاز مباحث الأمن الوطني بالحرف الواحد".
 

وعلى الرغم من سذاجة ما جاءت به تحريات الأمن الوطني إلا أن قاضي التحقيق في القضية المستشار وجدى عبد المنعم أراد وضع لمسته في القضية هو الآخر أو ربما بدا ولو أنه مؤمناً بخيال السيناريست الرائع ناصر عبد الرحمن والذي تجسد في المشهد الشهير من فيلم دكان شحاتة والذي جمع بين شخصيتي "كرم غباوة" و"شحاتة" بعد أن جمعتهما علاقة نسب فقال الأول للثاني: "شوف إحنا حنضرب الحشيش ونضرب البيرة ونضرب بعض".
 

الآن تمر الأشهر تلو الأشهر والقتلة يعيثون في الأرض فساداً منعمين بحرية كاملة غير منقوصة، وستة عشر شاباً يقضون أجمل سنوات عمرهم مكبلي اليدين خلف أسوار المعتقلات.

لم يعدو المشهد السينمائي سوى مشهداً كوميدياً من نسج خيال المؤلف، غير أن قاضي التحقيق التقط الخيط سريعاً من خيال المؤلف وأراد تجسيده على أرض الواقع كإحدى المسلمات في القضية.. وعلى هذا الأساس تم نسج هذه القصة الخيالية المسماة زوراً بالقضية، وبناء عليها تم إلقاء القبض على ستة عشر مظلوماً تم تعذيبهم بقسوة للتوقيع على أقوال وهمية تتفق مع التحريات "أم خمسين جنيه ووجبة كومبو"، وللأسف الشديد لم يجد هؤلاء المظلومين من ينصرهم ولو بشق كلمة.
 

والآن تمر الأشهر تلو الأشهر والقتلة يعيثون في الأرض فساداً منعمين بحرية كاملة غير منقوصة، وستة عشر شاباً يقضون أجمل سنوات عمرهم مكبلي اليدين خلف أسوار المعتقلات بل ومنهم من حرم رؤية ذويه ووضع رهن الحبس الانفرادي كما هو الحال مع سيد المشاغب، فهل ستنتهي هذه المحاكمة الهزلية كما يريد الطغاة أم أن القدر لن يمهلهم كثيراً وستستبدل هذه الزنازين قاطنيها من الشباب الطاهر النقي المتطلع إلى الحرية بهؤلاء الفسدة الظلمة الذين يقومون ليل نهار بفعل الأفاعيل بمصر وشعبها دون إكتراث؟!

وحتى نصل إلى مشهد النهاية في هذا الفيلم الهزلي مسترجعين حقوق الشهداء وبراءة المظلومين في آن واحد، لا يسعنا سوى أن نهتف بصوت واحد رافعين شعاراً واحداً "الحرية للألتراس.. الحرية لمصر".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.