شعار قسم مدونات

شعوب بلا تعليم.. بلا حياة

blog تعليم
 
من قال لك إن الحياة في المأكل والمشرب والزواج فقد خلع عنك الصفة البشرية؛ الإنسان البدائي كان همه الأول ليس كما يدعي البعض الحصول على الطعام والشراب والأمان، بل كان همه الأول بناء حياة ومجتمع وتعلم كل ما هو جديد وتوثيقه ونقله للأجيال التي تليه، وإلا ما كنا نجد النقوش على الجدران والصخور حتى لا يضيع جهده وتجاربه التي تعلم منها كي تقوم الأجيال التي تليه بالبناء عليه.

الإسلام كحضارة ومعرفة لم يدخر جهدا في توثيق ذلك العلم ونشره إلى البشرية، وإلا ما كنت وجدت حضارة للغرب الآن، فما فعلوه هو البناء على ما وصل له المسلمون.

هذا ما سبق أن أردنا تأصيله كمعنى مهم في ذلك الوقت، فما أصبح التعليم لأمتنا كمشاريع قومية إلا إدعاءات و احتفالات بريادة وهمية كلما تبحث عنه تجده أمجادا شخصية.

إستراتيجيات التعليم تحتاج أن نخلع عباءة الاعتماد والتوثيق، وأن جامعاتنا ومدارسنا الأفضل في العالم (بارانويا)

إلي كل من تصدر المشهد في إدارة العملية التعليمية بوطننا الإسلامي والعربي، هل تدرون أنكم تسلبون ببيروقراطيتكم وسفسطة العديد من خبرائكم الذين يعيشون بقاعدة هذا ما عهدنا عليه أباءنا التنفس بهواء نقي؟

أنتم تحرمون الطفل والشاب والرجل والفتاة والمرأة الحق في الحياة؛ فالتعليم ليس أوراق ووثائق واعتمادات، بل أصبح هو الهواء الذي نستخلص منه ما يفيد أمتنا (الأكسجين) ونطرد منه ما يغير هويتنا (ثاني أكسيد الكربون).

والكل يبحث عن السبيل للنجاة من مهاترات التعليم، ونجد العديد من الدول العربية تدعي أن لديها إستراتيجية ورؤية للتعليم، وعندما تغوص في تفاصيل إستراتيجيتهم تجد أنها مجوفة بلا آليه للتطبيق وبلا مؤشرات أداء رئيسية وفرعية وبلا خطط تشغيلية، وأن كل ما يتخذ من قرارات هو رد الفعل لحلول عاجلة أو تقليد أعمي أو تجارب من هنا وهناك دون طريق واضح؛ لماذا نجرب من هنا وليس من هناك؟

إستراتيجيات التعليم تحتاج أن تأتي بمن يقومون ببنائها لك بناء على الواقع الفعلي والمدخلات والمخرجات الواقعية، وليس قص ولصق من إستراتيجيات الدول، وعند التطبيق تجد أن الإستراتيجيات ستظل حبيسة المواقع الإلكترونية وأدراج المكاتب.

إستراتيجيات التعليم تحتاج أن نخلع عباءة الاعتماد والتوثيق، وأن جامعاتنا ومدارسنا الأفضل في العالم (بارانويا).

إستراتيجيات التعليم تحتاج أن يكون لك دليل من خلال اتخاذ إستراتيحية دولة ناجحة ودراسة تجربتها من خلال كوادر مؤهلة من عندك تأهيلاً واقعيا، وليست أوراق شهادات تدريبية لا تساوي قيمة الحبر التي كتبت به.

إستراتيجيات التعليم تحتاج معلما مؤهلا، ولا تقنعني بأن المدرس الذي مرّت من عمره أربعون عاما قادر على التطوير والتغيير، استثمر في الجامعات والمعاهد المؤهلة للمدرسين فهم الجيل القادر على التغيير واقعيا.

كلنا فقد لوقت ليس قصيرا الحياة (التعليم) فهل تعود لنا يوما ما؟

إستراتيجيات التعليم تحتاج أن نبني طالب علم يسعى للفهم من أجل الحفظ والمراجعة وليس الحفظ من أجل امتحان نهاية العام.

إستراتيجيات التعليم تحتاج نظم اختبارات تراكمية تستهدف تقييم الطالب طوال العام وليست ساعات محددة في امتحان نهاية العام.

ويطول الكلام والشرح في هذا الشأن، ولكن أقف هنا على مشهد نراه كثيرا وبشكل شبه يومي من خلال التعاملات اليومية في شخص حرم التعليم (الأكسجين)، فنجد الكثير منهم يفتقد العديد من أساليب مواجهة تحديات الحياة، فما نجده يخرج لنا في المجتمع سوي أخلاق ومعاملات أشبه بغاز (ثاني أكسيد الكربون).

لن تستقيم حياتنا إلا بالتعليم
لن تعود حضارتنا إلا بالتعليم
لن يحدث التوافق السياسي بدولنا إلا بالتعليم
لن تجد "الموتور" العربي والإسلامي تدور بها مصانعنا إلا بالتعليم
لن يأتي لك الغرب ليشاركك عاداتك وهويتك ويقوم بتقليدها والتشرف بذلك إلا بالتعليم
ولن … ولن… ولن
كلنا فقد لوقت ليس قصيرا الحياة (التعليم)، فهل تعود لنا يوما ما؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.