شعار قسم مدونات

دراما المبدع العربي

bogs - children

نسمع الكثير عن مسابقات ومؤتمرات معنونة بالإبداع والمبدعين والمحافل والمعارض الخاصة بهم. 
وفي صورة لامعة بهية يظهر ذاك المبدع على أحد منصات الإعلان العربي ليشرح ويفصل عن إبداعه.

الأهم من ذلك يذكر الجهة التي دعمته، فيذيع صيته فترة، ثم يختفي فجأة ذلك المبدع بلا سابق إنذار ودون نتائج حقيقية ومتوقعة.

هذه القصة القصيرة.. ما هو الإشكال الضمني لو فكرنا فيها؟

دعم المشاريع الإبداعية لا يخلو من عقود طويلة الأمد ومبلغ ومدة محددة واستهلاك غير فعال لذلك الإبداع، وانتظار نتائج خلال فترة قصيرة، وإلا توقف الدعم

البعد عن حقيقة الدعم وكونه مهما مشروطا من مستثمرين عرب بشروط غير منطقية؛ أمر يضع المبدع في زاوية حرجة، مرغما على الموافقة ومبديا فرحه ومصدقا كذبة كونه قد وجد دعما لإبداعه.

الدعم لا يخلو من عقود طويلة الأمد ومبلغ ومدة محددة واستهلاك غير فعال لذلك الإبداع، وانتظار نتائج خلال فترة قصيرة، وإلا توقف الدعم.

هذا حال كثير من الشباب المبدع المسكين، ولا ننسى استعجال النتائج والمنتج النهائي لهذا الإبداع، إلى أن يتم استهلاك المبدع في تلك المنصات الإعلانية التي تفيد سمعة وصيت المستثمر والداعم.

نستنج من ذلك أن الهدف كان من البداية ولا يزال هو الاستعراض وتلقي المديح فقط في المحافل والمعارض الدولية، وأن "س و ص" هو الراعي الرسمي.

 لم يفهم ذاك المستثمر أو الراعي أن المبدع وعقليته هي رأس مال كثير من دول العالم التي نحذو حذوها مثل اليابان والولايات المتحدة وشركاتهم.. فشركة مثل غوغل أو فيسبوك أو غيرهم من الممكن أن يجذب انتباههم مجرد فكرة إبداعية من شخصص ويقدموا له الدعم الكبير وهو ما زال في البداية.

يدعمونه دون شروط في البداية، ويصبون جل اهتمامهم على أبحاث علمية قد تكلف الكثير، يدعمونه معنويا وماديا ولا يسمحون باستقطابه؛ لأنهم يدركون بأنه رأس المال في المستقبل القريب على أقل تقدير. بعد ذلك تجدهم يشاركون في تلك المحافل الدولية والاستعراضية. ولا يستعجلون النتائج والمنتج النهائي لذلك الإبداع دون تدريب وبحث قد يكلف سنوات عديدة عوضا عن الأموال.

لا يلام المبدع العربي في نقده للعالم العربي وهربه نحو الشرق والغرب ليتلقى الدعم الحقيقي لا الاستعراضي والاستهلاكي، فنحن نتشارك معهم تلك المعارض، ولكن في منتصف الطريق لا بدايته، وهو ما سيظهر إذا ما تعمقت حقيقة في البحث العلمي التي لازمت ذلك المبدع، فجل الاهتمام في المظهر لا الجوهر. 
 

لا يلام المبدع العربي في نقده للعالم العربي وهربه نحو الشرق والغرب ليتلقى الدعم الحقيقي لا الاستعراضي والاستهلاكي

فبعد الكثير من تلك القصص القصيرة المتكررة في العالم العربي، ينبغي إدراك أن المشكلة تكمن في أمر دون أمر، تكمن المشكلة في حاضنات الإبداع لا المبدع.

حاضنات الإبداع الشكلية تبقى مجرد شكل غير مفيد وغير منتج كما هو متوقع من ذلك الإبداع
فالإبداع والمبدع ينتج في بيئات خصبة خاصة، فمن المستحيل أن ينمو في غير طقسه وموسمه وظروفه.
 

ومشكلة أخرى هي عدم تكافؤ الفرص مع عدد المبدعين، فإذا سخر المبدع جل وقته في البحث عن داعم له فذلك فعلا مضعية للوقت إذا ما قورن باستغلال المبدع لوقته وجهده في إبداعه.

فمن باب دعم الإبداع ينبغي تيسيير قنوات الاتصال ونشرها وعدم إخفائها والعمل على حصرها في أماكن معينة.. أماكن قد تكون بعيدة عن المؤسسات التعليمية الأساسية مما يجبر المبدع على البحث كما ذكرت آنفا.
 

التغافل عن حقيقة أن المبدع هو العقلية الأكثر كفاءة من غيره في أي ميدان
ينشر ثقافة عدم الاهتمام في الإبداع، أو التشكيك في فائدته الحقيقية
حتى تصبح ثقافة مجتمعية في السخرية من المبدع.

فيقال له.. استغل وقتك في ما يجلب المال مباشرة.. لم يعلموا -كما علم اليابانيون- أن "رأس المال" يُجلب من الإبداع والمبدعين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.