شعار قسم مدونات

النخبة لا الشعب

blog-مصر

كثيرا ما تكال التهم للمصريين على كل شاردة وواردة، فالشعب المتهم الأول والأخير في كل شيء. وهذا أمر به مغالطة تستوجب الحذر لأنها تغرس السلبية وتؤدي لنتائج غير محمودة.

وأعتقد أن الأزمة الأكبر في النخب لا الشعب، فنخبة الشعب المصري وأحزابه تحتاج إلى مراجعة لمواقفها وإنجازاتها قبل توجيه سهام النقد للمصريين بشكل عام.

موقعة الجمل في 2 فبراير 2011، محطة فاصلة في الثورة المصرية، وشاهد على تضحة الشعب المصري لا نخبته، فلولا ثبات الشباب في ذلك اليوم لوئدت الثورة

وفي مقارنة سريعة لمحطات فاصلة خلال الخمس سنوات الماضية سنجد هوة كبيرة في المواقف، ففي الوقت الذي قدم شطر كبير من المصريين تضحيات جسام، راحت نخبته بتهور لافت تتصابى في مواقفها السياسية بشكل عجيب!.

أولا وبشهادة الجميع فإن ثورة يناير لم تكن ذات قيادة، أو بمعنى أدق لا يدعي أحد أنه مفجر الثورة أو أنه قائدها، والفضل يعود للشباب المصري الطاهر الذي قدم روحه وحياته من أجل كرامة وطنه.

وفور اندلاع الثورة ظهر كثير من "النخب الحزبية" في "الصور" والساحات والفضائيات باعتبارها أيقونة الثورة وهو أمر على غير الحقيقة، فالشعب كان سباقا لنخبته.

"موقعة الجمل" في 2 فبراير 2011 محطة فاصلة في الثورة المصرية، وشاهد على تضحية الشعب المصري لا نخبته، فلولا ثبات الشباب في ذلك اليوم لوئدت الثورة مبكرا ولكان مبارك جالسا في كرسيه حتى الآن ولعلقت المشانق للجميع.

إعلان التنحي شكل اختبارا حقيقيا للكفاءة السياسية للنخبة المصرية، إذ إنها لم تكن ترسم سيناريو واضحا لما بعد التنحي، وتناست أن زوال مبارك رأس النظام لا يعني أن النظام سقط، وذلك واحدة من أكبر أخطاء النخبة المصرية، بل واحدة من "كوارثها" إذ تصورت أن المجلس العسكري سيسلم السلطة لأخرى مدنية، وكأن اللواء محمد نجيب لم يدون في كتابه "كنت رئيسا لمصر" بقوله: "إذا ما خرج الجيش من ثكناته فإنه حتماً سيطيح بكل القوى السياسية المدنية، ليصبح هو القوة الوحيدة في البلد.. وأنه لا يفرق في هذه الحالة بين وفدي وسعدي، ولا بين إخواني وشيوعي.. وأن كل قوة سياسية مدنية عليها أن تلعب دور القيادة العسكرية الدكتاتورية ثم يقضي عليها".

غدا للمصريين برلمان بعد الثورة، لكن النخبة عجزت عن المضي قدما في حماية الثورة، وأداؤها "الطفولي" في البرلمان خير شاهد ويوتيوب يسجل ذلك جليا

الكارثة التالية للنخبة المصرية، أنها تركت مقاليد إدارة البلاد للمجلس العسكري، وأفرغت الميادين من الثوار، وظنت أنها بالفضائيات قادرة على دحر العسكر، الذي كان ينحني للعاصفة ليعيد ترتيب أوراقه هو وداعموه.

قانون الأحزاب الذي صدر في 23 مارس 2011، أظهر المزيد من ضعف النخبة المصرية التي عجزت عن كسب المؤيدين لها ولبرامجها، بينما كان يستحوذ على الساحة حزبين إسلاميين رئيسيين، هما حزب الحرية والعدالة بالإضافة إلى حزب النور.

جاءت انتخابات البرلمان لتكشف عن وجه آخر مشرّف للمصريين، وجه دستوري بامتياز بعد أن أظهروا وجه ثوري رائع. ودهش العالم من طوابير المصريين التي أصرّت على إبداء رأيها في مشهد لن ينساه المصريون أبدا ولا التاريخ.

وفي نهاية الأمرغدا للمصريين برلمانا بعد ثورة، لكن النخبة عجزت عن المضي قدما في حماية الثورة وأداؤها "الطفولي" في البرلمان خير شاهد واليوتيوب يسجل ذلك جليا.

في مقال ثان نكمل التباين الكبير في مواقف المصريين ونخبتهم لندفع اتهامات لا تتوقف عن هذا الشعب الذي قدم وما يزال الكثير من أجل حريته التي سيدركها يوما.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.