شعار قسم مدونات

ويستمر الانقسام السياسي باستمرار العبث النخبوي

blogs libya
 
رفض البرلمان الليبي منح الثقة لحكومة الوفاق التي شكلها المجلس الرئاسي، وللمرة الثانية. فقد رفض البرلمان الحكومة الأولى التي تكونت من 32 حقيبة في فبراير المنصرم، وكان أحد أسباب التحفظ هو العدد الكبير من الوزراء، الأمر الذي استجاب له الرئاسي بتقليص الحكومة إلى 18 حقيبة، غير أنه لم يفلح في نيل ثقة البرلمان.

وقبل الخوض في أسباب رفض البرلمان منح الثقة للحكومة وتداعيات هذا الرفض ينبغي الإشارة إلى أن اجتماع البرلمان يكشف عن خلل كبير يقدح في شرعية الاجتماعات وشرعية ما يصدر عنها من قرارات.

الرافضون للحكومة يتحفظون على ترشيح العقيد المهدى البرغثي القائد الميداني في الحرب الدائرة في بنغازي ضمن عملية الكرامة لحقيبة الدفاع

أولى أوجه القدح هو ما يذهب إليه عدد من المراقبين من أن البرلمان لا سلطة له لمنح الثقة للحكومة وفق الاتفاق السياسي، بمعنى أن دوره الرقابي والتشريعي يبدأ بعد اكتمال مخرجات الاتفاق بما في ذلك تشكيل الحكومة، وليس قبلها.

ثاني أوجه القدح هو أن البرلمان منذ قرابة العام لم ينجح في عقد اجتماع مكتمل النصاب القانوني، ونجح رئيسه وبعض الفاعلين من أعضائه في تجاوز هذا المحظور القانوني وتمرير اجتماعات وقرارات دون تحقق النصاب.

ثار جدل حول تمام النصاب من عدمه في جلسة الاثنين، لكن وبحسب المعلن فإن رفض منح الثقة للحكومة وقع بتأييد فقط 61 عضوا، بالمقابل فإن عدد الأعضاء الذين وافقوا في مايو الماضي على اعتماد الحكومة ووقعوا على عريضة بإقراراها بلغ 101 عضوا، غير أنهم أخفقوا في عقد لقاء صحيح بسبب نجاح أقلية نافذة في إفشال الاجتماع، فكيف يصبح قرار الأقلية هو الراجح والرسمي؟!

الرافضون للحكومة يتحفظون على ترشيح العقيد المهدى البرغثي القائد الميداني في الحرب الدائرة في بنغازي ضمن عملية الكرامة، لحقيبة الدفاع. ومعلوم أن البرغثي وعدد من القادة الميدانيين في بنغازي في خصام اليوم مع خليفة حفتر.

رفض منح الثقة للحكومة، الذي سيكون موقفا رسميا برغم الخلل الذي أشرنا إليه، سيترتب عليه أحد سيناريوهين:

الأول هو رضوخ المجلس الرئاسي لموقف البرلمان والشروع في التفاوض لأجل تشكيل حكومة جديدة ينبغي أن يراعى فيها اشتراطات محددة اختصرها العضو عن البرلمان والعضو المقاطع للمجلس الرئاسي، علي القطراني، في:
– تثبيت خليفة حفتر في المشهد السياسي والأمني الجديد.
– استبعاد المهدي البرغثي من وزارة الدفاع ومن الحكومة.

من صوتوا ضد الحكومة مصرون على فرض أجندتهم، وقد طرحوا فكرة حكومة طوارئ يشكلونها هم، ويدركون أنهم لا نفوذ لهم دون عوائد النفط

السيناريو الثاني يتأسس على نجاح الرافضون لشروط البرلمان داخل المجلس الرئاسي في منع رضوخ الأخير لمطالب البرلمان، ويعني هذا الاستمرار في تفويض الحكومة الحالية للعمل، وهو سيناريو متوقع ويمكن أن يؤدي إلى إضعاف البرلمان وجر المتشددين فيه للتراجع عن مواقفهم، خاصة في حال راهن المجتمع الدولي والأطراف الفاعلة فيه على هذا الخيار.

الخلاصة أن ما وقع الاثنين الماضي لا يمكن أن يكون خادما للوفاق، بل هو اتجاه لتكريس الانقسام وربما الانتقال به إلى مرحلة أخرى من خلال فتح جبهة جديدة للصراع المسلح ساحتها مناطق حقول وموانئ النفط.

فمن صوتوا ضد الحكومة مصرون على فرض اجندتهم، وقد طرحوا فكرة حكومة طوارئ يشكلونها هم، ويدركون أنهم لا نفوذ لهم دون عوائد النفط والتي يمكن أن يفشلوا في تحصيلها في حال نجح الانفاق الأخير بين حرس المنشآت النفطية المسيطر على الموانئ وبين المجلس الرئاسي والذي يقضي بإعادة تصدير النفط، ومن الواضح أنهم يمهدون لتعبئة انطلقت على مسارين:

– تجهيز قوة عسكرية للسيطرة على الحقول والموانئ وقد تحركت القوة بالفعل مؤخرا صوب الحقول والموانئ.
– ممارسة ضغوط اجتماعية أُعلن عنها في اجتماع قبيلة المغاربة التي ينتسب لها عدد كبير من حرس المنشآت.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.