شعار قسم مدونات

5 أشياء تمنع وقوع الربيع العربي في الجزائر

blogs - علم الجزائر
شهدت عدة مدن جزائرية في الأيام الماضية مظاهرات وعمليات حرق وتكسير لممتلكات عامة احتجاجا على قانون المالية الجديد الذي دخل حيز التنفيذ مع بداية السنة 2017، والذي جاء بزيادات معتبرة في الأسعار، الشيء الذي دفع الكثير من الشباب إلى الاحتجاج بطريقة عنيفة، مما جعل الجزائريين يتوجسون خيفة وينددون بما حدث خشية أن تكون شرارة لربيع عربي يمتد للجزائر وهو ما لا يتمناه الجميع، والجميع متيقن في الجزائر بأن الربيع العربي لا يمكن أن يكون له موطئ قدم لخمسة أسباب

1- تجربة العشرية السوداء
العشرية السوداء التي عرفتها الجزائر في تسعينيات القرن الماضي كانت بمثابة الكابوس بالنسبة للجزائريين، حيث أصبح الجزائري لا يأمن على نفسه في أي مكان سواءً في المنزل أو العمل أو حتى في المسجد، وأصبح القتل بالجملة، فقد طالت يد الإرهاب الجميع واختلط الحابل بالنابل، وفقدت الجزائر حوالي 200000 قتيل في هذه الفترة الصعبة من تاريخها، والجزائريون على اختلاف توجهاتهم ومشاربهم لا يودون أن تتكرر عليهم مآسيها وآلامها ولا حتى تبعاتها، مهما كان الواقع الذي يعيشونه سواء الجانب الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي.

السلطة في الجزائر تستعمل شعرة معاوية فكلما كان هناك احتقان شعبي، دفعت بعدة إجراءات سياسية واقتصادية لامتصاص الغضب الشعبي.

2- طبقة سياسية واعية
مع بداية الأحداث الأخيرة (جانفي 2017 ) سارعت كل النخب السياسية للتنديد بها واستنكار أعمال التخريب التي طالت مؤسسات الدولة والشغب الذي جرى في الشوارع، ولم تكن ردة الفعل هذه وليدة الصدفة فالطبقة السياسية في الجزائر لها تجربة سياسية طويلة ترجع إلى مرحلة الاستقلال فقد تشكلت أول معارضة سياسية بقيادة المجاهد الكبير حسين آيت أحمد رحمة الله عليه والذي رفض سلطة الأمر الواقع بعد الاستقلال 1962، لكنه وعند نشوب حرب الرمال بين الجزائر والمغرب سنة 1963 تخندق مع السلطة لأن المصلحة الوطنية حتمت عليه ذلك، ومن الأمثلة الشاهدة على نضج النخبة السياسية موقف الشيخ محفوظ نحناح -رحمة الله عليه- إذ منع من الانتخابات الرئاسية لسنة 1999 رغم مشاركته في الانتخابات التي سبقتها 1995، ومع كل هذا اتخذ موقفا غير متوقع في حينها وهو دعم مرشح السلطة السيد عبد العزيز بوتفليقة لأن البلد لم تكن تحتمل صراعات سياسية أخرى تنجم عنها أزمات لا يطيقها الجزائريون، ومن هنا فإن النخبة السياسية في الجزائر ناضجة وتعلم مآلات الأحداث.

3- مأساة سوريا
من النقاط المهمة التي تمنع وقوع الربيع العربي بالجزائر مأساة سوريا التي فاقت كل الحدود، ملايين المهجرين واللاجئين، مئات الآلاف من القتلى، مدن سويت بالأرض، والأهم من ذلك مجتمع دولي متواطئ مع النظام، ملطخ بدماء الأطفال والنساء والشيوخ، بل يسنده ويمده بالعون، ما أطال في حياته وفي امتداد المأساة وتوسع رقعتها، وكأنما أريد لها أن تكون عبرة للشعوب التي تريد التغيير، هذه الصورة الماثلة أمام الشعب الجزائري جعلته يقتنع أكثر من ذي قبل بأن خيار الربيع العربي خيار غير مجدي لتغيير الأوضاع، ووحده النضال السلمي الجاد هو الحل لكل الأزمات.

4- شعرة السلطة
السلطة في الجزائر تستعمل شعرة معاوية فكلما كان هناك احتقان شعبي، دفعت بعدة إجراءات سياسية واقتصادية لامتصاص الغضب الشعبي، وكلما كانت غفلة من الشعب مررت العديد من القوانين والمشاريع، الأمر الذي طبقته في أحداث الزيت والسكر جانفي 2016، حيث خرجت احتجاجات في مدن عديدة للمطالبة بخفض الأسعار، مما جعل الرئيس يتدخل في خطابه الشهير 15 أفريل 2011، والذي أعلن فيه جملة من الإصلاحات، هكذا نجحت السلطة بسياستها تجنيب الجزائر الربيع العربي ومآسيه.

5- علاقة مميزة بالجيش
لعبت العلاقة بين الشعب الجزائري والجيش دورا مهما في تحقيق الاستقرار وتجنيب البلاد ربيعا عربيا، باعتبار أنه سليل جيش التحرير الذي حرر البلاد من الاستعمار الفرنسي، كما ساهم في حماية الجزائر أثناء العشرية السوداء، لذا يحفظ الجزائريون لجيشهم هذه المكانة المتميزة، فأصبح الضمان لأمانه، خاصة في ظل ظروف صعبة محيطة في غاية الخطورة (ليبيا، مالي، تونس إلى حد ما).

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.